أعلنت وزارة الداخلية عن نتائج عملية إحصاء الراغبين في أداء الخدمة العسكرية، بحيث وصل عدد الذين عبؤوا استمارة التسجيل نحو 133 ألفا و820 شخصا، بينهم 13 ألفا 614 إناثا، بنسبة 10,17 في المائة من مجموع المسجلين. عملية التسجيل كانت قد انطلقت منذ 9 أبريل 2019، إلى غاية 7 يونيو الجاري، واكبتها حملة إعلامية واسعة تُرغّب الشباب، ذكورا وإناثا، في الإقبال على أداء الخدمة العسكرية، ويبدو أن الانخراط كان “كبيرا”، حسب بلاغ الوزارة. وقال وزير الداخلية إنه ابتداء من 17 يونيو الجاري، سيتم حصر لائحة الأشخاص المسجلين خلال الفترة المذكورة، والمؤهلين مبدئيا لأداء الخدمة العسكرية من طرف اللجان الإقليمية في كل عمالة وإقليم. وبسبب الإقبال، أكد الوزير أن اللجنة المركزية ستعقد اجتماعا قبل نهاية يونيو الجاري من أجل وضع معايير دقيقة لانتقاء المؤهلين لتشكيل الفوج الأول، في احترام لمبدأ المساواة بين المواطنين، وأخذا بعين الاعتبار مبدأ التوازن بين الجهات. ولا يُعرف هل ستكتفي اللجان الإقليمية بالانتقاء من بين المسجلين الذين عبروا عن رغبتهم في أداء الخدمة العسكرية، أم بإمكانها أن تستدعي من لم يعبّر عن هذه الرغبة أيضا، علما أن الفقرة الثالثة من المادة الرابعة من قانون الخدمة العسكرية تنص على أنها تكون واجبة إلى سن الخامسة والعشرين. وأرجع محمد شقير، متخصص في الدراسات العسكرية، إقبال الشباب على أداء الخدمة العسكرية إلى عدة اعتبارات، أبرزها “تواري الخلفية السياسية في صفوف الشباب” على خلاف مرحلة الستينيات، حيث كان “للشباب موقف سياسي من السلطة، وبالتالي من الخدمة العسكرية”، علاوة على “الحملة الإعلامية التي ركزت على الامتيازات المالية التي ستخول للمجندين، علما أن نسبة واسعة من الشباب يعيشون وضعية بطالة وفراغ، ويبحثون عن أي فرصة للخروج من هذا الوضع”. ويمثل الشباب نسبة 34 في المائة من التركيبة السكانية للمملكة، أي ما يعادل 11,7 مليون شاب، وبحسب إحصاءات أخيرة للمندوبية السامية للتخطيط، فإن الشباب بين 15 و24 سنة يعانون من البطالة بنسبة 26,5 في المائة، وقد تصل إلى نسبة 42 في المائة بين شباب المدن، وهو ما يفسر، حسب ما يبدو، تنامي مشاعر الاستياء والإحباط. ومن المنتظر أن يكون الفوج الأول من المجندين جاهزا للبدء في التدريب والتكوين في شتنبر المقبل، وكانت الحكومة قد حددت، برسم قانون المالية لسنة 2019، العدد المسموح به في 10 آلاف مجند، سيتم انتقاؤهم، وفق شروط قانونية محددة، من بين الشباب الذين تتراوح أعمارهم بين 19 و25 سنة أساسا، وقد يتم استدعاء، مستقبلا، كل من تجاوز 25 سنة حتى 40 سنة ممن استفادوا من الإعفاء لسبب من الأسباب (الدراسة أو غيرها). وتستعد القوات المسلحة لاستقبال المجندين في مراكز للتدريب العسكري، من أبرزها مراكز في بني ملال والحاجب والنواصر وتمارة وغيرها، وحددت فترة التدريب في 12 شهرا، وخصصت الحكومة أجرة وتعويضات للمجندين، حسب رتبهم، بقيمة 1050 درهما للجنود، و1500 درهم لضباط صف – و2100 درهم للضباط، علاوة على التغذية المجانية واللباس، والعلاجات الاستشفائية والتغطية الصحية، والتأمين عن الوفاة وعن العجز في حالة حدوث ذلك أثناء أداء الخدمة. ويرى محللون في عودة المغرب إلى العمل بنظام الخدمة العسكرية الإجبارية محاولة لإشراك المؤسسة العسكرية في امتصاص حدة البطالة والاحتقان الاجتماعي أساسا، خصوصا وأن السنوات الحالية والمقبلة ستشهد ارتفاع نسبة الشباب الباحثين عن العمل، في سياق اقتصادي متقلب، واحتقان اجتماعي متواصل منذ سنوات في المغرب وفي المحيط الإقليمي. وكان الملك محمد السادس قد أمر بالرفع من عدد المجندين في السنة المالية المقبلة، من 10 آلاف إلى 15 ألف مجند، تفاعلا مع الإقبال الكبير للشباب على التسجيل لأداء الخدمة. علما أن الأعداد المقررة لم تكن تتجاوز 6 آلاف مجند في آخر تجربة للخدمة العسكرية توقفت سنة 2007.