في الوقت الذي يشتد فيه هجوم حزب “فوكس”، اليميني المتطرف، على المغرب والمهاجرين المغاربة، بعد اكتساحه للانتخابات التشريعية الأخيرة باحتلال المرتبة الثالثة، تستعد السلطات المغربية والإسبانية إلى مواجهة هذا الخطاب العنصري الذي يقتات على حساب ملف الهجرة ومعاناة المهاجرين، عبر إجراءات قانونية في إطار اتفاقية الشراكة الموقعة بين البلدين. إذ كشفت معطيات جديدة أن الرباط ومدريد تضعان اللمسات الأخيرة على اتفاق جديد لتعزيز التعاون في البحث وإنقاذ المهاجرين في سواحل البلدين. ورغم التوجس المغربي من حزب “بوديموس” اليساري المقرب من جبهة البوليساريو بخصوص نزاع الصحراء، إلا أن دخوله إلى الحكومة الإسبانية المرتقبة يعتبر مكسبا كبيرا للمهاجرين المغاربة بالجارة الشمالية، وفق ما أوضحه حقوقيون ومهاجرون غير نظاميين مغاربة ل”أخبار اليوم”. في هذا الصدد، كشف وزير التجهيز الإسباني، خوسي لويس آبالوس، خلال الكلمة التي ألقاها، يوم أول أمس الاثنين من لندن، بمناسبة انعقاد الجمعية العامة لمنظمة البحرية الدولية التابعة للأمم المتحدة، أن إسبانيا والمغرب يضعان اللمسات الأخيرة لتوقيع اتفاق إقليمي جديد للبحث والإنقاذ في أعماق البحر. وتابع الوزير أن الاتفاق الجديد “سيسمح بتعزيز أكثر آليات التنسيق والتعاون المتبادل” بين البلدين. وأسرّ خوسي لويس آبالوس، كذلك، أن الحكومتين المغربية والإسبانية تستعدان إلى إبلاغ منظمة البحرية الدولية في “الشهور المقبلة”، وفق وكالة الأنباء “أوروبا بريس”. ويسعى المغرب الذي احتضن القمة العالمية للهجرة في دجنبر 2018 بمراكش، بمعية إسبانيا، إلى إيجاد حلول دولية من شأنها مواجهة التحدي الذي تطرحه الهجرة السرية، بهدف أن تتحول إلى “هجرة آمنة ومنظمة ونظامية”. على صعيد متصل، تحولت تدفقات الهجرة غير النظامية إلى الأقاليم الجنوبية للمملكة بعد أن نجحت الأجهزة الأمنية المغربية في تضييق الخناق على مافيا تهريب المهاجرين إلى الجارة الشمالية على متن قوارب الموت عبر مضيق جبل طارق. وأوردت صحيفة “لاغوارديو”، نقلا عن مصادرها، أن جزر الكناري والبليار تحولت في الشهور الأخيرة إلى وجهة صاعدة للمهاجرين غير النظاميين الذين يصلون إلى إسبانيا. وتابعت قائلة: “تراجع عدد الواصلين عبر مضيق جبل طارق بنسبة 50 في المائة مقارنة مع نفس الفترة من السنة الماضية، لكن ارتفع عدد القوارب التي تصل إلى هذه الجزر”. وشرح المصدر عينه أنه “في بداية نونبر الجاري تم انتشال جثث 9 مهاجرين غرقى في جزيرة لانثاروتي بالكناري، بحيث كان على متن القارب 14 شخصا خرجوا من سواحل مدينة أكادير في الفاتح من الشهر نفسه”، واستطرد: “كلهم شباب مغاربة، وكلهم لا يعرفون السباحة”. وأردف أن إغلاق منفذ مياه جبل طارق، أجبر المافيا على البحث عن طرق جديدة انطلاقا من السواحل الأطلسية المغربية الطويلة جدا والصعبة المراقبة مقارنة مع المضيق أو المتوسط. وبين أن “الجزء الكبير من هاته القوارب يخرج من الداخلة، أو من سواحل القنيطرةوالرباط”. ويشير المصدر نقلا عن منظمة “الأندلس أكوخي” إلى أنه عندما يغلق الاتحاد الأوروبي منفذا بحريا، يفتح منفذا جديدا، لأن التعطش للهروب من الحرب أو الفقر لا تصده الحواجز ولا السياجات مهما ارتفع علوها”.