يعد عبد الرحمان بنعمرو من أشهر المحامين الذين انتصبوا للدفاع عن ضحايا سنوات الرصاص، ومنفذي أشهر الانقلابات، سواء انقلاب الصخيرات أو انقلاب الطائرة، حضر عملية تنفيذ أحكام بالإعدام في حق موكليه، ووجد نفسه مطالبا بحضور عملية إعدام بلحاج، الضابط الذي أعطاه محمد أوفقير، وزير الداخلية والدفاع، الأوامر للطيران بالطائرة، لمحاصرة طائرة البوينغ التي كان على متنها الحسن الثاني قادما من برشلونة. رافع في ملف المحاكمة العسكرية لطلبة مدرسة هرمومو، كان يدافع عن محمد الرايس، مساعد الكولونيل اعبابو، وأحد الشهود الأحياء على ما وقع لتلاميذ مدرسة هرمومو العسكرية أواخر سبعينيات القرن الماضي. في 31 يناير من سنة 1972، بدأت محاكمة المعتقلين، في المحكمة العسكرية بالقنيطرة، ودامت المحاكمة شهرا كاملا، وأصدرت هيئة الحكم قرارا بإعدام عشرة ضباط، بينهم أربعة جنرالات، فيما أدين ضباط آخرون بالسجن، وجرى ترحيلهم إلى معتقل تزمامارت الشهير. بالنسبة إلى بنعمرو، الذي دافع عن طلبة وضباط مدرسة هرمومو، الذين برئ بعضهم وأعفي بعضهم الآخر من العقاب، فإن أغلب الطلبة العسكريين تلقوا تعليمات بإطلاق الرصاص فنفذوها، دون أن تكون لهم يد في الانقلاب، لا من قريب ولا من بعيد. وقد قضت المحكمة العسكرية بالقنيطرة في حق تلاميذ المدرسة العسكرية، الذين تجاوز عددهم الألف طالب، بالبراءة، وعادوا لإتمام تكوينهم بعد ذلك، لكن في مدارس عسكرية أخرى، حيث فرضت عليهم رقابة صارمة. وحسب بنعمرو، فإن القانون العسكري الذي حوكم به طلاب المدرسة العسكرية بهرمومو، لم يصدر أحكاما معللة، فالمحاكمة العسكرية، بصفة عامة، لم تكن تتوفر فيها الضمانات الموجودة في قانون المسطرة الجنائية في الجرائم العادية. كان عددهم كثيرا، ومحاكمتهم جرت بسرعة كبيرة، والأحكام كانت قاسية بالنسبة إلى البعض، وجرت تبرئة أغلبية الطلبة. يحكي بنعمرو عن أجواء المحاكمة، فيؤكد أن الطلبة العسكريين كانت معنوياتهم مرتفعة، قالوا إنهم تلقوا تعليمات عسكرية من الجنرال اعبابو في غابة بوقنادل، وأخبرهم بأن الملك في خطر، في الوقت الذي غابت عنهم التوجهات الحقيقية لمنفذي الانقلاب ومهندسيه. وقال بنعمرو، وهو يكشف كواليس محاكمة طلبة هرمومو، إنه كان يدافع عن جميع الموكلين بالحماس نفسه، «حتى المتهمين بالتخطيط لقتل الملك دافعت عنهم انطلاقا من هذه المبادئ، سواء في حادث إسقاط طائرة الحسن الثاني، أو في محاولة الانقلاب عليه بالصخيرات، كنت أردد دائما في مرافعتي أمام القضاة في المحكمة أن محاولات الانقلاب استغل فيها الضباط الكبار ضباطا يائسين من عدم وجود ديمقراطية وعدالة اجتماعية بسبب تفشي الظلم والاستغلال، في حين كان هناك ضباط آخرون مقيدين وليس لهم إرادة أمام رؤسائهم». وكشف بنعمرو أن انقلاب الصخيرات انطلق من الثكنة العسكرية بهرمومو، بالنسبة إليه «محمد المذبوح ومحمد اعبابو خططا للانقلاب بكثير من الدهاء، واستطاعا الوصول إلى القصر الملكي بالصخيرات، غير أن انقلابهما انتهى بشجار بين المذبوح واعبابو، فكان مصيره الفشل». في محاكمة أحداث الصخيرات يوليوز 1971، كان الأمر مختلفا، حسب المحامي بنعمرو، لأن «موكلي الرايس لم يعدم رغم أنه صدر في حقه حكم بالإعدام، لكنه، في المقابل، عذب في سجن تزمامارت، وهو أيضا موت لكنه بطيء جدا. دافعت آنذاك عن محمد الرايس، أحد المتهمين بمحاولة قتل الملك ومحاولة إسقاط النظام في انقلاب الصخيرات. كان عدد المعتقلين في محاكمة الصخيرات يتجاوز الألف معتقل، منهم ضباط، وقد نقل أغلبهم إلى معتقل تزمامارت، وأخبرني موكلي محمد الرايس بأن محمد اعبابو أحضرهم من هرمومو، وأكد لهم أن الملكية مهددة، وطلب منهم التنسيق لإنقاذ الملك. دخلوا القصر من أجل ذلك، قتلوا الأبرياء خوفا على الملك، لاعتقادهم أنهم يشكلون خطرا على الحسن الثاني، ليفاجؤوا في النهاية بأنها ليست سوى مؤامرة حاكها محمد اعبابو ومحمد المذبوح، فمحمد الرايس لم يكن بمقدوره قول لا لمحمد اعبابو، وحتى إن قالها كان مصيره هو القتل، ولأنه عسكري ومدرب على القوانين العسكرية، يجب أن يخضع للأوامر التي فرضت عليه إطلاق الرصاص». وكشف بنعمرو جانبا مما حصل داخل قصر الصخيرات بعد دخول طلبة هرمومو، «التقيت محمد الرايس في السجن العسكري بالقنيطرة قبل بداية المحاكمة، واعترف بأنه أطلق الرصاص داخل قصر الصخيرات، وأنه حين جاء بهم محمد اعبابو من هرمومو أخبرهم بأن لديهم تدريبا ببنسليمان، لكن عندما وصلوا إلى بوقنادل أخبرهم بأن الملك مهدد في قصر الصخيرات، ويجب الذهاب إلى هناك لإنقاذه».