في الوقت الذي اتجهت فيه أنظار وسائل الإعلام منذ يوم الجمعة الماضي إلى رصد معاناة مئات المغاربة، سواء السياح أو المهاجرين أو العمال الحدوديين، العاقلين في ظروف غير إنسانية في الثغرين المحتلين سبتة ومليلية ومدينة الجزية الخضراء الإسبانية بعد الإغلاق الشامل لكل المعابر الحدودية بالمغرب، خوفا من انتشار فيروس كرونا المستجد على نطاق واسع؛ يَطَالُ النسيان مئات المغاربة العاقلين، أطفالا ونساء، في مخيمات الاحتجاز التابعة لقوات سوريا الديمقراطية (قسد) والتي ترعاها الولاياتالمتحدةالأمريكية. ويتعلق الأمر بأسر الدواعش المغاربة المحتجزة منذ بداية نهاية التنظيم الإرهابي سنة 2018، لكنهم يواجهون، اليوم، شبح فيروس كورونا الفتاك في ظروف تفتقر إلى أدنى شروط العيش والوقاية، لاسيما في ظل غياب التطبيب والدواء ووسائل التعقيم. في هذا الصدد، كشفت مصدر لجريدة “أخبار اليوم” من داخل أحد مخيمي (الهول وروج) أن حالة من الهلع والخوف تخيم على المغربيات وأطفالهن بسبب الأخبار المتسارعة التي يقرؤونها ويسمعونها عن عدد الإصابات والوفيات في مختلف دول العالم، التي “لديها أنظمة صحية متطورة وقوية، فكيف يمكن الارتياح في هذا المخيم الذي يفتقر إلى التطبيب العادي”. وازدادت مخاوف الأمهات المغربيات بعد ارتفاع عدد الإصابات في تركيا، إذ سجلت 12 حالة جديدة يوم أول أمس الاثنين ليصل المجموع إلى 47 إصابة، و93 حالة إصابة بالعراق، فيما يعم التكتم في سوريا بخصوص الحالات المسجلة، وهذه كلها دول تحيط بالمخيمات التي توجد فيها أسر الدواعش المغاربة في شمال سوريا. إحدى الأسر المغربية العالقة في مخيم قالت ل”أخبار اليوم” إنه لم تسجل أي حالة إصابة في المخيم الذي تتواجد فيه، مشيرة إلى أن “قسد” قررت بدء عملية تعقيم المنطقة. كما أن أعمال توسيع المخيم لازالت مستمرة، إذ يُرجح أن يتم تجميع المخيمين في مخيم واحد. ووفق المعطيات التي حصلت عليها الجريدة، فإن “قسد” تفكر في إلحاق آلاف الأسر المحتجزة في مخيم “الهول” بمخيم “روج”. هذا الأخير يعتبر أحسن حالا من الأول، لأنه يضم عددا قليلا من الأسرة، كما أن المحتجزات في “روج” يعتبرن معتدلات مقارنة مع تطرف الموجودات في “الهول”. وتابعت الأسرة ذاتها أن عملية تموين المخيم متواصلة بشكل عادية، لكن قنينات التعقيم الصغيرة ارتفعت أسعارها بشكل كبير. واعترفت الأسرة أنها اقتنت قنينة واحد ب”100 درهم مغربية”. وأوردت أن الإحساس السائد لدى كل المغربيات في المخيم في ظل انتشار كورونا المستجد هو “الخذلان والخوف”، مؤكدة أن “الكل هنا أصبح يتمنى أن يموت ببلده وبين أهله، وإن كان حتى بالفيروس”. ودعت السلطات المغربية إلى التدخل لإجلائهن رفقة أطفالهن، لأنه استبد بهم الخوف والهلع قبل كورونا. وتفيد المعطيات الآتية من شمال سوريا أن مخيم “روج” يضم 18 مغربية، 30 طفلا، علاوة على بعض المغربيات الحاملات للجنسية الأوروبية. بينما توجد الأغلبية الساحقة من المغاربة في “الهول”. وتبين المعطيات ذاتها أن قوات “قسد” تتجه إلى إغلاق جميع المعابر البرية، خوفا من انتقال الفيروس إلى المناطق التي تسيطر عليها. يشار إلى أن عدد المغاربة الذين التحقوا بمناطق التوتر في سوريا والعراق بلغ 1659، نحو 742 قتلوا، فيما 260 عادوا إلى المملكة وتم اعتقالهم. عبد الحق الخيام، مدير المكتب المركزي للأبحاث القضائية، أكد مؤخرا أن 280 مغربية رافقن أزواجهن إلى سوريا والعراق، فضلا عن وجود 391 قاصرا هناك. فيمتا التحق 155 مغربيا بصفوف الجماعات الجهادية في بؤر التوتر من إسبانيا، من أصل 248 مقاتلا أجنبيا خرجوا من الجارة الشمالية من مختلف الجنسيات. وعن هؤلاء تقول السلطات الإسبانية إن 133 منهم لازالوا منتشرين في بؤر التوتر، فيما قتل 68 جهاديا، وعاد 47، بينهم مغاربة، وفق ما أوردته صحيفة “إلباييس” في إطار مواكبتها مستجدات الجهاديين الإسبان والمغاربة في سوريا.