كان المغرب الزبون الأول للأسلحة الأمريكية في عام 2019 على صعيد منطقة شمال إفريقيا والشرق الأوسط، والذي وافق على صفقات يبلغ مجموع قيمتها حوالي 10.3 مليار دولار، أي حوالي 10 آلاف مليار سنتيم، مركزة في معظمها على السلاح الجوي، وفق مجلة فوربس الأمريكية. وفي سياق الإقبال المغربي على مورده الأول، الولاياتالمتحدة، أعلنت وزارة الخارجية الأمريكية في نونبر الماضي، عن موافقتها على بيع محتمل بمليارات الدولارات لمروحيات “أي إتش-64 إي أباتشي”، باعتبارها أكثر الطائرات المروحية المقاتلة ومتعددة الأدوار تطوراً في العالم، وستكون الصفقة شاملة أيضا المعدات ذات الصلة بهذا النوع من الطائرات، بما في ذلك صواريخ “هيلفاير” (نار الجحيم) وستينگر المتقدمة. وقالت وكالة التعاون الأمني الدفاعي الأمريكية، في بيان لها، إن الصفقة ستشمل 36 طائرة مروحية، وستشمل 751 صاروخا خاصا، و558 نظاما متطورا خاصا. وهو ما تعتبره الولاياتالمتحدة “بيعا مقترحا سيدعم السياسة الخارجية والأمن القومي للولايات المتحدة، من خلال المساعدة في تحسين أمن أحد الحلفاء الرئيسيين من غير حلف شمال الأطلسي، والذي يعد قوة مهمة لتحقيق الاستقرار السياسي والتقدم الاقتصادي في شمال أفريقيا”، وفق بيان الوكالة الأمريكية. وعلاقة بمسلسل الإنفاق العسكري الذي صارت أنباؤه تتردد كثيرا في المغرب، أشار الخبير الاستراتيجي عبد الفتاح الفاتحي إلى أن توجه الرباط يفيد رغبة في بلوغ توازن عسكري في المنطقة، وبالرغم من أن المغرب يبقى المستورد الأول للمنتجات الحربية الأمريكية في العام المنصرم، فإن مدير مركز الصحراء وإفريقيا للدراسات، أكد بأن جار المغرب الشرقي ينفق أكبر مما يوليه المغرب من مصاريف في باب التسلح. وإلى جانب مسألة التوازن في المنطقة، يعتبر الفاتحي المغرب لاعبا محوريا في الجانب الأمني في منطقة الساحل والصحراء، وهو ما يفرض على البلاد أن تكون على أهبة الاستعداد لكل تطور مفاجئ فيها، خاصة أن ملف الأقاليم الصحراوية ملف له وزنه في المنطقة، كما أن البلاد غير مرتاحة لما تباشره جبهة البوليساريو من تهديدات صريحة، والوعيد بالعودة إلى حمل السلاح، خاصة أن الجبهة كانت متصلة بدول وتنظيمات محورية في الشرق الأوسط كطهران وحزب الله اللبناني، وهو ما يستدعي حقا من المغرب أن يكون يقظا في قضية وحدته الترابية، وفق الفاتحي. ويعتبر المتحدث أن منطقة الساحل والصحراء تشهد يوما بعد يوم توترات خطيرة، تثبت أن مسألة الأمن فيها في منتهى التعقيد، لدرجة أن دولة فاعلة في المنطقة كفرنسا لم تستطع بعد استتباب الأمن فيها. وقال الخبير في قضايا الصحراء والشؤون الإفريقية، إن الجزائر برئيسها الجديد لم تغير لغتها السياسية تجاه المغرب، كما أن قصر المرادية والجيش الوطني الشعبي الجزائري احتفظا بخبر صفقة كبيرة مع مصنع سوخوي الروسي واقتناء طائرات الجيل الخامس من مقاتلات “الشبح إس يو-57” الروسية إلى حين صعود عبد المجيد تبون. ويرى الفاتحي أن اختبار وقت تسريب خبر الصفقة له دلالته الخالصة، مستبعدا أن تكون للجمهورية نوايا الدخول في مفاوضات جادة ومبنية على احترام حسن الجوار مع المغرب، واتحاد البلدين في مواجهة التحديات الأمنية التي تحذق بهما في المنطقة، وبالتالي فإن المغرب يجد اليوم نفسه منفردا وأمام صعوبات إقليمية متعددة، وهو ما يفسر كل صفقة تبرمها الرباط في مجال التسلح. وفي رد على أن هناك أصوات تطالب بترشيد النفقات التي تبذل في مجال التسلح، واستثمارها في قطاعات الاقتصاد والبنى التحتية والتنمية في البلاد، يرى الفاتحي أن المغرب يستثمر في مجال التسلح رغما عنه، وربما قد يكون هناك انتقاد لحجم الأموال التي ترصد في هذا الباب، وبدوره يرى بأنه ليس من المعيب أن يكون هناك تطلع إلى عمل دبلوماسي مغربي قادر على الدخول في مفاوضات أكثر لفتح الحدود مع الجزائر والعمل بجدية من كلا الطرفين لتخفيف العداوة السياسية التي تجمعهما منذ عقود، في إشارة من المتحدث إلى إمكانية أن يعوض الحوار التسارع بين الجارين في إبرام تعاقدات وصفقات عسكرية من مورديهما، وشدد الفاتحي على أن فشل كل الطرق الدبلوماسية تجعل الأنظمة ماشية في طريقها نحو التسلح بلا هوادة. وعلاقة بموضوع “جنون التسلح” في الشرق الأوسط، أشارت مجلة فوربس إلى أن مبيعات الأسلحة الأمريكية إلى المنطقة زاد بأكثر من الضعف من حيث القيمة في 2019، بعد عامين متتاليين من الانخفاضات..