بالثقة والوثوقية وأيضا بمنطق يحتكم للواقعية والحسم والصرامة، اتسم رد كل من وزير التربية الوطنية والتعليم العالي والتكوين المهني والبحث العلمي، سعيد أمزازي، ونظيره في الصحة، أناس الدكالي، على ملف طلبة الطب وعن إعلانهم التشبث بمواصلة مقاطعة المدرجات والتلويح بمقاطعة الامتحانات. ففي ندوة صحافية مشتركة عقدها الوزيران الأربعاء 29ماي 2019بالرباط، اعتبرا كلاهما أن الحكومة، من خلالهما، قدمت " الجواب السياسي المسؤول عن الملف المطلبي لطلبة الطب " . وشدد الوزيران في كلمتيهما على أن الحكومة استجابت لمجمل النقاط المتضمنة في الملف المطلبي لطلبة الطب وعددها ال16 نقطة منذ بداية خوضهم للإضراب وبشكل استعجالي وفوري وطوعي من قبل الوزارتين مثلما أكد المسؤولان الحكوميان. واستغرب الوزيران كلاهما استمرار طلبة الطب بهجر المدرجات للأسبوع التاسع وتلويحهم بمقاطعة الامتحانات. بل ذهب الوزيران حد اتهام ممثلي الطلبة، المكلفين بالحوار والتفاوض حول الملف المطلبي، بتأزيم الوضع وتأجيج الاحتقان من خلال التعتيم على مقترحات الحلول، التي تقدمها الوزاراتان المعنيتان بالملف وعدم نقلها إلى الطلبة في الجموع العامة، التي تعقدها التنسيقية الوطنية لطلبة الطب بالمغرب. وفي هذا السياق، ألمح وزير الصحة، أناس الدكالي، إلى وجود نية مبيتة عند ممثلي طلبة الطب في نسف الحوار وجهود وزارته ووزارة التربية الوطنية في الاستجابة للنقاط المتضمنة في الملف المطلبي لطلبة الطب وخاصة في شقها البيداغوجي، الذي قال إنها مشروعة ومعقولة . هذا فيما نفى وزير التربية الوطنية عن نفسه تهديده للطلبة المضربين من خلال تصريحه بمجلس المستشارين بحر الأسبوع الجاري حين أكد إجراء الامتحانات الخاصة بهذه الفئة من الطلبة في موعدها المحدد مابين 10 و24يونيو المقبل. وأوضح أمزازي قائلا في هذا الصدد :"تصريحي لا يحمل أي تهديد للطلبة الأطباء، كل ما هناك أنني دعوتهم لاجتياز الامتحانات، التي سيسهر عمداء الكليات على أن تتم في أحسن الظروف". وشدد أمزازي على أن الامتحانات ستجرى في موعدها المحدد مؤكدا على أن مسؤولية وزارته هي توفير الظروف المواتية للطلبة الراغبين في اجتيازها . وهو ما أكده أناس الدكالي وهو يدعو الطلبة المضربين إلى تحمل مسؤولية قرارهم واختيار مواصلة الانقطاع عن الدراسة وكذلك مقاطعة الامتحانات. وقال الدكالي في هذا السياق :" اجتياز الامتحان من عدمه هو اختيار شخصي ومسؤوليتنا هي توفير الظروف اللازمة للطلبة الراغبين في اجتياز الامتحانات علما أن هناك طلبة أجانب وطلبة عسكريين . ومسؤولية الحكومة برمجة الامتحانات في موعدها . وبالتالي، فلن تكون هناك سنة بيضاء". وزاد الدكالي مؤكدا:" السنة البيضاء هو عنوان لترهيب الناس". وقال الدكالي إن عددا من آباء الطلبة يتصلون به وعلم من خلالهم برغبة أبنائهم في إنهاء الإضراب واجتياز الامتحانات، لكنهم يتعرضون للتهديد والتخوين من طرف بعض زملائهم. واعتبر الدكالي أن الحكومة استجابت ل14 مطلبا من بين 16 مطلبا تقدم بها الطلبة، وذلك عبر خمس اجتماعات تم عقدها مع ممثلي الطلبة الأطباء، "لكننا وجدنا أنفسنا في النهاية بدون مخاطب" يقول الوزير معربا عن الأسف مما اعتبره انعداما للمسؤولية وعبثا من لدن ممثلي الطلبة الأطباء. وجدد كل من الدكالي و أمزازي دعوتهما للطلبة بالعودة إلى المدرجات، واستئناف تداريبهم، وعدم مقاطعة الامتحانات، وهما يشددان على أن عدم السماح بحدوث سنة بيضاء قرار حكومي لا رجعة فيه. وأوضح الدكالي : " نطمح لجامعات تكون فضاءات للعلم والتنافس العلمي والثقافة فقد ولى الزمن الذي كانت تُقحم فيه الجامعة في السياسة .. ومن يحن لهذا الزمن يمكنه الانخراط في التنظيمات السياسية حيث يمكنه التعبير عن مواقف سياسية بعيدا عن الجامعة". وكانت الندوة الصحافية مناسبة أوضح فيها الوزيران أن وزارتهما استجابتا ل14مطلبا تضمنها الملف المطلبي لطلبة باستثناء نقطتين تتعلق الأولى بمباراة الأطباء المقيمين والثانية بالسنة السادسة في طب الأسنان، والتي هي سنة التداريب مثلما أوضح الوزير الدكالي مشددا على أنهما نقطتان "غير آنيتين وحققنا بصددهما الكثير من التقدم ويمكن مواصلة الحوار بشأنهما في أفق السنتين المقبلتين " يقول الوزير المكلف بقطاع الصحة. وأوضح الدكالي أن وزارته ووزارة أمزازي من مسؤوليتها الاستجابة للمطالب البيداغوجية بالأساس ، واعتبر النقاط الخلافية المتبقية تدخلا من طلبة الطب في سياسة الدولة في مجال الصحة وخاصة تلك المتصلة بمباراة الإقامة الخاصة بالأطباء في مرحلة التخصص وكذا النقطة المتصلة بخريجي كليات الطب الخاصة . وأوضح الدكالي أن "الحكومة سترفع من عدد مقاعد مبارايات التخصص لأن المغرب في حاجة إلى الأطر الطبية، ولا يمكننا سد الخصاص إلا بفتح الباب أمام جميع الكفاءات المغربية سواء خريجي الكليات الطب العمومية أو الخصوصية، وكذلك حاملي الدبلومات الأجنبية". ونبها الوزيران كلاهما أن الخصاص الحاد في الموارد البشرية، وخاصة الأطر الطبية، يفرض إدماج خريجي الكليات الخاصة والأطباء المغاربة الحاصلين على شواهد من كليات أجنبية. وشددا على أن إقصاء خريجي كليات الطب الخاصة من مباريات التخصص غير دستوري. من جهة أخرى، كشف وزير التربية الوطنية، سعيد أمزازي، أن لجنة وساطة نيابية تتشكل من ممثلي كافة الفرق والمجموعات بمجلس النواب، دخلت على خط ملف طلبة الطب . وأعرب أمزازي عن الأمل في أن تنجح في مهمة الوساطة وتجاوز ما وصفه وزميله في الحكومة، أناس الدكالي ب"أزمة المخاطب " التي تُعرقل حل ملف طلبة كليات الطب. وشدد أمزازي على أن مباراة التخصص تهم الأطباء، بمن فيهم الحاصلون على دبلومات أجنبية، مضيفا أن "اجتياز هذه المباراة حق دستوري لجميع الأطباء المغاربة، ولا يمكن حرمان خريجي كليات الطب الخاصة من حقهم الدستوري".