عبد الرحيم الشيخي – رئيس حركة التوحيد والإصلاح بدا واضحا من بيان حركتكم الأخيرة أنكم ترفضون توافق الأغلبية الحكومية حول قانون التربية والتعليم، ما هي دوافع الرفض لهذا التوافق؟ نحن نرفض تحديدا التوافق الذي تم بخصوص المضامين المتعلقة بلغة التدريس ولم نتطرق في بياننا لباقي المواد. ورَفْضُنَا لهذا التوافق يعود بالأساس إلى التراجع عن الثوابت الوطنية المنصوص عليها في الدستور الذي صوت عليه المغاربة، وخاصة الفصل الخامس منه الذي نص على أن العربية تظل اللغة الرسمية للدولة، وتعمل الدولة على حمايتها وتطويرها، وتنمية استعمالها. نحن نعتبر أن من مقتضيات التنزيل السليم للدستور أن نجد للثوابت الوطنية المنصوص عليها فيه، صدى في المنظومة التشريعية والمؤسساتية وأنه لا يجوز التراجع عنها. والحاصل في هذا التوافق أنه يفتح الباب أولا، للتراجع عن مكتسبات المدرسة العمومية الوطنية في اعتماد اللغة العربية لغة أساسية للتدريس إلى حدود البكالوريا، والذي كنا نأمل أن تتعزز باعتماد ذلك في الجامعة. وثانيا، يفتح الباب لتدريس بعض المواد بلغات أجنبية، الأمر الذي من شأنه إضعاف مكانة اللغة العربية كلغة رسمية ويحول دون تطويرها أو تنمية استعمالها؛ لأن اللغة إنما تتطور بالاستعمال في التدريس، وأيضا، بالحضور والتداول في باقي مجالات الحياة الإدارية والعامة، وهو ما ليس متحققا على الوجه المطلوب حاليا، وسيتعمق الوضع أكثر في حال هيمنة لغة أجنبية على التدريس، وعلى الإدارة والإعلام والفضاء العام. لماذا اعتبرتم إعمال التناوب اللغوي تراجعا عن ثوابت البلاد وزجًّا بالأجيال الصاعدة في مستقبل مرتبك؟ نقول ذلك لأن الأمر فيه مس بمكانة اللغة العربية وبالسيادة اللغوية الوطنية، ولأن إعماله بالصيغة المتوافق عليها في المشروع يُنقص من دور هذه اللغة كلغة رسمية وجب أن تكون أساسا للتدريس، إلى جانب اللغة الأمازيغية طبعا. فالصيغة المتداولة تفتح الباب لتدريس بعض المواد بشكل كامل، ولاسيما العلمية والتقنية، أو بعض المضامين والمجزوءات بلغات أجنبية؛ وهو ما يعني إمكانية تدريس مواد أخرى غير علمية أو تقنية بلغات أجنبية كالاجتماعيات والفلسفة وغيرها، لأن الصيغة مفتوحة وغير مقيدة. وتفيدنا الخبرة والتجارب المتعددة التي عرفها تدبير قطاع التعليم بالمغرب، أن التنزيل يتم في غالب الأحيان دون منهجية تشاركية، وبانفراد الوزارة الوصية بالقرار لتفرض قناعاتها وتأويلاتها بعيدا عما هو مطلوب أو متوافق عليه. وما قرار فرض تعميم الباكالوريا الدولية عنا ببعيد؛ حيث فرضت في بعض الأكاديميات بعد شهرين من بداية السنة الدراسية الحالية ونتائجها الأولية في عمومها سلبية بالنسبة إلى الأساتذة وإلى التلاميذ. إن إعمال التناوب بالصيغة المتوافق حولها، فيه بالفعل رهن لأجيال المستقبل وزج بهم في أوضاع مختلة ومرتبكة، وسيسهم في تكريس فشل المنظومة التربوية عوض النهوض بها. وكما تعلمون، فإن في اعتماد لغات أجنبية لغات للتدريس تجاهلا للدراسات العلمية والتجارب العملية الناجحة للدول المتقدمة في التعليم، حيث نجد أن الدول المصنفة في المراتب العشرين الأولى دوليا، هي تلك التي تجعل من لغاتها الرسمية الوطنية اللغات الأساس في التدريس، دون أن يعني ذلك عدم الانفتاح على تَعَلّم وإتقان اللغات الأجنبية الأكثر تداولا في العالم ترفضون كل القرارات التي من شأنها المساس باللغة العربية، كأساس للتدريس، ما هو موقفكم في حال صوتت الأغلبية على هذا المشروع؟ نحن نأمل ألا نصل إلى هذا الحد وألا يتم ذلك، وإن حصل فسنعبر عن موقفنا أولا، وسنستمر في ترافعنا المجتمعي والمؤسساتي من أجل تعديل القانون أثناء مناقشته في مجلس المستشارين ومختلف المراحل المتبقية قبل اعتماده. وبالمناسبة، فهناك قطاع عريض من المواطنين ومن الشخصيات المتخصصة والهيئات الوطنية الوازنة التي ترفض هذه القرارات. وفي هذا الشأن، أصدر الائتلاف الوطني من أجل اللغة العربية عريضة للمطالبة بتعديل القانون الإطار من أجل عدالة لغوية، وقد وقعنا على هذه العريضة وسنستمر في الانخراط في هذه الدينامية المجتمعية ما استطعنا إلى ذلك سبيلا بدا واضحا رفضكم لموقف حكومة العثماني المساس بلغة التدريس، كيف ستتعاملون مع حزب العدالة والتنمية إن صوت نوابه على هذه الإجراءات التي تمس باللغة العربية، خصوصا وأنه يضم قياديين من الحركة؟ سنتعامل معه طبقا لمقتضيات العلاقة الأخوية التي تربطنا معه، والتي تملي علينا أن نقدم له واجب النصح الضروري، وأن ندعوه إلى تدارك الأمور ومراجعة مواقفه المتعلقة بهذا الموضوع، والتي نقدر أنها غير صائبة هل تواصلتم مع سعد الدين العثماني كأمين عام لحزب العدالة والتنمية، من أجل حثه على عدم المصادقة على هذا المشروع؟ نحن دعونا في بياننا الأخير كافة الفرق البرلمانية والأحزاب السياسية الممثلة في البرلمان، إلى تحمل مسؤوليتها الوطنية والتاريخية في الالتزام بمقتضيات دستور البلاد وبالتأويل السليم له، الذي يعطي مكانة متميزة للغتين الرسميتين العربية والأمازيغية. ومن هذا المنبر نجدد الدعوة إلى حزب العدالة والتنمية وباقي الأحزاب إلى عدم الانخراط في هذه الوضعية المرتبكة والمختلة، وإلى إعادة الاعتبار للغة العربية في التعليم، وفي مختلف مجالات الحياة الإدارية والعامة. وقد تم التواصل مع الأمين العام لحزب العدالة والتنمية وإبلاغه بهذه الدعوة.