مع دخول ملف ما عُرف إعلاميا ب”فضيحة الماستر مقابل المال”، مرحلتها الحاسمة، وشروع المحكمة في استنطاق المتهمين ومواجهتهم بتقارير وزارة التعليم العالي والبحث العلمي وتكوين الأطر، وكذا شهادات وتصريحات الشهود أغلبهم من الطلبة ومسؤولي جامعة ظهر المهراز، والتي هزتها فضيحة الماستر عشية الدخول الجامعي (2018-2017)، تفاجأ جميع الحاضرين من المحامين والمتتبعين خلال جلسة الثلاثاء الماضي، بانسحاب القاضي محمد اللحية، صهر وزير الاتصال السابق، محمد الأعرج، والمالك الأصلي لماستر “المنازعات العمومية” المعروض على المحكمة، حيث أعلن القاضي تخليه عن النظر في ملف الماستر بغرفة الجنايات الابتدائية لدى محكمة الجرائم المالية، بعدما ظل نفس القاضي يُتابع هذه القضية منذ إحالتها عليه من قبل قاضي التحقيق في شهر نونبر 2019. وحل محل القاضي محمد اللحية، زميله القاضي عبد الحميد المغراوي، وهو عضو بنفس هيئة غرفة الجنايات الابتدائية بقسم الجرائم المالية التابع لمحكمة الاستئناف بفاس، حيث كُلف بالنظر في ملف “ماستر فاس” فقط، فيما احتفظ القاضي محمد اللحية بترؤسه للهيئة التي تنظر في باقي الملفات المعروضة عليها، كما حصل بجلسة الثلاثاء الماضي، قبل أن ينسحب من الجلسة خلال عرض المحكمة لملف الماستر. الخطوة اعتبرها مصدر قريب من الموضوع، بأنها رغبة من القاضي اللحية للتنحي قبل الشروع في مناقشة جوهر فضيحة الماستر بفاس، والخروج من الهيئة التي تنظر في قضية “ماستر المنازعات العمومية”، وهي القضية التي ارتبط اسمها، يردف المصدر نفسه، بصهر القاضي المنسحب من هيئة المحكمة، وزير الاتصال السابق، محمد الأعرج، بصفته الأستاذ الجامعي بكلية الحقوق بفاس، والذي إليه يعود فتح هذا الماستر لأول مرة خلال الموسم الجامعي 2006-2007، قبل أن يتخلى عنه خلال استوزاره بحكومة سعد الدين العثماني في نسختها الأولى، وزيرا للثقافة والاتصال، فيما تسلم منه مسؤولية تدبير هذا الماستر، والذي عرف إقبالا لافتا من قبل الطلبة والموظفين على الخصوص بسلك القضاء والجماعات الترابية، الأستاذ الجامعي وعضو “ترانسبرانسي المغرب”، عبد الله الحارسي، المتابع حاليا في قضية “الماستر مقابل المال”. من جهته، قال مصدر قضائي ل”أخبار اليوم”، إن ملف “ماستر فاس”، المعروض على القضاء، لا يوجد ضمن وثائقه ما يبرر تخلي القاضي محمد اللحية بجلسة الثلاثاء الماضي عن مهمة ترؤسه للهيئة التي تنظر فيه، وتكليف زميله القاضي عبد المجيد المغراوي خلفا له في هذه القضية، التي أثارت وما تزال الكثير من الجدل لارتباطها بصورة الجامعة المغربية ومصداقية الشهادات العلمية التي تصدرها. وزاد المصدر نفسه، أن حالات تجريح القضاة لأنفسهم أو بطلب من أحد أطراف القضية، يضيف المصدر القضائي، تؤطرها المواد 273 و275 من قانون المسطرة الجنائية، حيث يقدم القاضي للرئيس الأول لمحكمة الاستئناف طلبا يوضح فيه أسباب تنحيته من الملف الذي ينظر فيه، وذلك بحسب الكيفيات المنصوص عليها في المادة 278 من نفس القانون المذكور أعلاه، غير أنه في غياب ما يثبت هذا بوثائق ملف “ماستر فاس”، يقول ذات المصدر القضائي، تبقى أسباب خروج القاضي محمد اللحية من الملف غير مفهومة. كل ما حدث، فتح المجال لتأويلات عديدة ربطت تنحية القاضي عن هذه القضية، بما سبق لجريدة “أخبار اليوم” أن أثارته في شهر نونبر 2019، قبل انطلاق أول جلسة من محاكمة المتهمين، بخصوص الجدل الذي سبق المحاكمة بسبب وزير الاتصال السابق، محمد الأعرج، والذي ورد اسمه خلال الأبحاث التي أجرتها عناصر الفرقة الجهوية للشرطة القضائية بفاس، باعتباره المالك الأصلي لماستر “المنازعات العمومية”، وحلول صديقه المتهم حاليا، عبد الله الحارسي، مكان الأعرج لتدبير شعبة الماستر، وذلك عقب استوزار صهر القاضي المنسحب من هيئة المحكمة التي تنظر في الملف، تورد مصادر الجريدة. هذا وحدد القاضي عبد الحميد المغراوي، الرئيس الجديد لهيئة المحكمة التي تنظر في قضية “الماستر مقابل المال”، جلسة ال18 من شهر فبراير الجاري، موعدا لمواصلة محاكمة المتهمين السبعة المتابعين في حالة سراح مقابل كفالات مالية تتراوح ما بين 5 آلاف درهم، وثلاثة ملايين سنتيم، من بينهم عضو “ترانسبرانسي المغرب”، ومنسق ماستر المنازعات العمومية بكلية الحقوق بظهر المهراز، عبد الله الحارسي، وزميلته الأستاذة الجامعية فاضمة توفيق، المتابعان بجناية “الارتشاء واستغلال النفوذ” طبقا للفصلين 248 و250 من مجموعة القانون الجنائي. أما الوسطاء المتهمون بجلب الطلبة لولوج الماستر مقابل 4 ملايين سنتيم، وهم أربعة أشخاص، طالبان بسلك الدكتوراه بنفس التخصص موضوع فضيحة الماستر، وموظف بكلية الحقوق بفاس، وطالب عاطل درس بنفس الكلية، فيتابعون بجناية المشاركة في التهم الثقيلة المنسوبة للمتهمين الرئيسيين المشرفين على الماستر. فيما يتابع المتهم السابع، وهو طالب جامعي بجناية “الإرشاء”، بعدما اعترف للمحققين بولوجه لماستر المنازعات العمومية مقابل 4 ملايين سنتيم، بحسب ما جاء في صكوك الاتهام الواردة في قرار المتابعة الصادر عن قاضي التحقيق المختص في الجرائم المالية، في السابع من شهر أكتوبر 2019، ملف عدد 28-2018. وتنتظر المتهمين بعد أسبوعين من الآن، جلسة حامية ستعرض خلالها المحكمة على المتهمين الرئيسيين، منسق الماستر، عبد الله الحارسي، وزميلته المساعدة فاضمة توفيق، الاختلالات التي وصل إليها قاضي التحقيق خلال أبحاثه في وثائق الملف وأقوال المتهمين وتصريحات الشهود، وكذا تقارير المفتشية العامة للتربية والتكوين، والتي تعمل تحت السلطة المباشرة للوزير سعيد أمزازي. وهمت تلك الاختلالات بحسب ما كشف عنه قرار المتابعة الصادر عن قاضي التحقيق، خروقات وتلاعبات في تدبير ماستر المنازعات العمومية ومعايير ولوج الطلبة إليه في غياب أي مراقبة إدارية، إذ فضحت التحقيقات تردد أسماء عائلات مشهورة استفادوا من هذا الماستر، وذلك بوساطة من الطالب بسلك الدكتوراه، يوسف الرميشي، وزميله عزيز الذهبي، والذي تخرج من نفس الماستر. ،كما كشفت ذات الاختلالات عن تعميم نقطة موحدة لجميع طلبة فوجي 2015 و2016 وصلت إلى 20/16 لبحوث النهائية للتخرج، علاوة على تسريب الامتحان الكتابي لسنة 2017، حيث اعترف أحد الطلبة “س-ا” لقاضي التحقيق بحصوله عليه بمقابل مالي، وفضائح واختلالات أخرى كشفتها مستندات القضية، ستعرضها المحكمة على المتهمين بجلسة ال18 من الشهر الجاري، يورد المصدر القريب من الموضوع ل”أخبار اليوم”.