بعد سنتين من الزيارة الاستثنائية التي قام بها الملك محمد السادس إلى دولة كوبا في أبريل 2017، أول معقل داعم لجبهة البوليساريو في العالم، وبعد تنحي، في أبريل 2018، عائلة آل كاسترو، المهيمنة على دواليب الدولة منذ ثورة 1959، بعد تسليم راوول كاسترو، شقيق الزعيم الراحل فيديل كاسترو، مفاتيح القصر الرئاسي، إلى ميغيل دياث كانيل (58 سنة)، القيادي في الحزب الشيوعي، والذي يعتبر من الجيل الجديد الذي ولد بعد الثورة؛ عرفت العلاقات المغربية الكوبية تحسنا ملحوظا، توجت بعقد السفير الكوبي بالمغرب، إليو رودريغيز، لقاءات مع مجموعة من المسؤولين الساميين المغاربة الأسبوع الماضي بالرباط. هذا ما كشفته مصادر دبلوماسية. السفير الكوبي إلى المغرب والمقيم بفرنسا استُقبل من طرف وزير التربية الوطنية والتكوين المهني والتعليم العالي والبحث العلمي، سعد أمزازي، حيث تم التباحث بخصوص الإمكانية القائمة لتطوير التعاون في مجال التعليم العالي والبحث العلمي. كما اتفق على تعزيز روابط التعاون بين الجامعات المغربية والكوبية، إذ أخبر السفير الكوبي سعيد أمزازي بتنظيم ملتقى جامعة 2020 السنة المقبلة في العاصمة هافانا. علاوة ذلك، عقد السفير الكوبي مباحثات مع الطالبي العالمي، وزير الشباب والرياضة، حيث تم التطرق إلى إمكانات إقامة التبادلات الرياضية والتعاون بين اتحادات البلدين في مجالات مثل الملاكمة، وألعاب القوى، إلى جانب مجالات أخرى. استغل السفير هذا اللقاء ليخبر الطالبي العلمي بالاتفاقية الدولية الثامنة للنشاط البدني والرياضي، AFIDE 2019، وهو الحدث العلمي الذي سيعقد في العاصمة الكوبية في نونبر المقبل. وفي الوقت الذي لا يُعرف فيه إن كان السفير الكوبي التقى بوزير الخارجية والتعاون الدولي، ناصر بوريطة، إلا أنه اجتمع مع بودشيش بشرة، المديرة المكلفة بالشأن الأمريكي اللاتيني في وزارة الخارجية، حيث أعرب الطرفان عن رغبتها في ترسيخ الحوار السياسي الثنائي وتقوية التعاون في القطاعات ذات المصالح المشتركة. ويبدو أن مثل هذه الزيارات واللقاءات لا تتم دون الحصول على الضوء الأخضر من الجهة العليا الكوبية والمغربية، نظرا إلى الموقف الكوبي المعادي للوحدة الترابية في السابق، والذي بدأ يتحول تدريجيا منذ الزيارة التي قام بها الملك محمد السادس إلى كوبا قبل سنتين. كما أن القيادة الجديدة في كوبا أصبحت أكثر برغمايتة وواقعية في سياستها الخارجية تجاه المغرب، إذ وسع السفير الكوبي لقاءاته لتشمل عمدة مدينة الرباط، محمد الصديقي، حيث أعربا عن رغبتهما في التعاون في العديد من المجالات التي تهم المدن من بينها التراث الثقافي. وكان الملك محمد السادس هنأ الرئيس الجديد ميغيل دياز كانيل بيرموديز، بمناسبة انتخابه قبل سنة رئيسا لمجلس الدولة رئيسا لجمهورية كوبا، قائلا: “أغتنم هذه المناسبة، لأؤكد لفخامتكم حرص المملكة المغربية الوطيد على العمل مع جمهورية كوبا من أجل فتح صفحة جديدة في علاقتهما الثنائية”، ولخص الملك فتح صفحة جديدة في أن “تكون مبنية على الاحترام المتبادل للثوابت الوطنية لبلدينا، وإعطائها دفعة نوعية في شتى الميادين، لما فيه صالح شعبينا الصديقين، وبما يسهم في دعم التعاون جنوب- جنوب”. ويرى الخبراء أن إعادة العلاقات الدبلوماسية بين الرباط وهافانا، تعتبر ضربة موجة للمجموعة الانفصالية المدعومة من قبل الجزائر. وخير دليل على اليد الملكية الممدودة لكوبا، هو تعيين بوغالب العطار، المنتمي للاتحاد الاشتراكي، سفيرا في كوبا، لتجاوز القطيعة الدبلوماسية بين البلدين.