نقابي لناظور سيتي: نرفض إصدار قانون الإضراب وإصلاح التقاعد تنفيذا لإملاءات دوائر عالمية    وسط تكتّم شديد...هذه تفاصيل ذ.ب.ح سائحة سويسرية أمام أطفالها في الجزائر    جوائز (الكاف 2024) .. سبع ترشيحات مغربية ضمن القوائم الأولية للمرشحين (فئة الرجال)    بلاغ باير ليفركوزن يخص اصابة أمين عدلي    في مباراة تألق فيها المغاربة.. فنربخشه يفرض التعادل على مانشستر يونايتد    الوظيفة العمومية: توقع إحالة أزيد من 65 ألف موظف مدني على التقاعد خلال الفترة 2024-2028    مجلس الحكومة يصادق على مشروعي مرسومين يتعلقان بمدونة الأدوية والصيدلة    تيزنيت : هل يُعيد إبعاد الوزير الميراوي أمل الساكنة في الإفراج عن قرية المعرفة المجمدة منذ 3 سنوات ؟    اللحوم الحمراء.. بايتاس: التحكم في الأسعار يمر عبر الحفاظ على القطيع وتوفير العرض    اللاعب المغربي السابق برادة في ذمة الله    السكوري يقدم معطيات التكوين المهني    الأمن يوضح بشأن "عنصرية ضد أجنبية"    "لارام" ترفع أسعار تذاكر الخط الجوي بين الحسيمة وتطوان رغم دعم الدولة    المغرب يدعو إلى احترام سيادة لبنان ووحدته الترابية    العثور على جثة شخص أربعيني داخل منزله في درب الهلالي بالجديدة    25 سنة سجنا نافذا لقاتل شقيقه نواحي اقليم الحسيمة    لجنة القيادة المكلفة ب"عرض المغرب" في مجال الهيدروجين الأخضر تعقد اجتماعا لانتقاء مجموعة من المشاريع            منشورات الكراهية تجاه فينسيوس تورط أربعة متهمين رئيسيين    منتخب الشاطئية ينهزم أمام موريتانيا    الشيخة مهرة وفرنش مونتانا يلتقيان في دبي (صور)    تركيا تقصف مواقع حزب العمال الكردستاني في العراق وسوريا ردا على هجوم أنقرة    مجزرة جديدة.. 17 قتيلا في قصف إسرائيل مدرسة تأوي نازحين بغزة    بايتاس: التعديل الحكومي لن يؤثر على عمل البرلمان بعد تعيين خمس برلمانيين أعضاء في الحكومة    إعادة انتخاب المغرب عن جدارة ضمن اللجنة الفرعية لمنع التعذيب بجنيف    بايتاس يدافع عن تعيين برادة صاحب شركة "المصاصات" وزيراً للتعليم: "الكفاءة لا ترتبط دائماً بالتخصص"    الجولة السابعة من الدوري الاحترافي : نهضة بركان يرتقي إلى الصدارة والوداد يعود لإهدار النقط        لا أريد جوائز    شُجُون…    يوم السبت ... يوم عشتار السيء    مختارات من ديوان «أوتار البصيرة»    المنتخب المغربي يرتقي في تصنيف "فيفا"    عارضة أزياء تتهم ترامب بالاعتداء عليها جنسيا    توقعات أحوال الطقس ليوم غد الجمعة    السجن 8 أشهر لجزائرية بسبب تصريحاتها المحرضة على "الهروب الكبير" من الفنيدق نحو سبتة المحتلة    لجنة التعليم والثقافة والاتصال بمجلس النواب تصادق بالأغلبية على مشروع القانون المتعلق بالصناعة السينمائية وإعادة تنظيم المركز السينمائي المغربي        فرط صوديوم الدم .. الأعراض والأسباب    التغير المفاجئ للطقس بيئة خصبة لانتقال الفيروسات    المغرب يؤكد أمام مجلس السلم والأمن بأديس أبابا على العلاقة بين الجماعات الإرهابية والانفصاليين    ارتفاع أسعار الذهب وسط إقبال على الملاذ الآمن    تقرير: مؤشر أسعار الخدمات البنكية ينخفض بنسبة 1% عند نهاية 2023    عنتريات عزيز هناوي    كيوسك الخميس | الحكومة تعتزم رفع عدد المستفيدين من برنامج التكوين بالتدرج المهني    إسرائيل تستهدف مخازن لحزب الله    سجن تركي يأذن بزيارة زعيم الأكراد    مصطفى الفن يكتب: هكذا تصبح وزيرا بوصفة سهلة جدا    استطلاع: المغاربة يعتبرون الصلاة متفوقة على التلقيح في الوقاية من "كوفيد"    منظمة الصحة العالمية تعلن تعليق حملة التطعيم ضد شلل الأطفال في غزة    وفاة وحالات تسمم ببكتيريا في أحد منتجات "ماكدونالدز"    تغييب الأمازيغية عن تسمية شوارع العروي تجلب انتقادات للمجلس الجماعي    كمال كمال ينقل قصصا إنسانية بين الحدود المغربية والجزائرية في "وحده الحب"    وهي جنازة رجل ...    أسماء بنات من القران    نداء للمحسنين للمساهمة في استكمال بناء مسجد ثاغزوت جماعة إحدادن    الملك محمد السادس: المغرب ينتقل من رد الفعل إلى أخذ المبادرة والتحلي بالحزم والاستباقية في ملف الصحراء    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



حلقات يكتبها الكنبوري.. شحرور بين رفض الخرافة والإيمان بها
نشر في اليوم 24 يوم 03 - 02 - 2020

لقد حاول محمد شحرور أن يقدم مساهمة علمية جديدة في نقد النص الديني، وتسليط الضوء على القرآن الكريم، انطلاقا من رؤية جديدة أساسها اللغة العربية، على اعتبار أن النص القرآني هو نص لغوي أساسا. هذه هي الفكرة الجوهرية في نقد الدكتور إدريس الكنبوري نظريات شحرور. وهو يرى أن هذا المفكر المشرقي نظر إلى المفسرين القدامى، ووجد أنهم لم ينجحوا في الاقتراب من النص القرآني بسبب تخلف العلوم في عصرهم، وعدم انفتاحهم على العالم، لذلك، نظروا إلى القرآن نظرة شمولية منبهرين بنظرية الإعجاز البلاغي التي سدت في وجوههم جميع الأبواب إلى النص، وتجاوز حالة الانبهار التي استمرت عدة قرون.
يخلص الكنبوري إن المساهمة الكبرى لشحرور هي تفكيك النص القرآني إلى عناصره المختلفة، بدل النظر إليه ككتلة واحدة كما فعل السابقون، حيث ميز بين القرآن والكتاب وأم الكتاب والسبع المثاني وتفصيل الكتاب، فأصبحنا أمام نظرة معاصرة غير مسبوقة تجمع بين التراث والحداثة.
في هذه الحلقات، تطوير لهذه المناقشة، ودعوة أيضا إلى النقاش.
من الواضح أن رغبة شحرور في جعل «الفرقان» قسما من القرآن دفعته إلى خرق قواعد اللغة ومنطق المعنى في العربية، فقد زعم أن هناك فرقانا عاما هو الذي نزل على موسى وعيسى ومحمد عليهم السلام، وفرقانا خاصا هو الذي نزل على محمد وحده، دون أي دليل علمي سوى ورود عبارة «الفرقان» مقرونة باسم النبي موسى وبالتوراة والإنجيل في بعض الآيات، وبالنبي محمد صلى الله عليه وسلم الذي تشير إليه إحدى الآيات بصفة العبادية: «وأما أنزلنا على عبدنا يوم التقى الفرقان».
وما أسهل ما يظهر الاضطراب عند شحرور عندما نعرف أن الفرقان، بذلك المعنى الذي قصده، لم يكن خاصا بموسى وعيسى ومحمد عليهم السلام فقط، بل بسائر الناس، وبكل من آمن، ففي ما يخص الناس تقول الآية: «هدى للناس وبينات من الهدى والفرقان»، فالفرقان هنا معطوف على الهدى وهما معا متعلقان بالناس لا بنبي من الأنبياء، وفي ما يخص الثاني تقول الآية: «يا أيها الذين آمنوا إن تتقوا الله يجعل لكم فرقانا»، وفرقان هنا متعلقة بالذين آمنوا، فكيف يكون للناس ولعامة الذين آمنوا فرقان خاص بهم، إذا كان الفرقان، كما يفهم شحرور، قسما من أقسام القرآن، لا بمعنى النور والهداية والرشد؟
وقد توهم شحرور أن ربط الفرقان بالأنبياء من غير نبي الإسلام يدل على أنهم خُصوا مثله بشيء اسمه «الفرقان»، فيما المعنى أن جميع الأنبياء جاؤوا برسالة واحدة لم تتغير على الإطلاق منذ إبراهيم إلى محمد عليهما الصلاة والسلام في ما يخص العقيدة، وإن كانت قد شهدت تغيرات في ما يخص التشريعات القانونية لمواكبة كل عصر وكل جماعة بشرية، أما جوهر تلك الرسالة فهو الإسلام، فعن إبراهيم قال القرآن: «إذ قال له ربه أسلم قال أسلمت لرب العالمين»، وقالت ملكة سبأ: «وأسلمت مع سليمان لله رب العالمين»، وقال سحرة فرعون بعدما آمنوا بموسى: «ربنا أفرغ علينا صبرا وتوفنا مسلمين»، إلى غير ذلك من الآيات، وقد كان لهؤلاء الأنبياء كلهم فرقان واحد يميز الحق من الباطل والخير من الشر، هو ذلك الكتاب الذي أنزل إليهم، فالفرقان، إذن، صفة للكتاب أو للرسالة، وليس قسما من القرآن أو الوصايا العشر.
لكن الدكتور شحرور، المولع بالتقسيم والتفريع، يحاول أن يفصل في الفرقان العام والفرقان الخاص فيقع في خلط مثير للعجب. فالفرقان العام عنده موجه إلى كل الناس «فعندما يلتزم الإنسان بالفرقان العام فإنه يصبح من المتقين، لكن إذا أراد زيادة على ذلك، فهل يمكن أن تكون هناك وصايا إضافية يتبعها، فعند ذلك يصبح من أئمة المتقين؟ في هذا قال: «يا أيها الذين آمنوا إن تتقوا الله يجعل لكم فرقانا»، نلاحظ في هذه الآية كيف وضع التقوى شرطا لهذا الفرقان، وكيف جعله فرقانا خاصا بالمتقين، أي أنه غير ملزم لكل الناس كالفرقان العام، لكن من أراد أن يزيد، فعليه اتباع هذا الفرقان، ومن يتبع هذا الفرقان فهو من أئمة المتقين» (523).
فإذن، لم يعد الفرقان العام هنا عاما لكل الأنبياء بمن فيهم نبي الإسلام، بل أصبح فقط عاما لكل المتقين، أي فرقانا للعامة، أما الفرقان الخاص فهو فرقان الخاصة، أو أئمة المتقين، ويضيف شحرور أن هذا الفرقان الخاص «غير ملزم لكل الناس». لكن، من هم «أئمة المتقين»؟ إنهم الذين يؤمنون «بالمادية وبالعلم والعقل، وأن فهم آيات الله هو من أساسيات منهجهم في الحياة» (ص 526)، ثم يوضح قائلا: «لذا، فإن أئمة المتقين في فرقان محمد صلى الله عليه وسلم هم من أئمة العلم المادي، وأئمة الناس الذين يؤمنون بالبينات المادية، وذوي التفكير العلمي البعيد عن الخرافة»، وهنا نرى أن شحرورا يضع تعريفا جديدا للتقوى هو الإيمان بالعلم المادي، وتعريفا جديدا للمتقين، وهو: أصحاب التفكير العلمي. والغريب أنه يضيف بطريقة تدعو إلى التعجب: «علما بأن الفرقان الخاص يحتاج إلى شرح مفصل أكثر من ذلك، وبما أنه خاص بأئمة المتقين وليس كل الناس، فإننا نكتفي بهذا القدر من الشرح في هذا الكتاب، والله الموفق»، فهو يتوقف عن الشرح لأن الموضوع لا يهم العامة بل الخاصة فحسب!
بيد أن الدكتور شحرور، الذي يركز على الفرقان الخاص باعتباره فرقان الطبقة التي لا تؤمن بالخرافة، هو الذي يتحدث بنوع من الفكر الخرافي عندما يقول: «إننا مقيدون فقط بقواعد البحث العلمي والتفكير الموضوعي وبالأرضية العلمية في عصرنا، لأن القرآن حقيقة موضوعية خارج الوعي فهمناها أم لم نفهمها، قبلنا بها أم لم نقبل، والشيطان حين محاولة فهم القرآن يدخل فينا من خلال الأخلاق واللياقة واللباقة، فالقرآن حقيقة موضوعية مادية وتاريخية لا تخضع لإجماع الأكثرية» (ص 91)، وهذه من المفارقات العجيبة، أن ترفض الخرافة وتؤمن في الوقت نفسه بأن الشيطان «يدخل فينا» حين نحاول تفسير القرآن!
ولاحظ ما يقوله في مكان آخر معبرا عن الغاية في الخرافة: «ويحق لي الآن أن أخمن، دون أن أقطع، أنه إذا ما تيسر لنا لقاء بعقلاء في كوكب آخر غير الأرض، وأردنا أن نتفاهم معهم أو نبث إليهم، فعلينا أن نستعمل هذه الأصوات الأحد عشر، لأنني أعتقد أنها القاسم المشترك للأصوات التي يمكن أن تصدر عن العقلاء، والله أعلم» (ص 99)، وهذه من كبريات العجائب عند باحث يريد أن يقدم لنا قراءة «علمية» للقرآن لكنه يؤمن بوجود أحد عشر حرفا تشكل قاسما مشتركا بين سكان الأرض وسكان الكواكب الأخرى تجعلهم يتفاهمون دون صعوبة!


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.