نشرة إنذارية: تساقطات ثلجية ورياح قوية مرتقبة الأحد والاثنين بعدد من مناطق المغرب    أزيد من 4 مليارات متر مكعب حجم انتاج وواردات سلطنة عمان من الغاز الطبيعي متم يناير 2025    الولايات المتحدة.. إنهاء الوضع القانوني لأزيد من 500 ألف مهاجر من أمريكا اللاتينية    بورصة الدار البيضاء تنهي تداولات الأسبوع بأداء إيجابي    معطيات أمريكية تكشف استيراد المغرب 7 ملايين طن من القمح    انطلاقة إحداث مصلحة جديدة لحوادث السير بصفرو وإعلان عن تعيينات في مناصب المسؤولية بمدن تازة وأكادير والداخلة وسلا وتطوان    البابا يمضي نقاهة طويلة بالفاتيكان    مومن: مباراة النيجر مفيدة ل"الأسود"    منتخب السكتيوي يجري مباراتين وديتين    تفاصيل تتويج الفرق الفائزة بالنسخة الثالثة لدوري رمضان بسجن العرجات 2    مخاوف من مشاكل اجتماعية بطنجة وتطوان بسبب نقص "الميثادون"    إصابة 25 عاملة زراعية في حادثة سير نواحي اشتوكة آيت باها    حموشي يُصدر قرارا بالتوقيف المؤقت في حق الشرطي المتهم في قضية مخدرات    وفاة أسطورة الملاكمة جورج فورمان عن 76 سنة    غانا تدعم المغرب في مجال الفلاحة    سائق دراجة نارية يلفظ أنفاسه الأخيرة ملتحقا بشقيقته عقب حادثة سير مروعة بطنجة    بعد اجتياحه لليبيا وتونس والجزائر.. مطالب للحكومة باتخاذ إجراءات عاجلة لمواجهة خطر الجراد    مقاييس الأمطار المسجلة بالمملكة خلال ال 24 ساعة الماضية    جماعة الدار البيضاء تواصل جهودها لمواجهة الإجهاد المائي وتنزيل مشاريع تثمين الماء    شراكة تعزّز الوعي بصحة الفم بالمغرب    قصف يخلف قتيلة وجرحى بجنوب لبنان    "مغربيات ضد التطبيع" تدين تخاذل وتواطؤ الدول العربية وتدعو للضغط على الحكومات    اليماني يدعو أخنوش لتغليب المصلحة العامة للمغرب واستئناف أنشطة التكرير في مصفاة "سامير"    السّياحة في أكادير تُحافظ على وتيرتها التصاعدية والسُّياح البريطانيون في المقدمة    سفير إسبانيا السابق بالرباط يكشف أمرا مثيرا بخصوص مطالب بالمغرب بسبتة ومليلية    وزارة الصحة والنقابات يتفقان على رفع تعويض الحراسة وزيادة 500 درهم للممرضين    في أول مواجهة بين الركراكي والزاكي.. هكذا نظر كل منهما لمباراة المغرب والنيجر    المغرب يتقهقر للمركز 89 في "مؤشر السعادة" العالمي    تقنين قطاع المقاهي والمطاعم في المغرب يقترب من الحسم    تسخينات "انتخابات 2026" .. إنزال لوزراء "الأحرار" في خنيفرة    مجلس السلم والأمن الإفريقي يناقش أجندة المرأة والسلام والأمن تحت الرئاسة المغربية    الأمم المتحدة تحذر من "صدمة نفسية هائلة" لأطفال غزة بعد تجدد القتال    جرائم الكراهية تتضاعف... ومساجد تتحول إلى ساحات استهداف في ألمانيا    ألمانيا وفرنسا وبريطانيا تدعو إلى "العودة الفورية لوقف إطلاق النار في غزة"    أجواء ممطرة في توقعات طقس السبت    الزاكي: تأثرت بسماع النشيد الوطني    انطلاق فعاليات "زهرية مراكش"    مبعوث ترامب: الأوضاغ في غزة قد تؤدي إلى انهيار الأنظمة في مصر والأردن والسعودية (فيديو)    المنتخب المغربي يفوز بصعوبة على مضيفه النيجر ويقترب من بلوغ مونديال 2026    هكذا كان أداء لاعبي المنتخب الوطني المغربي بعد الفوز الصعب على النيجر    المجلس العلمي الأعلى يحدد مقدار زكاة الفطر لهذه السنة    رحيل مخرج "وادي الذئاب" "دموع الورد".. نهاية أسطورة الدراما التركية    أمطار الخير تُعيد الحياة لفلاحة الشمال وسدوده!    المجلس العلمي الأعلى يحدد قيمة زكاة الفطر لعام 1446 ه في المغرب    مجموعة "أكديتال" تتصدر معاملات البورصة متقدمة على "التجاري وفا بنك" و"اتصالات المغرب"    تنظيم منتدى الصحراء المغربية الدولي للصحافة والإعلام بسيدي إفني    أبحاث جديدة تفسر سبب صعوبة تذكر الذكريات الأولى للأطفال    المجلس العلمي الأعلى يرفع قيمة الزكاة في المغرب    الصيام بين الفوائد الصحية والمخاطر    منظمة الصحة العالمية تدعو لاتخاذ إجراءات عاجلة لمكافحة السل    صحة الصائم الجيدة رهينة بالتوازن في الأكل و النوم و شيء من الرياضة..    من أجل فلسفة جذرية    أمسية شعرية وفنية تحتفي باليوم العالمي للشعر في طنجة    عمرو خالد: هذه شفاعات كبرى للنبي صلى الله عليه وسلم تنجي من أهوال يوم القيامة    التوازن بين العقل والإيمان: دعوة لفهم شامل وعمق روحي.. بقلم // محمد بوفتاس    2025 سنة التطوع: بواعث دينية ودوافع وطنية    بعد 15 سنة من العطاء…اعتزال مفاجئ للمخرج المصري محمد سامي للدراما التلفزيونية    أوريد: أزمة السياسة "ليست مغربية".. والشعبوية متحور عن الفاشية    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



وادي الذهب.. هكذا عبر موريتانيا وصبّ في المغرب
نشر في اليوم 24 يوم 18 - 08 - 2019

حلّت هذا الأسبوع ذكرى مرور 40 سنة على استرجاع المغرب لإقليم وادي الذهب. هو آخر قسم من التراب الوطنيتمت استعادته إلى حظيرة الوطن، لكنه وخلافا لباقي المناطق التي استرجعها المغرب تباعا بعد استقلاله الأولي عنفرنسا وإسبانيا، لم تتسلّم المملكة إقليم وادي الذهب من يد مستعمر أوروبي، بل سحبتها من قلب اتفاق غادر، كانيقضي بنقل السيادة عليها من موريتانيا التي شاركت المغرب معركة تخليص الصحراء من الاستعمار الإسباني، إلىجبهة البوليساريو.
مشهد الأعيان والشيوخ الذين مثلوا بين يدي الملك الراحل، الحسن الثاني، لتقديم البيعة الشرعية له في منتصفغشت 1979، ليس سوى واحدٍ من مشاهد مسار طويل بدأ مع المسيرة الخضراء ولم ينته إلى اليوم. لكن خضوعإقليم وادي الذهب للسيطرة الموريتانية بعد المسيرة الخضراء، وبناء على اتفاقية مدريد الشهيرة التي وقعت بين المغربوإسبانيا وموريتانيا في أبريل 1976، بات أقرب إلى ال“طابو” في النقاشات التي يعرفها المغرب حول ملفالصحراء، بينما يعتبر هذا القوس الفاصل بين 1976 و1979 حاسما في فهم أبعاد وخلفيات هذا النزاع الذي كلّفالمغرب قرابة نصف قرن من الحرب والارتهان للمسارات الدولية والاستنزاف الاقتصادي.
حلول الذكرى صادف هذه السنة نشر المزيد من الوثائق الاستخباراتية الأمريكية التي كانت مشمولة بالسرية، وجلهاتقارير وبرقيات دبلوماسية. لكنّنا في هذه المحاولة لإعادة تركيب القصة المتعلقة بالثلث الجنوبي من الصحراء،سنعطي الكلمة أساسا للملك الراحل الحسن الثاني، من خلال أرشيف خطاباته وندواته واستجواباته الصحافية،لنحكي قصة “تنازل” تكتيكي ومرحلي قام به المغرب لفائدة موريتانيا، قبل أن يستعيد أرضه بالبيعة الشرعية والقوةالعسكرية.
وفي جذور هذه الفكرة القائمة على اقتسام الصحراء بين المغرب وموريتانيا، نعود إلى الأيام الأولى التي أعقبت تنظيمالمسيرة الخضراء. ل“نشاهد” الملك الراحل الحسن الثاني، وهو في ندوة صحافية عقدها بالقصر الملكي بالرباط يوم25 نونبر 1975، وهو يروي مضمون الحوار الذي دار بينه وبين الأمين العام للأمم المتحدة مستهل العام 1975: “قال لي بعد مأدبة عشاء: لقد بدأت تروج بعض الإشاعات في كواليس الأمم المتحدة عن اقتسام الصحراء بينكم وبينموريتانيا. وقلت: هل تشكون في ذلك يا حضرة الأمين العام؟“.
في الأرشيف الرسمي للمغرب، نجد نص اتفاقية مؤرخة في 14 أبريل 1976 تتعلق بتخطيط الحدود البرية بينالمغرب وموريتانيا. الظهير الملكي الذي يصادق على الاتفاق صدر في الجريدة الرسمية عدد 3311 مكرر. إلىجانب هذه الاتفاقية، أبرم اتفاق تعاون اقتصادي ملحق بها، ينص على اشتراك البلدين في رأسمال شركة فوسبوكراع التي تستغل الفوسفاط في الصحراء، “على أن تحدد ترتيبات هذا الاشتراك باتفاق بين البلدين“. ويضيفالاتفاق الاقتصادي أن البلدين اتفقا على تنسيق وسائلهما وطاقاتهما من أجل استكشاف الثروات الباطنية فيالأقاليم الصحراوية المسترجعة قصد العمل على استغلالها بكيفية مشتركة…
ما خشيه المغرب حصل بالفعل، وتبديدا لأي شك حول الجهة التي تقف وراءه، فإن الاتفاق بين موريتانيا والبوليساريووقع في العاصمة الجزائرية. وفدان يمثلان الطرفين، اجتمعا رسميا بين 3 و 5 غشت 1979، ووقّعا على وثيقة تلتزمبموجبها موريتانيا بالانسحاب من الصحراء وتسليم الجزء الخاضع لسيطرتها لجبهة البوليساريو، وذلك بعد سبعةأشهر من توقيع الاتفاق، أي أن وادي الذهب كان سيصبح تراب دولة البوليساريو ويمنحها فرصة الوجود المادي لأولمرة.
فهم التعقيدات المرتبطة بتدبير المسار الأممي لملف الصحراء، يقتضي الوقوف على ما جرى في تلك المرحلة، من توافقمغربي موريتاني، كان هدفه الأول والأخير، الحفاظ على ارتباط المغرب بعمقه الإفريقي، والحؤول دون زرع كيانمعادٍ يفصله عن موريتانيا، وتتحكم فيه الجزائر. وإذا كان هذا الصراع المرير قد استمر إلى اليوم، فلأن خصومالمغرب أصروا على فصله عن إفريقيا، وانطلقوا من الانقلاب الذي عرفته موريتانيا في يوليوز 1978، للإطاحةبالمختار ولد داداه، رفيق الحسن الثاني في استرجاع الصحراء.
بين تاريخ الانقلاب في موريتانيا ومسارعة الجيش المغربي إلى فرض سيطرته على “تيرس الغربية” وبين لحظة قدومشيوخ وأعيان الإقليم لتقديم بيعتهم في غشت 1979، واصل الحسن الثاني مرافعاته الدينية والتاريخيةوالدبلوماسية لتأصيل ما يقدم عليه من خطوات. “… إذا قامت موريتانيا بعمل مثل هذا (التنازل عن وادي الذهبللبوليساريو)، فسوف يكون على المغرب إذاك أن يتحمل مسؤوليته، ولا أقول مسؤولياته، أي المسؤولية الوحيدةالضرورية الواجبة، وهي مسؤولية الدفاع عن البقاء…”، بقول الحسن الثاني في درس حسني رمضاني أسبوعينقبل تلقيه البيعة.
الاعتبارات التي جعلت إقليم وادي الذهب في قلب حرب السبعينيات، هي نفسها التي تستمر اليوم، لكن بأساليبأخرى، وغايتها الأخيرة خنق المنفذ البري الوحيد للمغرب نحو عمقه الإفريقي. مصدر جيّد الاطلاع قال ل“أخباراليوم” إن السنة الماضية شهدت إحصاء ما يناهز 109 من الجنسيات التي عبرت النقطة الحدودية “الكركرات“، مايؤكد تحوّل هذه الطريق الرابطة بين المغرب وموريتانيا إلى شريان للمبادلات العالمية.
التحركات الدولية والإقليمية التي تجري حاليا لمحاولة التوصل إلى حل نهائي لنزاع الصحراء، أعادت إشراكموريتانيا بقوة، سواء من خلال عودة الحديث في الكواليس عن “حل فيدرالي” بينها وبين البوليساريو، أو طرح أفكارلجعل الحل النهائي للنزاع يبني شراكة جديدة بين المغرب وموريتانيا، من قبيل جعل الميناء الأطلسي الكبير الذييخطط له المغرب يتحول إلى مشروع مشترك بين البلدين، وربما يقام في خليج الكويرة المهجور حاليا. لكن أول خطوةفي بناء المستقبل، هي معرفة حقائق الماضي.
خضوع إقليم وادي الذهب للسيطرة الموريتانية بعد المسيرة الخضراء، وبناء على اتفاقية مدريد الشهيرة التي وُقّعتبين المغرب وإسبانيا وموريتانيا في أبريل 1976، بات أقرب إلى ال“طابو” في النقاشات التي يعرفها المغرب حولملف الصحراء، بينما يعتبر هذا القوس الفاصل بين 1976 و1979 حاسما في فهم أبعاد وخلفيات هذا النزاع،الذي كلّف المغرب قرابة نصف قرن من الحرب والارتهان للمسارات الدولية والاستنزاف الاقتصادي.


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.