مليار و300 مليون سنتيم هي القيمة المالية الإجمالية للتعويض الذي طالب به دفاع ضحايا جريمة “لا كريم” في إطار الدعوى المدنية التابعة، خلال الجلسة الملتئمة أول أمس الثلاثاء، فقد طالب النقيب السابق لهيئة المحامين بمراكش، مولاي عبد اللطيف احتيتش، الذي ينوب عن عائلة الضحية الرئيس في الجريمة، الطبيب الداخلي “حمزة الشايب” (26 سنة)، الذي سقط صريعا ب 12 رصاصة، (طالب) بتعويض قدر بمليار و100 مليون سنتيم، مناصفة بين والديه، يؤديها المتهمون بالتضامن بينهم، بالإضافة إلى الدولة المغربية. وعزا إدخال الدولة المغربية، و وزارة الداخلية، والوكيل القضائي للمملكة، كأطراف في الدعوى العمومية، إلى أن الفصل 20 من الدستور ينص على أن “الحق في الحياة هو أول الحقوق لكل إنسان”، وعلى أن “القانون يحمي هذا الحق”، كما نص الفصل 21 منه على حق كل فرد في سلامة شخصه وأقربائه وحماية ممتلكاته، وعلى أن “السلطات العمومية تضمن سلامة السكان”، موضحا بأن الجرائم الناجمة عن أحداث إرهابية أو بسبب اعتداءات مسلحة من طرف عصابات الاتجار في المخدرات، تترتب عنها مسؤولية الدولة عن الأضرار التي تحصل للمواطنين، سواء في ممتلكاتهم أو في أبدانهم، ومشيرا إلى اجتهادات قضائية حمّلت الدولة المسؤولية وقضت ضدها بتعويض للمتضررين في إطار التضامن المجتمعي، معطيا النموذج على ذلك بحادثتي فندق “أطلس أسني” ومقهى “أركًانة”، فضلا عن إقرار محكمة النقض بمسؤولية الدولة في الحالات الناتجة عن مثل هذه النوعية من الجرائم. كما طالبت المحامية الهاشمية المحراس، من هيئة مراكش، التي تنوب عن الضحية الثانية، فاطمة الزهراء كَمراني، الطالبة بكلية الطب بمراكش، بتعويض قدره 120 مليون سنتيم، بينما طالب المحامي علال المستاري، من الهيئة نفسها، الذي ينوب عن ابنه، المهدي المستاري، بتعويض قدره 100 مليون سنتيم، وهما الضحيتان اللتان أصيبتا بعيارين ناريين طائشين خلال الاعتداء المسلح نفسه. من جهته، طالب المحامي عبد الرحمان الفقير، من هيئة مراكش، نيابة عن موكله صاحب مقهى “لاكريم”، “المصطفى الفشتالي”، بتعويض قدر بملياري سنتيم، مليار لفائدة هذا الأخير، الذي كان نصّب نفسه مطالبا بالحق المدني في مواجهة المتهمين الهولنديين بتنفيذ الجريمة، “إدوين مارتينيز”و “شارديون سيمريل”، اللذين يتهمهما بمحاولة قتله في الجريمة التي سقط فيها صريعا، عن طريق الخطأ، طبيب داخلي ابن مسؤول قضائي ، كما طالب المحامي الفقير بمليار سنتيم لفائدة شركة “دامين”، المالكة والمستغلة لمقهى “لاكريم”، تعويضا عن الأضرار المادية التي لحقت بها بسبب الاعتداء المسلح الذي كانت مسرحا له مساء الخميس 2 نونبر من 2017. وقد أعطيت الكلمة للمحامي عبد النبي الزيتوني، من الهيئة عينها، الذي ينوب عن الدولة المغربية، معتبرا في مرافعته بألا سند قانونيا لإدخال الدولة والوكيل القضائي للمملكة ووزارة الداخلية كأطراف في الدعوى العمومية، ولتحميلهم المطالب المدنية، معللا ذلك بأن الجريمة ليست إرهابية، ومطالبا بإخراجهم من الدعوى العمومية. مرافعة ممثل الحق العام، القاضي يوسف بن الزاوية، كانت مقتضبة كالعادة، ولم تستغرق سوى ثلاث دقائق، اعتبر فيها بأن جميع التهم التي تابع بها قاضي التحقيق المتهمين تبقى ثابتة في حقهم، مطالبا بإدانتهم طبقا لفصول المتابعة، دون أن يناقشها أو يفصّل العقوبة التي يطالب بها للمتهمين كلّ على حِدَةٍ. المحكمة، التي خصصت جلسة أول أمس لمرافعات المطالبين بالحق المدني، قرّرت، استثناءً، السماح للنقيب الأسبق لهيئة المحامين بمراكش، إدريس أبو الفضل، بالمرافعة مؤازرا المتهم “جمال التاغي” (48 سنة)، شقيق المحرض المفترض على الجريمة، والمتابع بجنحتي “إنتاج وصنع وتصدير مخدر الشيرا، والمشاركة في الاتجار في المخدرات”، وقد طلب أبو الفضل إعطاءه الكلمة لظروف خاصة طارئة. وقد استُهلت الجلسة، التي انطلقت في حدود التاسعة صباحا، بإعادة تقديم المحامي مراد حركات، من هيئة الدارالبيضاء، المؤازر لشقيق المحرّض المفترض على الجريمة، “مراد التاغي” (31 سنة)، المتابع بجنايات تتعلق “المشاركة في القتل العمد مع سبق الإصرار والترصد، والمشاركة في ذلك، وتقديم مساعدة عمدا وعن علم لأفراد عصابة إجرامية والتهديد”، لطلبات متعلقة بإحضار المحجوزات، والاطلاع على تسجيلات الكاميرات المثبتة بمسرح الجريمة، مقهى “لاكريم”، كما تقدم المحامي محمد كرّوط، من هيئة الرباط، المؤازر لمالك المقهى وابن عمه، بتنقيط موكله المصطفى الفشتالي في الناظم المعلوماتي للأمن الوطني لتأكيد تصريحات مؤازره التمهيدية، التي يزعم فيها بأنه لم يغادر المغرب منذ 2009، في الوقت الذي سبق فيه لقاضي التحقيق أن واجه المتهم، الملقب ب”موس”، بفيديو يظهر فيه بمرآب العمارة، التي تتواجد بها شقته بروتردام، وهو برفقة صديقه “نجيم.ح”، قبل فترة قصيرة من توقيف هذا الأخير برفقة شقيق “موس”، عبد الرحيم، في عملية أمنية بهولندا سنة 2016، كما أطلعه على تقرير لفرقة الاستعلامات الإجرامية بالبلد نفسه يؤكد بأن “موس” أجرى اتصالات هاتفية مع أخيه وصديقه قبل اعتقالهما، كما سبق للسلطات القضائية لهذا البلد أن وجّهت كتابا إلى نظيرتها المغربية، تشير فيه إلى أنه وبعد توقيف شقيق “موس” وصديقهما، أُجري تفتيش بمنزل “موس” بروتردام، أسفر عن حجز سلاح ناري بذخيرة، ومفتاح سيارة عُثر بداخلها على أكثر من 698 كلغ من الكوكايين. وبعد المداولة على المقاعد، قرّرت المحكمة ضمّ الطلبات للجوهر، كما أدخلت للمداولة ملتمسين بالسراح المؤقت تقدم بهما النقيب عبد الرحيم الجامعي عن المتهم “محمد الفشتالي” (31 سنة)، ابن عم “موس”، المتابع بجنايتي “إخفاء أشياء متحصلة من جريمة يعلم بظروف ارتكابها، وإخفاء وثائق من شأنها أن تسهل البحث عن الجنايات والجنح والكشف عن أدلتها وعقاب مرتكبيها”، وبجنحتي “المشاركة في إدخال معطيات في نظام المعالجة الآلية للمعطيات عن طريق الاحتيال، والتزوير في محررات بنكية وتجارية واستعمالها”، والمحامي عبد الإله الزيتوني، عن المتهم الموظف الجماعي بالدارالبيضاء، “عبد الرحيم القردي (52 سنة)، المتابع بجناية “إخفاء شيء متحصل من جناية”، بعد أن أكدت الأبحاث الأمنية والقضائية بأنه توصل من أحد المتهمين الهولنديين بالتنفيذ المادي للجريمة، ” شارديون سيمريل”، بمبلغ مالي قدره 10 آلاف درهم، بتاريخ 22 غشت من 2017، من مدينة “نوفا أندلسيا” الإسبانية عبر شركة لتحويل الأموال، دون أن يبرّر سبب توصله بهذه الحوالة المالية. وعلمت “أخبار اليوم” بأن غرفة الجنايات الابتدائية قضت، مساء أول أمس، برفض ملتمسي السراح المؤقت للمتهمين المذكورين، أما في الموضوع، فقد كانت قرّرت، قبل ذلك، وفي آخر الجلسة، إرجاء المحاكمة للثلاثاء المقبل (9 يوليوز الجاري) للاستمرار في المرافعات. ولم تخل الجلسة ال 16، التي انتهت في حدود الثانية زوالا، من مشادات كلامية، فبينما اعتبر المحامي عبد الرحمان الفقير في مرافعته لتقديم المطالب المدنية لفائدة صاحب “لاكريم”، بأن اقتصار النقيب احتيتش، خلال تقدمه بالمطالب المدنية، على ذكر جنحتين فقط من بين التهم التي يتابع بها موكله، يعتبر إقرارا منه بأنه مقتنع بعدم ارتكابه لباقي التهم الملاحق بها، قبل أن يتدخل النقيب احتيتش وينفي ذلك، موضحا بأن عدم سرده لصك الاتهام الثقيل والطويل الذي يتابع به الفشتالي كان على سبيل الاختصار، وليس إبراءً لذمته من مسؤوليته الثابتة في الجريمة، التي سقط فيها طبيب في مقتبل العمر ب 9 رصاصات في الرأس و3 في القلب، وتابع بأن العديد من المتهمين صرّحوا تمهيديا وخلال مثولهم أمام قاضي التحقيق، بأنه يتزعم مافيا تنشط في ترويج الكوكايين والاتجار في الأسلحة بهولندا، خالصا إلى أن صراعات “موس” مع بارون مخدرات آخر تجاوزت حدود هولندا وانتقلت إلى مراكش، التي تطورت فيها تصفية الحسابات بينهما إلى جريمة سقط فيها ثلاثة ضحايا أبرياء عن طريق الخطأ.