أصبحت الرياضة بشكل عام، وكرة القدم بصفة خاصة، تلعب دورا مهما في تأكيد العلاقة الأخوية التي تجمع بين الشعبين المغربي والجزائري، بعيدا عن صراعات رجال الساسة بالجارتين الشقيقتين. “كأس العالم”.. المغربي جزائري والجزائري مغربي! بصم المنتخب الجزائري على أداء جيد خلال نهائيات كأس العالم 2014 التي جرت أطوارها بالبرازيل، حيث نجح “ثعالب الصحراء” في بلوغ الدور الثاني، قبل أن يخرج مرفوع الرأس، ضد منتخب ألمانيا بطل الدورة، بعد اللجوء إلى الأشواط الإضافية. تألق “الخضر” في المحفل العالمي، مكنه من كسب تعاطف كل العرب، وعلى رأسهم جاره الشقيق المغرب، حيث تزينت المقاهي والشوارع المغربية حينها، بأعلام الجزائر، وتحول المواطن المغربي إلى جزائري، في إشارة إلى العلاقة المتينة التي تربط بين الشعبين. وانتظر الشعب الجزائري، 4 أعوام بعد ذلك، ليرد الجميل إلى جيرانه المغاربة، عندما قدم دعمه المعنوي الكبير ل”أسود الأطلس”، خلال مشاركة المنتخب الوطني في نهائيات كأس العالم الأخيرة بروسيا، إذ تعاطف مع المغرب بعد خروجه بأخطاء تحكيمية من الدور الأول، مكرسا بذلك عمق الترابط الذي يجمعه بجاره المغربي. كأس إفريقيا وحملة “خاوة خاوة” قُبيل بداية نهائيات كأس أمم إفريقيا، مصر 2019، أطلقت مجموعة من الصفحات المغربية والجزائرية عبر مواقع التواصل الاجتماعي، حملة "خاوة خاوة"، والهادفة إلى تشجيع الجمهور المغربي لمنتخب الجزائر، والحال ينطبق على الجماهير الجزائرية مع المغرب. ثم جاءت أولى مباريات الجزائر، والمغرب في “الكان”، لتجد "خاوة خاوة" نفسها، تخرج من المواقع الافتراضية إلى أرض الواقع، بانخراط كبير ودعم لامشروط قدمه أنصار “أسود الأطلس” للمنتخب الجزائري، وبتشجيعات لامتناهية بمختلف الوسائل، منحها عشاق “ثعالب الصحراء” لمنتخب المغرب، في دليل صريح وقوي على الحب والاحترام المتبادلين بين الشعبين الجارين. الاتحاد والوداد.. حسن الضيافة العلاقة المتينة التي تربط الجزائري بالمغربي، والمغربي بالجزائري، تظهر أيضا خلال مباريات الأندية المغربية والجزائرية فيما بينها، في المنافسات القارية والعربية. تأكد ذلك في المواجهات التي جمعت الوداد الرياضي، باتحاد العاصمة الجزائري، في السنوات الثلاث الأخيرة، على صعيد دوري أبطال إفريقيا، سواء عندما التقى الفريقان في نصف نهائي نسخة العام 2017، أو مباريات الجولة الأولى من المجموعة الثالثة للنسخة الحالية. رحل مشجعو الوداد إلى الجزائر، فوجدوا في استقبالهم أنصار الاتحاد، وفي لقاء العودة رد الوداديون الجميل واستضافوا عشاق الفريق العاصمي في بيوتهم، فلا الودادي المغربي شعر بأنه غريب في الجزائر، ولا الاتحادي الجزائري أحس بأجواء غير مألوفة في المغرب. الشبيبة “الجراد” و”الشناوة”.. تكريس” خاوة خاوة” حظي أنصار شبيبة القبائل الجزائري باستقبال أخوي في المغرب، من طرف جمهور الرجاء الرياضي، على هامش مباراة الفريقين في دوري أبطال إفريقيا، قبل أن تخصص جماهير الشبيبة استقبالا مماثلا للرجاويين في مدينة تيزي وزو الجزائرية. أواصر المحبة والعلاقة الأخوية بين المغرب والجزائر، تكرست في مباراة أخرى جمعت الرجاء بمولودية الجزائر، برسم ربع نهائي كأس محمد السادس للأندية الأبطال، حيث حظيت مكونات الفريق الأخضر، باستقبال كبير من نظيرتها للنادي الجزائري. وعمت فرحة كبيرة "الجراد" كما يُلقب جمهور الرجاء، و"الشناوة" لقب أنصار المولودية، بمجرد تأهل الفريق الجزائري إلى دور الربع على حساب القوة الجوية العراقي، بعدما وضعت القرعة المتأهل من هذه المباراة في مواجهة “النسور الخضر”. وانتظر "الجراد" و"الشناوة" طويلا مواجهة بين الفريقين، من أجل نقل العلاقة الأخوية بين أنصار الناديين من مواقع التواصل الاجتماعي، إلى أرض الواقع، وهو ما تأكد فعلا بمجرد بدء توافد الجمهور الرجاوي على الجارة الجزائر. وتناقلت منصات التواصل الاجتماعي الخاصة بمحبي الرجاء، وعشاق المولودية، مجموعة من الصور لجمهور الفريق الأخضر، يحظى باستقبال أخوي من طرف الجزائريين عامة و"الشناوة" بشكل خاص، ناهيك عن تجوله وسط شوارع، وأزقة العاصمة الجزائر، كما لو أنه بالدار البيضاء. هل تصل الرسائل أم يطول الانتظار؟ كرة القدم، أكدت ومازلت تؤكد في كل مباراة تجمع بين الأندية المغربية والجزائرية، على صدق ومتانة العلاقة، والعادات، والتقاليد، فضلا عن أواصر القرابة العائلية، التي تربط المغربي بالجزائري، والجزائري بالمغربي. فحملة "خاوة خاوة"، وعلاقة "الجراد" ب"الشناوة"، وأنصار الوداد باتحاد العاصمة، والشبيبة بحسنية أگادير، وغيرها، من المبادرات، التي قام، ويقوم، وسيقوم بها الشعبين الشقيقين، هي رسائل لا يمكن المرور عليها مرور الكرام، بل يجب الوقوف عندها كثيرا، واستيعاب مضامينها من طرف رجالات الساسة، ومسؤولي البلدين، حتى يكون لها رجع صدى إيجابي، يقوي أكثر ما يضعف “خاوة” الأشقاء، فهل يتم التقاطها سريعا أم سيطول الانتظار؟.