منعطف مثير تشهده محاكمة المدير السابق للوكالة الحضرية بمراكش، المعتقل متلبسا بحيازة رشوة مفترضة، عبارة عن شيك بقيمة 886 مليون سنتيم، ومبلغ نقدي ب50 مليون سنتيم. فقد نصّبت الجمعية المغربية لمحاربة الرشوة “ترانسبرانسي المغرب” نفسها، صباح أول أمس الخميس، طرفا مدنيا في هذا الملف، إذ أعلن المحامي والناشط الحقوقي، أحمد أبادرين، من هيئة مراكش نيابته عنها، وأدلى للمحكمة بوصل إيداع القسط الجزافي أمام غرفة الجنايات، ملتمسا التأخير من أجل الإطلاع على وثائق الملف وإعداد الدفاع. تنصيب “ترانسبرانسي” طرفا مدنيا أثار جدلا قانونيا مجددا، خلال هذه الجلسة الخامسة من المحاكمة، بين دفاع المتهم وغرفة الجنايات الابتدائية المختصة في جرائم الأموال باستئنافية مراكش، برئاسة القاضي أحمد النيزاري. واعتبرت المحكمة الملف جاهزا للمناقشة، على أن يدلي دفاع الطرف المدني الجديد بمذكرته الكتابية والوثائق القانونية التي تؤكد توفرها على صفة المنفعة العامة المخولة لحق التنصب طرفا مدنيا، خلال الجلسة المقبلة، معللة قرارها بأنه من حق الطرف المدني أن يتنصّب في جميع مراحل المحاكمة قبل حجز الملف للمداولة، وهو ما رفضه دفاع المتهم الأول بقوة، مهددين بالانسحاب من المحاكمة، بل إن نقيب هيئة المحامين بالرباط، محمد بركو، ومحمد كرّوط، من الهيئة نفسها، رفضا أن يحضر دفاع “ترانسبرانسي” المحاكمة، من الأصل، مادام لم يدل بالوثائق التي تخول الجمعية التي ينوب عنها بأن تنصب نفسها طرف مدنيا، قبل أن يطلب فريق الدفاع مهلة للاستشارة. واستجابت المحكمة لطلب المهلة، ورفعت الجلسة لمدة حوالي 15 دقيقة، عقد خلالها الفريق لقاءً سريعا مع رئيس الغرفة بمكتبه، لتلتئم الجلسة مجددا، بعد ذلك، ويتقرر تأخيرها المحاكمة لجلسة الأربعاء 29 يناير الجاري، من أجل إعداد دفاع الجمعية المغربية لمحاربة الرشوة. هذا، ومن المقرّر أن تشهد الجلسة القادمة نقاشا قانونيا حادا بين دفاع المتهم، الذي من المنتظر أن يدفع بعدم توفر الجمعية على الصفة القانونية لتنصب نفسها كطرف مدني، وبأنها غير متضررة من الأفعال التي ارتكبها المتهمون، في الوقت الذي من المرجح أن يوضح دفاع “ترانسبارنسي” بأنها تأسست في سنة 1996، أي قبل أكثر من 12 سنة من ارتكاب الأفعال الإجرامية موضوع الدعوى، كما أنها تتوفر على صفة المنفعة العامة، ومن المفترض أن يدلي بنسخة من مرسوم وزاري يؤكد هذه الصفة موقع من طرف الوزير الأول السابق عباس الفاسي، فضلا عن تنصيص الدستور، في المادة 118، على دور المجتمع المدني باعتباره فاعلا أساسيا في تخليق الحياة العامة ومحاربة الفساد، وعدم الإفلات من العقاب في جرائم الفساد المالي وهدر المال العام…