في أواخر أكتوبر المنصرم، دخلت المرحلة الاستئنافية من محاكمة “كازينو السعدي” سنتها الرابعة. مضى الآن أكثر من سبعة أشهر على انعقاد آخر جلسة نوقش فيها الملف، الذي من المقرّر أن تستمع فيه غرفة الجنايات الاستئنافية بمحكمة الاستئناف بمراكش، بتاريخ 24 يناير الجاري، إلى مرافعات النيابة العامة، ودفاع المتهمين ال 11، المتابعين، في حالة سراح، بتهم تتعلق ب”تبديد أموال عامة”، ودفاع المطالب بالحق المدني الوحيد الذي لازال يحضر المحاكمة، ممثلا في الجمعية المغربية لمحاربة الرشوة “ترانسبرانسي المغرب”. عقد الجلسة المقبلة في أواخر شهر يناير الحالي، أي إلى ما بعد انعقاد الجمعية العمومية لقضاة استئنافية مراكش، مع ما يمكن أن تسفر عنه أشغالها من تغيير محتمل على تشكيلة أعضاء أو رئاسة غرفة الجنايات الاستئنافية، من المحتمل أن يُعيد الملف لنقطة الصفر، إذ سيتم تجهيزه من جديد، وسيُعاد توجيه التبليغات للمتهمين ودفاعهم، وهو ما يطيل أمد القضية، التي استغرق فيها البحث التمهيدي أكثر من سنتين، وسنة وبضعة شهور لدى قاضي التحقيق، وأكثر من سنة وثلاثة أشهر أمام غرفة الجنايات الابتدائية. تأجيلات متوالية تأجلت المحاكمة 8 مرات متوالية، خلال المرحلة الاستئنافية، قبل الشروع في مناقشة الملف، فقد تغيب المتهمون عن ثلاث جلسات متعاقبة، بمبرّر عدم توصلهم بالاستدعاءات، قبل أن يحضروا ويلتمسوا التأجيل لتمكينهم من انتداب محامين لمؤازرتهم، واستمر التأخير حتى بعد حضور محامييهم، الذين طالبوا، في أكثر من جلسة، بمهل لإعداد الدفاع، ثم تأجلت المحاكمة، مجددا، من أجل استدعاء محامي بلدية مراكش، باعتبارها أحد المطالبين بالحق المدني. لم تتأخر الجلسات بسبب غياب المتهمين، فقط، بل بسبب غياب القضاة، أيضا، فقد تغيب أحد القضاة الخمسة، المشكلين لهيئة الحكم، أربع مرات، حضر في إحداها للمحكمة، ولكنه فضّل الالتحاق بهيئة أخرى تبت في ملفات أخرى بقاعة مجاورة، وفي المرة الأخيرة وصل للمحكمة متأخرا وبقي ينتظر خارج قاعة الجلسات، فيما كان رئيس الغرفة يفاوض دفاع المتهمين من أجل الموافقة على اقتراح بتأجيل المحاكمة إلى الزوال لتمكينه من الالتحاق بهيئة الحكم. كما تأجلت المحاكمة بسبب غياب رئيس الغرفة نفسها، القاضي حسن عقيلة، الذي استفاد من رخصة استثنائية، من شهرين، لأداء مناسك الحج، إذ لا يمكن استبدال القاضي المتغيب بآخر من خارج هيئة الحكم، لأن البت في الملف بحضور قاض جديد يقتضي إعادة المناقشة من بدايتها، فكيف إذا تغيب رئيسها؟ وفيما كان مفترضا أن تحجز الغرفة الملف للمداولة وتنطق بأحكامها، في آخر جلسة 6 أبريل من 2017، أدلى دفاع المتهم الأول، المستشار البرلماني والقيادي الاستقلالي، عبد اللطيف أبدوح، بشهادة طبية لتبرير تغيبه عن هذه الجلسة، مثلما فعل خلال الجلسات الثلاث الأخيرة (جلسات 30 دجنبر 2014 و8 يناير و22 يناير 2015) التي سبقت الحكم الابتدائي الذي أدانه بخمس سنوات نافذة، وهو ما اعتبره ممثل الحق العام في غرفة الجنايات الابتدائية، القاضي عبد العزيز الراشدي بلحاج، مجرد مبرر لتمديد أمد المحاكمة، في الوقت الذي كان فيه أبدوح يجري حوارات صحفية مطولة حول الملف نفسه. تعهد دفاع المتهم الرئيسي بألا يتخلف موكله عن الجلسات الاستئنافية القادمة. حضر أبدوح وحجزت المحكمة الملف للمداولة، خلال الجلسة المنعقدة بتاريخ 4 ماي من 2017، قبل أن تقضي بإخراجه من المداولة، خلال الجلسة نفسها، من أجل الاستماع إلى المشتكي وشاهد الإثبات الوحيد في الملف، قبل أن توافق، خلال جلسة أخرى، على ملتمس بالاستماع إلى ثلاثة شهود للنفي. بدا السيناريو مماثلا لما حدث خلال المرحلة الابتدائية، فقد حجزت غرفة الجنايات الابتدائية الملف للمداولة، في جلسة 26 يونيو من 2014، قبل أن تصرّح بإجراء تحقيق تكميلي بواسطة رئيسها، القاضي مسعود مصلي، لاستجلاء الغموض العالق ببعض النقط الواقعية والتقنية، طبقا للفصل 362 من قانون المسطرة الجنائية، مع الاستعانة بخبير محلف، واستدعاء ثلاثة شهود، بينهما المشتكي وشاهد الإثبات. انطلق التحقيق التكميلي بتاريخ 16 يوليوز من السنة نفسها، وامتد لأربع جلسات مغلقة انعقدت آخرها، في 12 نونبر من السنة ذاتها، قبل أن تستأنف الغرفة جلساتها العلنية، التي بلغت في المجموع 18 جلسة، 11 قبل إجراء التحقيق التكميلي، و7 بعد انتهائه، قبل أن تقضي، مساء 19 فبراير 2015، ببراءة متهمين اثنين، وإدانة التسعة الباقين بأحكام بلغ مجموع مددها 28 سنة نافذة، بعد أن توبعوا بتهم تتعلق ب”الاختلالات المالية” ببلدية المنارة جليز، خلال ترؤس أبدوح لمجلسها بين 1997 و2003. مشتكٍ مثير للجدل ما كادت تنتهي المداخلات الرسمية، خلال اللقاء الحاشد الذي نظمته حركة “لكل الديمقراطيين” بقصر المؤتمرات بمراكش، يوم السبت 31 ماي من 2008، ويُفتح الباب للنقاش، حتى أثار الجدل متدخل يرتدي جلبابا ويتحدث بنبرة حادة وبالأمازيغية، يحمل معه حقيبة قال إنها مليئة بوثائق تكشف عن خروقات تدبير الشأن المحلي بالمدينة، طالبا من مؤسس الحركة، فؤاد عالي الهمة، تسليمها للملك محمد السادس. شهورا قليلة بعد ذلك سيتقدم المتدخل المثير للجدل، الذي لم يكن سوى لحسن أوراغ، المتقاعد من سلك القوات المساعدة والعضو السابق ببلدية “المنارة جليز، بشكاية إلى الوكيل العام للملك بمراكش، يتهم فيها أبدوح، بأنه استصدر مقررات بتفويت عقارات جماعية لفائدة مؤسسات فندقية بأثمنة بخسة، وفي أجواء غابت فيها الشفافية، وبالتلاعب في الرخص، والاستيلاء على العديد من البقع التي كانت مخصصة للمنفعة العامة، مدليا بتسجيل صوتي منسوب إلى أبدوح وأغلبيته وهم يتداولون في شأن اقتسام رشوة، يُشتبه في أنه تسلمها من الشركة التي كانت تستغل الكازينو مقابل تصويتهم على مقرّر تفويته إليها بثمن لم يتجاوز 697 مليون سنتيم، فيما أكد تقرير للمفتشية العامة للإدارة الترابية التابعة لوزارة الداخلية، بأن التفويت كبّد البلدية خسارة وصلت إلى أكثر من 19 مليارا و300 مليون سنتيم. وبعد فتح البحث التمهيدي، رفع السقف عاليا مصرحا بأن مسؤولين كبار كانوا على علم بالخروقات التي شابت التفويت، بل إنه قال إنهم كانوا على علم حتى بمفاوضات أبدوح وأغلبيته قبل التصويت على مقرر تفويت الكازينو، محملا المسؤولية للوالي الأسبق لمراكش، محمد حصاد، والرئيس السابق لقسم الجماعات المحلية بالولاية، مصطفى ملغاغ، فضلا عما اعتبره “مسؤولية ثابتة” لمحمد الإبراهيمي، المدير السابق لمديرية الجماعات المحلية بوزارة الداخلية. أما خلال المرحلة الابتدائية من المحاكمة، فقد عاد وأكد، خلال الجلسة الملتئمة بتاريخ 27 مارس من 2014، بأن “بروديل بوشي هنريات”، ممثلة شركة “فيرماديتيم”، المستغلة للكازينو، هي التي دفعت للمستشارين الجماعيين مبالغ مالية مقابل التصويت على التفويت، وأن الرئيس السابق لمصلحة احتلال الملك العام بالبلدية هو الذي كان يفاوضها على ذلك. وعندما واجهه محامو المتهمين بأنه كان هو نفسه من بين المصوتين على مقرر التفويت، من بين 27 مستشارا جماعيا، مدلين للمحكمة بنسخة من محضر دورة أكتوبر من سنة 2001، كما أنه كان من المصوتين، خلال دورة غشت من 2002، على تحويل مبلغ التفويت لفائدة القرض العقاري والسياحي من أجل سداد دين مترتب على البلدية، ردّ بأنه انسحب عند شروع المجلس في التصويت، ملمحا إلى إمكانية تزوير محضر الدورتين. ولم تكن شهادته خلال التحقيق التكميلي، الذي أجرته غرفة الجنايات الابتدائية، أقل إثارة للجدل، فقد تراجع عن اتهاماته السابقة، زاعما بأنه يعاني من “اضطرابات عقلية”، قبل أن يتوجه إلى شاهد ثان بعبارة “عذبتينا الله يعذبك”، محملا إيّاه مسؤولية إخراج الملف إلى حيز الوجود. أما خلال المرحلة الاستئنافية، فقد خلق الإثارة مجددا حتى وإن لم تستمع إليه المحكمة هذه المرة، بعد أن تنازل كتابيا لأحد المتهمين عن متابعته، كما لو أن الأموال المبددة تعود لملكيته، وهو التنازل الذي أدلى به دفاع المتهم المذكور للغرفة. ربيع مراكش أنجزت الفرقة الوطنية للشرطة القضائية ثلاثة أبحاث تمهيدية في ملف كازينو السعدي، الأول بتاريخ 14 غشت من 2008، والثاني في 22 يوليوز من 2009، بعد شكاية أوراغ، وقد استمع الوكيل العام على إثرها لأبدوح، بتاريخ فاتح أكتوبر 2010، الذي عزا الشكايتين إلى صراعات سياسية، ولم يُتخذ أي إجراء في شأن البحثين القضائيين التمهيديين، حتى هبت رياح الربيع العربي على مراكش، واندلاع مظاهرات حركة 20 فبراير من 2011، التي طالبت بإسقاط الفساد والاستبداد، لتأمر النيابة العامة بإجراء بحث تمهيدي جديد، بتاريخ 4 أبريل من السنة عينها، وتدخل هيئة حماية العام على الخط، وتقدمت بشكاية إلى الوكيل العام للملك، بواسطة المحامي عبد القادر القطيب، من هيئة مراكش، بتاريخ 5 يوليوز 2011، تحت عدد 983. وبناءً على ملتمس للوكيل العام، بتاريخ 3 أبريل من 2012، موّجه إلى قاضي التحقيق بغرفة جرائم الأموال، تم فتح تحقيق ضد 13 مشتبها فيهم، موضوعين تحت المراقبة القضائية، بينهم المتهمين ال 11 المتابعين حاليا في الملف بالإضافة إلى كل من المنعش العقاري، عبد الغني خلدون، الذي وجّهت إليه النيابة العامة اتهامات ب”استعمال محرر رسمي مزور، والمشاركة في تبديد أموال عامة، والمشاركة في تلقي موظف عمومي لفائدة في عقد تولى الإشراف عليه، والتوصل إلى تسلم رخصة إدارية لا حق له فيها عن طريق الإدلاء ببيانات غير صحيحة واستعمالها، واستغلال النفوذ عن طريق السلطة لتحقيق مزايا مشتركة”، وزوجة أبدوح الأولى، أستاذة التعليم الابتدائي حفيظة الواعظ، المتهمة ب”المشاركة في تبديد أموال عامة، والتوصل إلى تسلم رخصة إدارية لا حق لها فيها عن طريق الإدلاء ببيانات غير صحيحة واستعمالها، واستغلال النفوذ عن طريق سلطة الزوج”، قبل أن يخلص قاضي التحقيق، يوسف الزيتوني، إلى أن التحقيق الإعدادي لم ينتج أدلة كافية على ارتكاب خلدون والواعظ للتهم التي تابعتهما بها النيابة العامة، آمرا بحفظ الملفين المتعلقين بهما بكتابة ضبط التحقيق إلى حين ظهور أدلة جديدة، وبإرجاع الكفالة التي كانا أودعاها بصندوق المحكمة من أجل متابعتهما في حالة سراح. انتهى التحقيق الإعدادي، بتاريخ 14 ماي 2013، وأصدر الوكيل العام ملتمسه النهائي، في 5 يونيو من السنة نفسها، الرامي إلى اعتبار جميع التهم ثابتة في حق المتهمين، ملتمسا إحالتهم على غرفة الجنايات لمحاكمتهم، قبل أن يصدر قاضي التحقيق، شهرا بعد ذلك، الأمر بالإحالة على المحاكمة. الشريط الصوتي لعل أحد أكثر وسائل الإثبات إثارة للجدل القانوني في هذا الملف هو الشريط الصوتي المنسوب إلى أبدوح وبعض المتهمين، من أعضاء أغلبيته في المجلس البلدي، وهم يتداولون في شأن اقتسام رشوة يُشتبه في أنه تسلمها من الشركة التي كانت تستغل كازينو السعدي، مقابل تصويتهم على مقرّر التفويت، الذي تسبب في خسائر مالية تقدر بأكثر من 19 مليار سنتيم من المال العام. وقد صرّح أبدوح خلال الاستماع إليه، في المرة الأولى، من طرف الوكيل العام، بأنه يصعب عليه تحديد ما إذا كان الصوت المنسوب إليه في التسجيل الصوتي يتعلق به شخصيا، في الوقت الذي سبق لجريدة “الصباح” أن أوردت في مقال صدر في عددها ال 2365، بتاريخ 16 نونبر من 2007، بأن أبدوح سبق له أدلى لها بتصريح أكد فيه وجود القرص المدمج، بل قال إنه قام بنسخه عدة مرات وتوزيعه بالنظر إلى الوقائع البليدة التي تضمنها، موضحا بأن الأمر كان يتعلق باجتماع عادٍ بين مجموعة من الأصدقاء، وأن كل ما ورد فيه كان على سبيل المزاح والهزل “التقشاب”، كما اعتادوا على ذلك في العديد من المرات. وحين مواجهته بمضمون الشريط، اكتفى أبدوح بالرد بأنه لم يعد يتذكر بعض العبارات الواردة فيه والمنسوبة إليه من قبيل: “حين أضمن بأن الإخوة أعطوا موافقتهم المبدئية على بيع الفندق سأبحث مع المعني و”غادي يعطيني شي بركة” وسأقسمها بالتساوي على المصوتين وسأسلم لكل واحد منهم حقه (…) سأعطي لمن سيصوت فقط، لأنني إذا أعطيت لمن حضر فمعنى ذلك أنني سأنقص للمصوتين”. أما دفاعه فقد ظل يعتبر، طيلة أطوار المحاكمتين الابتدائية والاستئنافية، بأن الشريط لا يمكن أن يكون وسيلة إثبات على جريمة الرشوة، لأن المجلس الدستوري، في نظر محاميي أبدوح، لا يعتد بالأقراص المدمجة في الإثبات. “بَرَكة” بملياري سنتيم “البركة” أو “الحاجة” التي وردت في الشريط الصوتي، دون الإشارة إلى قيمتها الحقيقية، تولى المشتكي المثير للجدل، لحسن أوراغ، الكشف عن قيمتها الحقيقية، متحدثا، خلال إدلائه بشهادته أمام قاضي التحقيق، بأن الأعضاء الذين وعدهم أبدوح ب”البركة” كانوا يتهامسون حول رشوة بملياري سنتيم، زاعمين بأن مليارا واحدا كانت لفائدة أبدوح. كما صرّح رئيس الفرع المحلي لهيئة حماية المال العام بمراكش، أمام قاضي التحقيق، بأن أبدوح وأغلبيته عمدوا إلى تفويت الكازينو، سنوات قليلة قبل انتهاء عقدة الكراء طويلة الأمد الموقعة بين باشوية مراكش والشركة المستغلة، بمبلغ وصل إلى حوالي 830 مليون سنتيم، بسعر لم يتجاوز 600 درهم للمتر المربع، مذكّرا بالاتهامات التي وجهها المستشار الجماعي أوراغ لأبدوح ومن معه بتلقي رشوة بملياري سنتيم. النيابة العامة تطالب بمضاعفة العقوبة لم تصل المواجهة بين النيابة العامة ودفاع المتهمين، خلال المرحلة الاستئنافية، إلى الحدة التي وصلت إليها مع ممثل الحق العام، خلال المحاكمة الابتدائية، القاضي عبد العزيز الراشدي بلحاج، ولكن مطالبهما تشابهت، خلال المرحلتين، فقد جدد نائب الوكيل العام المطالبة برفع العقوبة ضد أبدوح إلى عشر سنوات نافذة، وإلى سبع سنوات نافذة بالنسبة لباقي المتهمين، كما طالب بمصادرة ممتلكات المتهمين التي كانت موضوع رشاوى، وبتجريدهم من حقوقهم السياسية، أي منعهم من أن يكونوا ناخبين أو منتخبين، مع التشديد على أن يتضمن منطوق الحكم الاستئنافي أمرا باعتقالهم حالا خلال جلسة صدوره، مستندا إلى المادة 431 من قانون المسطرة الجنائية، التي تنص على أنه “يمكن لغرفة الجنايات، في حالة الحكم بعقوبة جنائية سالبة للحرية، أن تأمر بإلقاء القبض حالا على المحكوم عليه الذي حضر حرّا إلى الجلسة. وينفذ الأمر الصادر ضده رغم كل طعن”. نائب الوكيل العام أكد بأن جميع وسائل الإثبات تدين المتهمين، معتبرا بأن تذرع المتهم الأول بأن تفويت الكازينو كان بطلب من سلطة الوصاية، وأن دوره كان يقتصر على تنفيذ مقررات المجلس البلدي، (اعتبره) مبررا واهيا لا يعفيه من المسؤولية الجنائية، موضحا بأن القرار النهائي يرجع للمجلس، الذي قال إنه لو لم يصادق على المقرر لما كانت وزارة الداخلية أشّرت على التفويت، مضيفا بأن المجلس سيّدُ نفسه وكان بإمكانه رفض السعر المقترح من لجنة التقويم لهذه العقارات، أو يرفض التفويت من الأصل، أو أن ينتظر أربع سنوات حتى تنتهي مدة العقد المبرم مع الشركة المستغلة للكازينو، الذي كان سينتهي في سنة 2005 ليعود الحق للبلدية في استغلاله مجددا، بدل تفويته إلى جانب عقارات أخرى تقع في أرقى أحياء المدينة، لفائدة خمس مؤسسات فندقية بمبلغ ظل ثابتا في جميع العمليات، ولم يتجاوز 600 درهم للمتر المربع، في الوقت الذي أكد فيه تقرير للمفتشية العامة للإدارة الترابية، التابعة لوزارة الداخلية، بأن سعر التفويت لا يمكن أن يقل عن مليوني سنتيم للمتر المربع، وهو التقرير الذي أكد أنه كبّد البلدية خسائر قدرها في أكثر من 44 مليار سنتيم، إذ حدد الخسائر في تفويت “الكازينو” في أكثر من 19 مليارا و300 مليون سنتيم، وفي فندق “الأدارسة” في أكثر من 14 مليارا و900 مليون سنتيم، و3 ملايير و783 مليون سنتيم في تفويت عقار آخر لفائدة فندق “السياحة”، بينما ووصلت الخسائر إلى أكثر من 3 ملايير و790 مليون سنتيم في تفويت عقار لفندق “فرح سفير”، وأكثر من مليارين و300 مليون سنتيم في تفويت عقار لفندق “توبقال”.