طالب فرع “المنارة” للجمعية المغربية لحقوق الإنسان بمراكش بفتح تحقيق شامل في ملف متابعة رئيس قسم الشؤون الاقتصادية والتنسيق بولاية جهة مراكشآسفي، “ع.ع”، في حالة اعتقال، بجناية “الارتشاء”، على خلفية توقيفه متلبسا بتلقي رشوة مفترضة، عبارة عن مبلغ نقدي ب 120 ألف درهم (12 مليون سنتيم)، داخل مكتبه الوظيفي بمقر الولاية. واعتبرت الجمعية الحقوقية، في بلاغ لها، بأن الأمر يتعلق بمؤامرة بين طرفي النزاع (المشتكي والمشتكى به) ضد مصالح العمال وحقوقهم، التي يضمنها لهم القانون، موضحة بأن المشتكي كان يهدف للتخلص من العمال بشكل غير قانوني، ولجأ إلى طلب استغلال النفوذ لمنعهم من ممارسة حقهم الدستوري والقانوني في الاحتجاج، وهو ما اعتبرته “انتهاكا صارخا لحقوق الإنسان”. ودعت الجمعية إلى تعميق البحث والتحري في شأن تعطيل رئيس قسم الشؤون الاقتصادية والتنسيق للمساطر القانونية، واستغلال النفوذ والشطط في استعمال السلطة، وجعل الإدارة العمومية في خدمة أغراضه المنافية للقانون، بوصفه رئيسا للجنة الإقليمية لحل نزاعات الشغل. واعتبرت أن “تعطيله لسلطة القانون، كان سببا في تشريد العمال والمس بكرامتهم”، مشددة على ضرورة توسيع البحث الفضائي ليشمل كل ملفات نزاعات الشغل التي تمت معالجتها من طرف المسؤول المذكور، في إطار اللجنة الإقليمية اللجنة الإقليمية للبحث والمصالحة. الجمعية الحقوقية أشارت إلى أن مجريات القضية ومحاضر البحث التمهيدي تؤكد بأن القضية تتعلق بصفقة بين المشتكي والمشتكى به، تقوم على أساس تسخير المصالح الإدارية لضرب حقوق العمال والالتفاف على مصالحهم التي يضمنها لهم القانون. وأوضحت بأن أساس المشكل بينهما، الذي تحول إلى نزاع قضائي، كان يتمحور حول سبل التخلص من العمال بطريقة غير قانونية، وهو ما قال البلاغ إنه يدين الطرفين معا، المشتكى به لأنه تلقى الرشوة من أجل استغلال نفوذه وتسخير الإدارة ضد العمال، والمشتكي الذي سعى إلى التخلص من العمال بطرق غير مشروعة، عبر تقديم رشوة للمسؤول الإداري المذكور. واعتبرت الجمعية بأن تذرع المشتكي، باعتباره مساهما في الشركة المكترية لمسبح “سنوب بيتش”، بعدم تسوية أوضاع العمال السابقين في المسبح، بألّا علاقة مهنية تجمعه بهم، وأن الشركة المشغلة لهم، والتي كانت تستغل المسبح قبل كراء شركته للمنشأة السياحية نفسها، قد تم إفراغها بناءً على حكم قضائي، (اعتبرته) مجرد مبررات واهية لمحاولة التخلص من 24 عاملا بطريقة غير قانونية، وخرقا للمادة 19 من مدونة الشغل، التي تنص على أنه “إذا طرأ تغيير على الوضعية القانونية للمشغل أو على الطبيعة القانونية للمقاولة، وعلى الأخص بسبب الإرث أو البيع أو الإدماج أو الخوصصة، فإن جميع العقود التي كانت سارية المفعول حتى تاريخ التغيير تظل قائمة بين الأجراء وبين المشغل الجديد الذي يخلف المشغل السابق في الالتزامات الواجبة للأجراء، وخاصة فيما يتعلق بمبلغ الأجور والتعويضات عن التضامن، والشغل والعطلة المؤدى عنها…”. كما استدلت الجمعية على الالتزامات المفترضة للمشتكي تجاه العمال السابقين بالقرار الصادر عن محكمة النقض، تحت عدد 1509، بتاريخ 16 غشت من 2012، في الملف الاجتماعي عدد 1911/5/1/2010، وهو القرار الذي أكد على ضرورة تطبيق مقتضيات المادة المذكورة. وإذا كانت الجمعية الحقوقية ذكّرت بحرصها على حماية المبلغين عن الرشوة، وإعمال الشفافية والنزاهة واحترام سلطة القانون وتعهدات الدولة في مجال حماية واحترام حقوق الإنسان، فإنها أكدت على أنها تحرص بالقدر نفسه على ضمان حقوق ومصالح العمال المكفولة دستوريا وقانونيا، وضرورة محاربة الرشوة واستغلال النفوذ وكافة أشكال الفساد. وخلصت إلى أن المشتكي والمسؤول الإداري، ورغم علمهما المسبق بمتطلبات حل النزاع المذكور وتكلفته المالية، إلا أنهما فضّلا خرق المقتضيات القانونية وإلحاق الضرر بالعمال، عبر التنكر لحقوقهم المشروعة والعادلة المكفولة بموجب القانون المحلي واتفاقيات منظمة العمل الدولية والعهد الخاص بالحقوق الاقتصادية والاجتماعية والثقافية، الذي يعد المغرب طرفا فيه منذ أكثر من 40 سنة.