الخط : إستمع للمقال في خطوة جديدة تؤكد أن النظام الجزائري ماضٍ في سياسة الهروب إلى الأمام، أعلنت وزارة الدفاع في الجزائر، مساء اليوم الإثنين 7 أبريل الجاري، عن قرار رسمي بإغلاق مجالها الجوي أمام الطيران المدني والعسكري القادم من مالي أو المتجه إليها، وذلك في خضم التوتر المتصاعد بين البلدين، بعدما اتهمت باماكو الجزائر صراحة ب"رعاية الإرهاب" و"إسقاط طائرة استطلاع مالية فوق أراضٍ مالية خالصة". ويبدو أن المتحكمين في صناعة القرار في قصر المرادية يصرّون على تقديم دروس مجانية في فنون "قطع الأرحام الجوية"، فبعد الجار الغربي المغرب، الذي قرّر العسكر الجزائري منعه منذ سنوات من التحليق فوق سماء الجزائر بسبب أزمة مفتعلة تُغذّيها نظرية المؤامرة القديمة، جاء الدور هذه المرة على الجار الجنوبيمالي، التي يبدو وأنها تدفع ثمن رفضها الانصياع لتكتيكات الجزائر التوسعية في الساحل. البيان الرسمي الجزائري علّل الخطوة ب"الاختراق المتكرر" للمجال الجوي، وهي حجة تُشبه تلك التي اعتُمدت لتبرير قطع العلاقات مع المغرب، عبارات فضفاضة، دون أدلة حقيقية، هدفها تضليل الراي العام المحلي وإيهام الشعب الجزائري بوجود "أعداء وهميين" في كل الاتجاهات. لكن الطريف في الأمر، أن الطائرة التي تسببت في الأزمة كانت فوق التراب المالي، بحوالي 9.5 كيلومتر جنوب الحدود، حسب ما أكدته التحقيقات المالية، ومع ذلك لم تجد الجزائر حرجًا في تحويل نفسها من متهم إلى ضحية، وهو منطق بات مألوفًا في "جمهورية الجزائر المُستاءة من الجغرافيا". ولعل السؤال الذي يطرح نفسه الآن في ظل استمرار هذا النظام في شطحاته ورقصات الذيك المذبوح، من التالي؟ هل ستغلق الجزائر سماءها في وجه الطيور المهاجرة القادمة من النيجر؟ أم ستطالب منظمة الطيران المدني الدولي برخصة مرور خاصة لكل سحابة تمر من فوق تمنراست؟ إن ما يحدث اليوم يؤكد أن الجزائر تختار طواعية عزل نفسها عن محيطها الإفريقي، وتغلق كل نوافذ الحوار والتعاون، في لحظة إقليمية حرجة تتطلب مزيدًا من الانفتاح والتنسيق لمحاربة الإرهاب الحقيقي، لا ترويج الوهم وتغذية الميليشيات الانفصالية، خاصة وأن منطقة الساحل لا تحتمل المزيد من العبث، والجزائر، بدل أن تسعى لحلحلة الأزمات، يبدو أنها مصممة على لعب دور "المراقب المتوجّس" الذي يضع الجميع في خانة العداء، لكن للأسف، في لعبة العزلة الإقليمية، الخاسر الأكبر هو الشعب الجزائري نفسه. الوسوم الجزائر المغرب فرنسا