القاهرة صراع الأهلي والزمالك ضارب في عمق التاريخ بين هرمين كرويين بمصر لتأكيد الريادة والأحقية بتسيد الكرة بأرض الكنانة في نسخة طبق الأصل بين الثالوث المغربي الوداد، الرجاء، والجيش الملكي. التنافس بين العملاقين المصريين له أوجه عديدة في صراع يومي لحمل مشعل الكرة في بلاد تنسي فيه الكرة مشاكل الحياة وقسوتها، في ظل انتشار الفقر والبطالة على غرار ما تعيشه الشعوب الإفريقية، التي تراهن على المستديرة للسفر بها في عوالم المتعة والفرجة بعيدا عن المعاناة اليومية والانشغالات الدائمة بشؤون الحياة. لا صوت يعلو في القاهرة على صوت “الكان”، عرس يراهن الجميع على إنجاحه رياضيا وسياحيا لاستقطاب المزيد من السياح، الذين يضخون أموالا بالعملة الصعبة، والتأكيد على مكانة مصر الكروية في المنظومة الإفريقية. للصراع الخفي والمعلن بين جماهير الزمالك والأهلي أوجه عديدة، حيث كل طرف يسخر الغالي والنفيس للتأكيد على أنه الأقوى والأفضل كرويا، ووسط هذا التنافس تذوب المشاكل اليومية وتتحول الكرة إلى متنفس ينسي الهموم، ولو على الأقل نسبيا بالنظر إلى تأثيرها الكبير على الجماهير المصرية المتعصبة لفرقها. وفي خضم هذا التنافس المحتدم تسخر جماهير الأهلي من عشاق الزمالك وتتهمهم بكونهم “وش نحس” ونذير شؤم، وتحذر المغاربة من مغبة تشجيعهم لمنتخبهم باعتبارهم “قواسين” يفسدون الأفراح ويجلبون النحس، من جهتها جماهير الزمالك تتغنى بلاعبها بوطيب وتتسائل عن السر وراء عدم مشاركته بشكل رسمي مع “الأسود” معتبرة إياه لاعبا “كويس” وبإمكانه تقديم الإضافة المطلوب لجبهة هجوم “الأسود”. الصراع بين “الأهلاويين والزمالكويين” يأخذ أبعادا أخرى في مناطق القاهرة، حيث عشاق الزمالك يعتبرون أنفسهم الأقوى كرويا وجماهيريا، في وقت يتشبث فيه أنصار الأهلي بكونهم أسياد الكرة والحلقة الأقوى محليا وقاريا. ووسط هذا النقاش المحتد والدائم، تتوحد الجماهير المصرية لتشجيع المنتخبات العربية المشاركة في نهائيات العرس القاري، خاصة المغرب والجزائر من منطلق نصرة الوحدة العربية، فضلا عن اعتبارهما منتخبين قويين يعجان بالنجوم والمواهب، التي تبعث الدفء في المدرجات وتخلق الفرجة والمتعة، التي يبحث عنها عشاق المستديرة في كل زمان ومكان.