لا يقتصر استعمال كل صغيرة وكبيرة مرتبطة بالملك محمد السادس ونشاطاته على الصحافة الإسبانية لاستقطاب المزيد من القراء وإثارة الجدل، بل حتى بعض السياسيين الإسبان، منهم وزراء سابقون، يبدو أنهم يستعملون بعض الأحداث المقترنة بالملك، مما اطلعوا عليه بحكم المسؤوليات التي تقلدوها، للتسويق لمذكراتهم بعد الإحالة على التعاقد. هذا ما يتضح من خلال المذكرات الحديثة التي نشرها وزير الداخلية اليميني (2011-2018)، فيرنانديث دياث، تحت عنوان “كل يوم وسعيه”. هذه المذكرات لم تحظ باهتمام كبير في إسبانيا، باستثناء الفقرات المرتبطة بالمغرب، وبالضبط حادث اعتراض يخت الملك محمد السادس يوم 7 غشت 2014، من قبل دورية أمنية للحرس المدني الإسباني في المياه الإقليمية التابعة لمدينة سبتةالمحتلة. مصداقية هذه المذكرات على المحك، إذ يبدو وفق ردود الفعل أن الوزير الإسباني سقط في أخطاء وأغفل أشياء سهوا أو من منطلق التحفظ. ويقول الوزير في مذكراته: “كان (الملك محمد السادس) قد خرج إلى البحر، يتمتع بواحدة من هوياته المفضلة. في ذلك الإبان، رُصد أن المهربين يستعملون القوارب المطاطية لتهريب المخدرات. و(مساء 7 غشت 2014) رصد الحرس المدني الإسباني بالرادار إشارة وجود قارب ترفيه فاخر مجهول الهوية، واتُخذ قرار التدخل”، وعندما اقترب رئيس الدورية من الملك، أخبره هذا الأخير بلباقة قائلا: “ألم تتعرف عليّ”، وظل الأمني صامتا لهنيهة، قبل أن يكتشف أنه أمام ملك المغرب. بعد اعتراض يخت الملك، يشرح الوزير: “اتصل الملك (محمد السادس) في الحين بملك إسبانيا (فيليبي السادس). ومن الإدارة المغربية ذكروني بأن المشكل تكرر من جديد، لأنه في عهد وزير الداخلية السابق (الراحل ألفريدير بيريز روبالكابا) كانت بعض المروحيات التي تتزود بالوقود في صخرة النكور تحوم فوق اليخت الملكي المغربي، ما استوجب السفر إلى المغرب لتقديم الاعتذار والتسويات المناسبة”. وفي الوقت الذي يلمح فيه الوزير إلى أن الملك انزعج من عملية اعتراض يخته، علق الصحافي الإسباني المهتم بالشؤون المغربية، إغناسيو سيمبريو، في مقال له على مذكرة الوزير قائلا: “الذاكرة السيئة للوزير فيرنانديث دياث عند سرد واقعة إيقاف الملك محمد السادس”. ويوضح سيمبريرو، نقلا عن مصادره، أن قائد الدورية طلب من الملك محمد السادس مباشرة بعد التعرف عليه انتظار إخبار رئيسه في سبتة ليطلب منه شخصيا الاعتذار، وهو الشيء الذي استجاب له الملك، بل أكثر من ذلك قبل اعتذارهم، وطلب بعد ذلك عدم معاقبة أفراد الدورية. لكن الملك انزعج من تجاهل رسالة وجهت إلى الجهات المختصة الإسبانية مفادها أنه سيعبر مياه سبتة صوب طنجة. في هذا يكشف سيمبريرو: “استغل الملك فترة الانتظار (التي طلبها منه رئيس الدورية) في مياه سبتة لاتصال بنظيره الملك فيليبي السادس، وليشتكي، ليس من سلوك عناصر الأمن الصغار، الذين برأهم، بل من فعل أن السلطات الإسبانية تجاهلت مراسلة بُعثت لها مفادها أنه سيعبر مياه سبتة صوب طنجة”، غير أن سلطات “مدريد وسبتة تؤكد أنها لم تجد أي أثر لهذه المراسلة”. ويعتقد سيمبريرو، كذلك، أن الوزير لم يتحدث عن واقعة مهمة هي أن عودة العلاقة الدبلوماسية بين البلدين إلى مجراها الطبيعي لم تتم إلا بعد نزول رئيس ديوان الوزير، خافيير كوندي، واليوتنان جنرال، بابلو مارتينيث الونصو، قائد عملية المعهد المسلح، بالرباط، حيث سلموا تقريرا للسلطات المغربية يتحملون فيه اعتراض اليخت الملكي، كما أعلن إقالة رئيس قيادة الحرس المدني بسبتة. بعد يومين من ذلك أخبر محمد حصاد، وزير الداخلية حينها، نظيره الإسباني أن المغرب تجاوز صفحة أزمة اليخت.