بشكل مفاجئ، قرر حكيم بنشماش، الأمين العام لحزب الأصالة والمعاصرة، مراجعة كافة القرارات التأديبية التي اتخذها ضد معارضيه في تيار “المستقبل” في الشهور التي تلت الأحداث التي وقعت في اجتماع اللجنة التحضيرية ماي الفائت. وهذه خطوة تأتي مباشرة بعد تقدم تيار “المستقبل” بالاستئناف ضد الحكم الابتدائي ببطلان لجنته التحضيرية التي شكلها في ماي، وقادها سمير كودار منذ ذلك الحين. القرار أعلن عنه اليوم، بواسطة نداء موجه إلى هيئات الحزب، خصوصا مكتبه الفيدرالي الذي كان الذراع المؤسساتي لإقرار هذه العقوبات منذ إقالة رئيسه، محمد الحموتي، وكان ذلك أول قرار عقابي يتخذه بنشماش ضد معارضيه. بنشماش دعا مكتبه الفيدرالي إلى “مراجعة القرارات التأديبية التي سبق أن اتخذها في حق بعض أعضاء الحزب”، معتبرا أن هذه الخطوة ستكون “مبادرة تعلن حسن النية، ومد يد الصفح الجميل”، وأيضا “مقدمة دالة لتيسير شروط إطلاق الحوار الداخلي من أجل وحدة الحزب، بعيدا عن لغة الشماتة ومنطق المنتصر والمنهزم”. وكان المكتب الفيدرالي قد أقر الطرد من الحزب في حق سمير كودار، رئيس اللجنة التحضيرية لمؤتمر الحزب (المتنازع حولها)، وهو قرار طعن فيه كودار وربحه في المحكمة الأسبوع الفائت، كما أقال أحمد اخشيشين من منصبه كأمين عام بالنيابة، وأقال محمد الحموتي من منصبه رئيسا للمكتب الفيدرالي، وجمد عضوية بعض أعضاء هذا المكتب. وهي قرارات كان تيار “المستقبل” يطعن في مشروعيتها، وظلت وفقا لمصادر بالحزب، “حجر عثرة في طريق أي تقارب بين الطريف يمكن أن يمضي بالحزب قدما”ّ. وكان أنصار بنشماش، الأكثر إخلاصا له، مثل العربي المحارشي، وحسن التايقي، وحتى عبد المطلب أعميار، من أشد المعارضين لأي مراجعة للقرارات التأديبية الصادرة عن المكتب الفيدرالي ضد شخصيات تيار “المستقبل”، وتسببت هذه المعارضة في إفساد ظروف مصالحة كانت رئيسة المجلس الوطني للحزب، فاطمة الزهراء المنصوري، قد حاولت تنفيذها بمعية بنشماش، عقب تأجيل “المستقبل” لمؤتمره الذي كان مقررا في شهر شتنبر الفائت. لكن، مع ذلك، فإن الصيغة التي طرح بها بنشماش “مبادرة الصفح” هذه، تخلق بعض الانزعاج لدى قادة تيار “المستقبل” الذين يعتقدون بأن معركة المشروعية لم تنته بعد كما يحاول بنشماش أن يقنع أنصاره بذلك. كما أن كلمة “الصفح” التي وردت في ندائه، لم ترق للكثير من معارضيه، الذين لا يرون في أعمالهم التي دشنوها منذ ماي الفائت، “مخالفات للقانون تتطلب الصفح”. كودار، من جانبه، رفض التعليق على هذه المبادرة، مكتفيا بالقول إن “اجتماعا سيعقد في وقت لاحقا، يضم أعضاء اللجنة التحضيرية، سينظر بعين فاحصة إلى كافة التطورات الجارية في الحزب”. وتقدم كودار أمس الأربعاء باستئناف ضد الحكم الابتدائي القاضي ببطلان انتخابه رئيسا للجنة التحضيرية، وهي خطوة لم يكن يتوقعها أنصار بنشماش الذين كانوا يعتقدون أن كودار لن يلجأ إلى الاستئناف البتة.