رفضت غرفة الجنايات الابتدائية المختصة في جرائم الأموال باستئنافية مراكش، أول أمس الخميس، مجددا، ملتمسا بمنح السراح المؤقت للمدير السابق للوكالة الحضرية بالمدينة نفسها، المتابع بجناية “الارتشاء”، على خلفية توقيفه متلبسا بحيازة رشوة مفترضة، عبارة عن شيك بقيمة 886 مليون سنتيم، ومبلغ نقدي ب 50 مليون سنتيم. كما رفضت الغرفة، برئاسة القاضي أحمد النيزاري، أربعة طلبات أولية تقدم بها دفاعه، ويتعلق الطلب الأول بتكليف النيابة العامة بإحضار المشتكي عن طريق القوة العمومية، بعد تغيّبه عن الجلسات الثلاث من المحاكمة، وقد أسندت النيابة العامة النظر للمحكمة في هذا الطلب، خاصة وأن المطالب بالحق المدني، وهو المستثمر العقاري والسياحي المغربي “رشيد.ح”، تقدم بالشكاية بصفة شخصية، كما أن دفاع المتهم الرئيس في القضية أدلى بما يثبت توصل المشتكي باستدعاء لحضور الجلستين الأخيرتين، فضلا عن رفض محاميه التكلف بتبليغه بأي استدعاء جديد، بمبرر أنه ليس الجهة المختصة في تبليغ الاستدعاءات، وأنه ينوب عن شركته وليس عنه شخصيا. أما الطلب الثاني المرفوض، فيتعلق بطلب استدعاء رجل الأعمال الفرنسي DENIS DUMONT، المالك لسلسلة متاجر GRAND FRAIS، الذي يشترك مع المطالب بالحق المدني في العديد من المشاريع، بينها مشروع سكني مرتقب على عقار، مساحته حوالي 20 هكتارا، قريب من سوق “مرجان” بمراكش. كما رُفض طلب أولي آخر باستدعاء الممثل القانوني لشركة مختصة في الدراسات والاستشارات القانونية، صرّح المشتكي، تمهيديا وخلال التحقيق الإعدادي، بأن مقرها يوجد بالدار البيضاء، وهي من تولت الوساطة والإشراف على عملية اقتناء العقار المذكور، الذي تعود ملكيته لامرأة تحظى بالتشريف والتوقير، نافيا تصريحات المدير وزوجته التي زعما فيها بأن شركة هذه الأخيرة هي من تولت المواكبة والاستشارة بشأن عملية شراء العقار لفائدة المشتكي وشريكه الفرنسي، مقابل عمولة قدرها مليار و300 مليون سنتيم، وهو ما قال المتهم الرئيس إنها تمثل حوالي 3.5% من القيمة المالية للصفقة، أي أن قيمة العقار تتجاوز 37 مليار سنتيم. ورفضت المحكمة، مجددا، استدعاء زوجة المشتكي، وهو الطلب الذي علله دفاع المتهم الأول بأنها كانت مطلعة على العلاقة المهنية المفترضة التي تجمع بين شركات زوجها وشركة زوجة المدير، بحكم أن العائلتين كانتا ترتبطان بعلاقة صداقة وتتبادلان زيارات الود والمجاملة. في المقابل، وافقت الغرفة على طلب أولي وحيد يقضي باستدعاء ترجمان، وهو الطلب الذي علله دفاع المتهمة “ص.ب”، زوجة مدير الوكالة، المتابعة في حالة سراح بجناية “المشاركة في الارتشاء”، والمزدادة في 1982 بتولون بفرنسا، بكونها لا تفهم اللغة العربية رغم أنها مغربية. كما تقدم دفاع المتهم الرئيس، وللمرة الثالثة على التوالي، بملتمس من أجل تمتيعه بالسراح المؤقت، وقد ردّت عليه النيابة العامة ملتمسة رفض الطلب، ليطلق المحامي محمد كرّوط، من هيئة الرباط، العنان، مجددا، لمرافعة صاخبة هاجم خلالها ممثل الحق العام، القاضي يوسف المتحف، متذرعا بأن هذا الأخير لم يعلل رفضه للملتمس، قبل أن يأخذ الكلمة القاضي المتحف معتبرا بأنه ليس ملزما بالتعليل، وموضحا بأن هناك أكثر من سبب لرفض الملتمس، أهمها خطورة الجناية التي يتابع بها المتهم، ناهيك عن ضبطه في حالة تلبس بارتكاب جناية، ومبلغ الرشوة الكبير الذي يتجاوز 900 مليون سنتيم. المرافعات “الاستعراضية” للمحامي كرّوط ودخوله في مواجهة مع رئيس هيئة الحكم، خلال الجلسة السابقة، ومع ممثل الحق العام، خلال جلسة أول أمس، لم تعد مقبولة حتى من زملائه في فريق دفاع المتهم الرئيس وزوجته، فبعد أن تدخل كل من النقيب السابق لهيئة المحامين بمراكش، مولاي عبد اللطيف احتيتش، والنقيب الحالي لهيئة المحامين بالرباط، محمد بركو، لتلطيف الأجواء وإعادة الهدوء للجلسة السابقة، عاد النقيب احتيتش وتدخّل بشكل حازم، خلال جلسة أمس، في إطار نقطة نظام، مطالبا بمراعاة ظروف العديد من المحامين، من هيئات بعيدة على مراكش، الذين كانت تنتظرهم ملفات أخرى لإعلان نيابتهم فيها والتماس التأخير لإعداد الدفاع. هذا، وقد أرجأت الغرفة المحاكمة لجلسة الخميس 2 يناير القادم، ولم تشرع في استنطاق المتهمين الثلاثة وتفتح المجال أمام الدفوع الشكلية، بسبب غياب أحد قضاة هيئة الحكم، الذي تخلّف عن حضور الجلسة لوفاة أحد أقاربه ليعوضه مستشار آخر، فيما حجزت الطلبات الأولية الخمسة وملتمس السراح المؤقت للمداولة في آخر الجلسة، قبل أن تنطق بالأحكام المتعلقة بها، مساء اليوم نفسه.