يبدو أنّ الصدام بين الرئيس الأمريكي “ترامب”، ومستشاره للأمن القومي “جون بولتون” كانَ متوقَّعًا للدوائر القريبة من البيت الأبيض، بسبب الخلافات الواضحة بينهما، وبين هذا الأخير وباقي أعضاء فريق الأمن القومي من ناحية أخرى، لكن كيفَ أثر هذا القرار في ملف الصحراء، وزعزع الود الذي علقت البوليساريو عليه آمالها؟ تُشير المعطيات المتوفرة إلى أنّ رحيل “جون بولتون” من الباب الخلفي للبيت الأبيض يُشكل نبأ سارًا للمغرب، وضربة للانفصاليين في جبهة البوليساريو، ومعهم جنرالات الجزائر، المهتمة بقضية الصحراء، في تفاصيل خلفيات ذلك، كانَ “جون بولتون” يُعبر عن مواقف تقف إلى جانب جبهة البوليساريو، كمَا انتقد بشدة بعثة الأممالمتحدة للصحراء. وكانت تقارير إعلامية غربية قد اعتبرت أن “جون بولتون” أدى دورًا مهمًا في تقليص بعثة “المينورسو” إلى الصحراء من 12 إلى 6 أشهر، كما أنه كان الشخص غير المناسب، بسبب ازدرائه للقانون الدولي، منذ أن كان ممثلا للولايات المتحدة في الأممالمتحدة خلال إدارة “جورج دبليو بوش”، كداعية حرب. وكان “بولتون” يدعو كثيرًا إلى الحرب على إيران، وعارض أي تقارب مع كوريا الشمالية. وعلاقة بذلك، كانَ التوقيت غير متوقَّع للإطاحة ب”بولتون”، إذ يأتي قبل أيام من مشاركة الرئيس “ترامب” في اجتماعات الجمعية العمومية للأمم المتحدة، إذ من المتوقع أن يعقد عددا من الاجتماعات الثنائية مع رؤساء الدول، وهي لقاءات عادةً ما يؤدي مستشار الأمن القومي دورًا مهما في التحضير لها. وفيما يتعلق بقضية الصحراء، فإن عدم احترام “بولتون” لعملية الأممالمتحدة، والتشكيك في جدوى بعثة الأممالمتحدة للاستفتاء في الصحراء جعل جبهة البوليساريو، وراعيتها الجزائر يفكران في أن الولاياتالمتحدة قد تمضي قدمًا في كشف خيار الاستفتاء، إذ وصل خيار الاستفتاء إلى طريق مسدود، بسبب عدة أمور، منها تجنيد البوليساريو لأشخاص لا علاقة لهم بالصحراء في محاولة لزيادة الأصوات لصالحها. وفي أول تصريح من الرئيس للصحافيين في البيت الأبيض، بعد إبعاد “بولتون” بيوم واحد، قال “ترامب”، أول أمس الأربعاء إن “بولتون” ارتكب أخطاء كثيرة، وأشار إلى أن أهمها هو “عندما تحدث “بولتون” عن أن النموذج الليبي يجب أن يطبَّق على المفاوضات مع كوريا الشمالية، وهو الأمر، الذي انتهى بقتل الزعيم الليبي”.