تَدخل العلاقات الثنائية المغربية الإسبانية، ابتداء من اليوم الثلاثاء، مرحلة جديدة في ظل المتغيرات والتوترات السياسية داخل الجارة الشمالية نفسها والمنطقة والعالم برمته. إذ سيكون على الماسكين بالدبلوماسية المغربية، لأول مرة منذ عودة الديمقراطية إلى إسبانيا، في أواخر سبعينيات القرن الماضي، الاحتكاك والتعامل والتباحث والجلوس مع تحالف حكومي يساري يضم بين صفوفه سياسيين بارزين لا يكنون ودا للمغرب، ومعروفين بمواقفهم المعادية للوحدة الترابية للمملكة والموالية لأطروحة جبهة البوليساريو. ورغم أن رئيس الحكومة الإسبانية المؤقتة والحزب الاشتراكي الإسباني الفائز بالانتخابات التشريعية الأخيرة، خسر الجولة الأولى، نهاية الأسبوع المنصرم، للحصول على ثقة مجلس النواب الإسباني لتشكيل الحكومة الجديدة بعدما فشل في بناء أغلبية مطلقة بسبب تصويت الحزب الشعبي اليميني وحزب “مواطنون“، يمين الوسط، وحزب “فوكس“، اليمين المتطرف، وبعض الأحزاب الجهوية، ضده؛ إلا أنه تمكن بعد زوال اليوم، من الحصول على ثقة البرلمان بأغلبية نسبية بأفضل أصوات الحزب الاشتراكي (120 صوتا) وتحالف اليسار“موحدون نستطيع” (42 صوتا)، والحزب الجمهوري الكتلاني (13 صوتا)، و“البلد أكثر” (4 أصوات). ومن المرتقب أن ينعقد المجلس الوزاري الإسباني الجديد، يوم الجمعة المقبل. وتعرف التشكيلة الحكومية، حضورا قويا لخصوم الوحدة الترابية للمملكة، والمتمثل في حزب بوديموس وشركائه، ولكنهم في الوقت عينه يعتبرون من المدافعين الشرسين عنالمهاجرين المغاربة في الجارة الشمالية، خاصة، وفي أوروبا عامة، في زحف اليمين على القارة العجوز. وعلى عكس المتوقع، فإن خصوم المغرب استطاعوا انتزاع من سانشيز خمس حقائب وزارية، كما أنهم استطاعوا فرض داخلها أسماء وازنة من قبيل بابلو إيغليسياس، زعيم حزب بوديموس، والذي سيشغل حقيبة النائب الثاني لرئيس الحكومة المكلف بالشؤون الاجتماعية، وزوجته والشخصية الثانية في الحزب، والتي ستشغل منصب وزيرة المساواة، وجولندا دياث، مستشارة إيغليسياس، التي أسندت إليها حقيبة الشغل، والسوسيولوجي مانويل كاستيس، وزيرا للجامعات، علاوة على إسناد وزارة الاستهلاك إلى الشيوعي، آلبيرتو غارثون، زعيم حزب اليسار الموحد. وبغض النظر عن التخوف الذي يطرحه دخول بوديموس وحلفائه بقوة في الحكومة الإسبانية الجديدة، إلا أن ربانها بيدرو سانشيز استطاع إزاحتهم من الوزارات الحساسة، والتي تعتبر مجال تماس واحتكاك مع المغرب دائما، مثل وزارة الخارجية التي احتفظ بها الحزب الاشتراكي، والتي من المرشح أن تعود إلى لويس بلاناس، وزير الفلاحة المنتهية ولايته، والسفير السابق بالمغرب ما بين 2004 و2005، ووزارة الداخلية التي من المرشح أن يستمر على رأسها القاضي فيرناندو فيرنانديث مارلاسكا. وتجدر الإشارة إلى أن العلاقات الثانية المغربية الإسبانية لم يسبق أن وصلت إلى قمة التناغم والود المتبادل بين البلدين، مثلما وصلته في فترة سانشيز إلى الحكم في يونيو 2018، بحيث ارتفع التنسيق والتعاون بين الدولتين في جميع المستويات. في الشهور ال18 الأخيرة تحولت مدريد إلى محام المغرب بأوروبا ودوليا، إذ استطاع إقناع الاتحاد الأوروبي بتعجيل المصادقة على اتفاق الصيد البحري مع المغرب، في احترام للوحدة الترابية للمملكة، كما انتزعت برامج دعم أوروبية للمغرب، كما أن سانشيز تمرد على سابقيه عندما استعمل بدل عبارة ” تقرير المصير” أثناء التعريج على قضية الصحراء في خطابه الأخير في الجمعية العامة للأمم المتحدة، عبارة “مركزية الأممالمتحدة“.