في ال 14 من شهر نونبر من سنة 1975 وقّعت كل من إسبانيا والمملكة المغربية وموريتانيا اتفاقاً ثلاثياً (يُراعي مصالح الأطراف الثلاثة) في العاصمة الإسبانية مدريد، يُمهِّد لخروج إسبانيا من الصحراء. وما هي إلا سنوات قليلة من توقيع هذا الإتفاق، حتى وقع انقلابٌ عسكري في موريتانيا في ال 10 من شهر يوليوز من سنة 1978، أطاح بالرئيس الموريتاني المختار ولد داداه الذي كان يُعتبر حليفاً للمغرب، ليُصبح بعد ذلك قائد أركان الجيش الموريتاني المصطفى بن محمد السالك رئيسا للبلاد. هذا الأخيرُ قرَّر التنصل من التعهدات و الالتزامات التي وقعت عليها موريتانيا بمُوجب اتفاق مدريد. وبعد اخلال حاكم موريتانيا الجديد بالتزاماته تجاه اتفاق مدريد ومن خلاله تجاه المغرب، دخلت الجزائر على الخط وقامت برعاية مُفاوضات بين الجبهة الانفصالية وموريتانيا في الثالث والرابع من شهر غشت من سنة 1979، ووقع الجانبان اتفاق سلام يُعلن رسمياً عن انسحاب موريتانيا من اتفاقية مدريد، وأمر صُنّاع القرار في نواكشوط بعد هذا الاتفاق قواتهم العسكرية بالانسحاب من إقليم وادي الذهب وتركه لميليشيات البوليساريو. الانسحاب الموريتاني من إقليم وادي الذهب ،جاء في سياق صراع عسكري مرير مع جبهة البوليساريو المُدعمة من قبل الجزائر وليبيا ،والذي بلغ (الصراع) أقصى مداه في الهجوم على نواكشوط يوم 3 يوليوز سنة 1977 واحتلالها وقصف القصر الرئاسي الجمهوري وبعض السفارات المُعتمدة في موريتانيا ،ما دفع بالقوات العسكرية الفرنسية المدعومة بالقوات الجوية الى التدخل في إطار عملية "خروف البحر" في 23 نونبر 1977. وأمام هذا الوضع المُستجد والخطير كان لزاماً على المغرب التحرك سريعاً، وهو ما قام به الراحل الحسن الثاني، حيث وجَّه أوامره للقوات المُسلحة الملكية بالدخول إلى إقليم وادي الذهب. وقبل أن يجفّ حبرُ الاتفاقية الموقعة بين موريتانيا والبوليساريو (برعاية جزائرية) كان الجيش المغربي ينتشر فعلاً في إقليم وادي الذهب ،ليُفشل بذلك المغرب خطة الجزائر والبوليساريو الرامية الى السيطرة على الإقليم. ولإماطة اللثام عن الحرب التي دارت رحاها بين موريتانيا والبوليساريو ،استضاف التلفزيون الموريتاني الرسمي، في فترة سابقة ،على الهواء مباشرة وفي مُبادرة غير مسبوقة، السجين الموريتاني السابق محمد بابا فال ولد أمد، الذي قدم على الهواء شهادته حول سنوات الاعتقال في سجون لحمادة رفقة 500 موريتاني آخر؛ وتحدث ضيف البرنامج التلفزيوني، الذي شغل منصب حاكم أزويرات ومُدير للاذاعة الموريتانية، بإسهاب و تدقيق عن تجربة الاحتجاز المريرة و كشف أسراراً خطيرة حول جبهة البوليساريو و دعم الجزائر الموصول لها فضلا عن ما وصفه بتواطؤ بين قيادات ومسؤولين بالرابوني و نواكشوط لطي ملف الأسرى الموريتانيين في سجون الرابوني والضغط من أجل إسكات الأصوات المُنادية بمُحاسبة والقصاص من قادة البوليساريو المسؤولين عن أفعال الاحتجاز و التعذيب الرهيبين.