قال عبد اللطيف الجواهري، والي بنك المغرب، إن مبادرات تحضير المنظومة المالية في المغرب كانت فردية ومبعثرة في البداية، إلى أن تم توحيدها باعتماد خارطة طريق وطنية عرفت إشراك مختلف الفاعلين المعنيين بالقطاع العام والخاص. الجواهري، الذي كان يتحدث أمس الأربعاء خلال المؤتمر الدولي للتمويل الأخضر أضاف أن من ضمن الإنجازات الرئيسية التي أعقبت هذا الإجراء، تقديم القطاع البنكي لبعض عروض التمويل الأخضر، تستند معظمها إلى خطوط تمويل ثنائية ومتعددة الأطراف، وإصدار السندات الخضراء الأولى، ثم قيام بورصة الدارالبيضاء باعتماد مؤشر مرجعي لقياس أداء أسهم المقاولات من حيث المسؤولية على المستوى البيئي والاجتماعي والحكامة الجيدة. فضلا عن هذا، يشير الجواهري إلى أن المغرب اعتمد عددا من المبادرات التي جمعت بين التمويل الأخضر والشمول المالي، وهي مبادرات تدخل في إطار سياسة كلية للشمول المالي يقودها بنك المغرب منذ حوالي 15 سنة، بالتنسيق مع الجهات المعنية. وحسب والي بنك المغرب، فقد أفضت هذه السياسة إلى تطوير منتجات مالية ملائمة، وتعزيز نقط الولوج إلى الخدمات المالية، ووضع بنيات تحتية للاستعلام المالي، وتحسين العلاقة بين البنوك وزبنائها والنهوض بالثقافة المالية، حيث ساهم انطلاق كل من البنوك التشاركية المطابقة للشريعة والأداء عبر الهاتف النقال، مؤخرا، في إغناء العروض الخاصة بالمنتوجات، مما من شأنه أن يساهم في إدماج فئة سكانية محرومة من هذه الخدمات، أو غير مستفيدة منها بالشكل الكافي. ومن أجل تعزيز وزيادة توحيد المجهودات المبذولة في هذا المجال، قال الجواهري إنه تم استكمال واعتماد الاستراتيجية الوطنية للشمول المالي في بداية سنة 2019. وتنص هذه الاستراتيجية على تسريع تنفيذ العديد من الإصلاحات المتعلقة بالخدمات المالية الرقمية، والمالية الصغرى، والتأمين الشمولي والتمويل التعاوني والتي تستهدف بالأساس الشباب، والنساء وسكان القرى. وقد كان من الطبيعي، يضيف الجواهري، أن تثمر هذه الاستراتيجية تطوير حلول مالية أولى ذات بعد أخضر لفائدة الفلاحين الصغار والمقاولات الصغيرة والصغيرة جدا والمتوسطة. ومن أبرز هذه الحلول توفير عرض تمويلي بدعم من الدولة، لفائدة المزارعين الصغار والمتوسطين، غير المستفيدين من القروض البنكية بسبب هشاشتهم الاقتصادية. ومن بين الأهداف التي يرمي إليها هذا العرض تمكين هذه الشريحة الاجتماعية، التي تمثل 70 في المائة من النسيج الفلاحي المغربي، من اعتماد ممارسات زراعية قادرة على الصمود أمام التغير المناخي. كما تم إحداث عرض للتأمين من أجل تغطية الخسائر التي يتكبدها المزارعون نتيجة الكوارث المرتبطة بالمناخ. وعلى نطاق أوسع، يجري حاليا تفعيل صندوق تضامن خاص لتعويض ضحايا الكوارث الطبيعية، الذي سيتم دعمه من الدولة وبرسوم شبه ضريبية مخصصة. أما على مستوى المقاولات الصغيرة جدا والصغيرة والمتوسطة، يقول والي البنك المركزي، قامت المؤسسة العمومية المكلفة بضمان القروض، مؤخرا، بإدراج البعد البيئي في عرضها، عن طريق تبني نظام تحفيزي يرمي إلى تحسين شروط تدخلها في القروض الموجهة للشركات العاملة في مجال الاقتصاد الأخضر، كما قامت بإرساء عرض للتمويل يستهدف المشاريع الخضراء.