اختار وزير التربية الوطنية والتعليم العالي، سعيد أمزازي، طريقة غريبة للضغط على طلبة كليات الطب الذين يقاطعون الدراسة منذ حوالي أحد عشر شهرا، عندما قرر إجراء امتحانات كليات الطب بدءا من يوم أمس الاثنين، 10 يونيو، لتمتد إلى أسبوعين، رغم أن نسبة مقاطعة الامتحانات كانت كبيرة جدا، ولم يحضر إلا الطلبة الأجانب والطلبة العسكريون، نظرا إلى وضعيتهم الخاصة. آباء وأمهات الطلبة احتجوا أمام الكليات خلال فترة الامتحان، فيما اختار الطلبة المضربون الابتعاد مخافة أن يُتهموا بالعرقلة. فكيف فكر الوزير في إجراء امتحانات بمقاعد فارغة؟ وكيف أمكن تنظيم امتحانات دون ضمان تلقي الطلبة دروسهم النظرية والتطبيقية؟ منذ 25 مارس دخل طلبة كليات الطب في المغرب، وعددهم حوالي 18 ألفا، في إضراب مفتوح، وقاطعوا الدروس النظرية والتطبيقية والتداريب الاستشفائية، كما قاطعوا امتحان 14 ماي الماضي، ووضعوا عدة مطالب أمام الوزارة الوصية. وبعد عقد لقاءات للحوار، اقترحت الوزارة الوصية، في 15 ماي، الاستجابة لمجموعة من المطالب، لكن بقيت أخرى عالقة، بيد أن الطلبة رفضوا العرض كليا بشبه إجماع، لأنه لا يجيب عن مطلبين أساسيين للطلبة؛ يتعلق الأول بخريجي كليات الطب الخاصة المحدثة في السنوات الأخيرة، وهل يحق لهم اجتياز مباريات التخصص بعد السنة السابعة أم لا. ويخص المطلب الثاني السنة السادسة المضافة إلى التكوين في كليات طب الأسنان. بخصوص مباريات التخصص بعد السنة السابعة، يقول الطلبة إنهم يرفضون تمكين خريجي كليات الطب الخاصة من اجتيازها، بدعوى أنهم اختاروا مسار التكوين الخاص المؤدى عنه، وبالتالي، يجب على الدولة أن تبحث لهم عن مسار خاص للتخصص، لا أن يزاحموا كليات الطب العمومية في مباراة محدودة المقاعد أصلا. شخصيا، لا أتفق مع هذا المطلب وأعتبره تمييزيا، فخريجو الكليات الخاصة معترف بشهادتهم من لدن الحكومة، بل إن هناك كليات خاصة أحدثت بشراكة مع الدولة من أجل رفع عدد الخريجين من الأطباء، فبأي منطق سيُمنعون من اجتياز التخصص؟ إذا قُبل بهذا المنطق، فيجب أيضا منع التلاميذ خريجي المدارس الخاصة الثانوية من ولوج المدارس العليا والجامعات العمومية. ما ذنب طالب حصل على معدل عالٍ في البكالوريا لكنه لم ينجح في ولوج كلية الطب العمومية، فاختارت أسرته أن تؤدي ما يناهز 13 مليون سنتيم سنويا لكي يلج كلية طب خاصة؟ وبأي حق يُمنع من اجتياز مباراة التخصص؟ ثم إن أول دفعة من خريجي الكليات الخاصة لن تكتمل إلا بعد سنتين من الآن، فلماذا هذه المعركة من الآن؟ يمكن أن نتفهم مطالبة الطلبة برفع عدد مقاعد التخصص، أو تخصيص كوطا لخريجي الكليات الخاصة، لكن أن يرفع الطلبة مطلب إقصاء نظرائهم فقط لأنهم درسوا في كليات خاصة، فهذا أمر غير منطقي، ويمس مبدأ تكافؤ الفرص. أما بخصوص مطلب السنة السادسة في كليات طب الأسنان، فإنه يطرح إشكالا حقيقيا، لأن هناك طلبة ولجوا كليات طب الأسنان على أساس أن مدة التكوين فيها هي خمس سنوات، لكن الحكومة قررت، في منتصف سنوات التكوين، رفع سنوات التكوين إلى ست سنوات، بهدف توجيه هؤلاء الطلبة في سنتهم السادسة إلى المستشفيات لسد الخصاص. من حق الحكومة أن تعدل سنوات التكوين، لكن، ألا يطبق ذلك بأثر رجعي على الطلبة الذين ولجوا الكلية في ظل نظام خمس سنوات؟ هاتان النقطتان هما اللتان تعرقلان التوصل إلى حل لأزمة الدراسة في كليات الطب، ويمكن بشيء من الحكمة التوصل بشأنهما إلى حل وسط بعيدا عن التصعيد الذي لجأ إليه الوزير الوصي بتنظيمه الامتحانات بمقاعد فارغة بهدف الضغط. فإذا كان الوزير يراهن على إحداث انقسام وسط المضربين، فإن اليوم الأول أظهر أن هذا الانقسام لم يحدث وما عليه سوى مراجعة حساباته.