في الوقت الذي تتحدث فيه مصادر مقربة من عائلات زوجات وأرامل وأطفال الدواعش المغاربة المحتجزين في مخيمات تابعة لقوات سوريا الديمقراطية (قسد) في شمال سوريا، عن اتصال السلطات المحلية المغربية بها للحصول على معطيات إضافية عن أبنائها المعتقلين في تلك المخيمات؛ كشفت معطيات جديدة أن السلطات المغربية لازلت في مفاوضات مع قوات “قسد” لترحيل المزيد من المغاربة الذين التحقوا بداعش في سورياوالعراق بعد تأسيس ما يسمى “الدولة الإسلامية” سنة 2014. لكن المثير للجدل في قضية المغاربة المعتقلين والمحتجزين في شمال سوريا هو بدء “قسد” منذ سقوط داعش، الأسبوع الماضي، في تسريب البيانات الشخصية لبعض الدواعش والداعشيات المغاربة، أو بعض الأجنبيات من زوجات وأرامل الجهاديين المغاربة. في هذا الإطار، كشف ضابط سام في قوات سوريا الديمقراطية، أن المفاوضات قائمة مع دول المغرب والجزائر، من شمال إفريقيا والعالم العربي، وروسيا وفرنسا، بأوروبا، علاوة على إندونيسيا، لترحيل رعاياها من الجهاديين ونسائهم وأطفالهم المحتجزين في المخيمات، وفق ما أوردته صحيفة “إلباييس” الإسبانية. مع ذلك، فإن المقاربة المغربية في معالجة هذا الملف تختلف عن نظيرتها الأوروبية، إذ بينما قام المغرب في الأيام الأخيرة بترحيل 8 جهاديين لدواعي إنسانية موضوعية، ترفض، جملة وتفصيلا، دول أوروبية حليفة له، مثل فرنسا وإسبانيا، ترحيل المقاتلين، واكتفت بدراسة إمكانية ترحيل النساء والأطفال فقط، كما فعلت فرنسا قبل أيام عندما رحلت 6 أطفال في وضع إنساني مزر. علما أن الحكومة الإسبانية لازالت تدرس، أيضا، إمكانية ترحيل داعشيات وأطفالهن، من بينهم مغاربة. عبد الرحمان المكاوي، الخبير المغربي في الشؤون الأمنية والعسكرية، أوضح أن الموقف الفرنسي القاضي بمحاكمة الدواعش الفرنسيين في مسرح العمليات بسوريا أو العراق، أثر على عمليات ترحيل الجهاديين من كافة الجنسيات، قبل أن يؤكد أن المغرب لم يحذو حذو الأوروبيين، نظرا إلى أنه “دولة لها سيادتها وتعالج الأمور بناء على مصالح استراتيجية”. وخير دليل على ذلك قيام المغرب بترحيل 8 جهاديين في الأيام الأخيرة لأسباب إنسانية. في نفس السياق، يبدو أن قوات سوريا الديمقراطية لازالت مستمرة في تسريب المزيد من المعطيات حول المغاربة المعتقلين لديها، إذ أكد وجود داعشية مغربية حاملة للجنسية الإسبانية في مخيم تابع لها. هذه المغربية تدعى لبنى ميلودي، وتبلغ من العمر 21 ربيعا، وكانت تعيش في سبتة قبل السفر إلى سوريا يوم 5 نونبر 2014، أي بعد خمسة أشهر من إعلان تأسيس ما سمي “الخلافة الإسلامية” يوم 4 يونيو 2014. وكانت كاميرات المراقبة الأمنية في مطار مدينة مالقة الإسبانية التقطت صورا للبنى وفي يدها حقيبة وتستعد للصعود إلى طائرة متوجهة إلى تركيا. وأردفت التسريبات ذاتها، وفق ما أوردته “إلباييس”، أن لبنى كانت تشتغل أستاذة في مدينة سبتةالمحتلة قبل أن تقرر الالتحاق بداعش. وعن السبب الظاهري الذي جعلها تسافر إلى سوريا، أكدت لوالديها أن ذهابها إلى سوريا كان بدافع “مساعدة الأطفال الصغار الذين فقدوا آباءهم الذين قتلوا في معارك الجهاد”. وإلى جانب المغربية لبنى، تقبع في مخيمات “قسد” داعشيتين إسبانيتين تسميان يولندا مارتينيز ولونا فيرنانديث، وفق مصادر أمنية. وتابع المصدر عينه أن يولندا مارتينيز هي زوجة المغربي عمر الحرشي المعروف ب”عمر التطواني”، واحد من أخطر الجهاديين المغاربة، والذي يعتبر الرجل الثاني في “كتيبة الأندلس”. كما أن عمر الحرشي الذي سافر إلى سوريا بمعية زوجته يولندا إلى سوريا بعد إعلان تأسيس “داعش”، يعتبر “الزعيم العملي” لشبكة تجنيد الشباب، خاصة المغاربة، بمدريد، لإرسالهم إلى سوريا، حيث كان المكلف بتحديد كيف ومتى يسافرون إلى سوريا. غادر عمر الحرشي إلى تركيا عبر مطار محمد الخامس بالدار البيضاء. وفي الوقت الذي عُرفَ أن الزوجة معتقلة لدى “قسد”، لا يعرف مصير عمر الحرشي. وعن أسباب تسريب “قسد” للبيانات الشخصية لبعض المغاربة المعتقلين لديها، يرى عبد الرحمان المكاوي، أن “قسد” تحاول طي صفحة الدواعش الأسرى عندها، لأن الاحتفاظ بهم يكلف أموالا باهظة، أولا، كما أن “قسد” تحاول تلميع صورتها في العالم، ثانيا، وسعيها إلى الدخول في علاقات مع الدول الأجنبية، أخيرا. يشار إلى أن “قسد” سمحت لوكالة الأنباء “إيفي” بإجراء حوار مع جهادي مغربي معتقل لديها يدعى محمد أغدون، يبلغ من العمر 35 ربيعا، ومزداد بمدينة تطوان، وكان يشتغل فيها حدادا وبائعا متجولا قبل الالتحاق سنة 2015 بداعش، متتبعا خطى صديق له مغربي. المغربي كشف أن السبب الرئيس الذي جعله يسافر إلى سوريا هو البحث عن الرفاهية بعد أن وعده التنظيم بالحصول على البيت والمال والنساء، وهو الشيء الذي كان يفتقر إليه في مدينته الأصلية تطوان، حيث تقل فرض الشغل. رغم ذلك، يعترف هذا المغربي أن الواقع، عندما وصل إلى سوريا، كان مختلفا؛ إذ أن الراتب الذي كان يحصل عليه لم يكن يتجاوز 1000 درهم شهريا؛ مبلغ لم يكن كافيا حتى لسد حاجياته في أسبوعين. وأضاف أن هذا الراتب لم يكن يكفيه لشراء “أمة جنسية”، كما كان يتوقع من قبل، مبرزا أن الحياة المتوهمة والتي وُعِدَ بها كانت تحتاج إلى 20 ألف إلى 70 ألف دولار شهريا، بينما هو كان يتقاضى 100 دولار فقط. “إيفي” رفضت الكشف عن مكان اعتقال المغربي بالضبط، بطلب من الاستخبارات الكردية التي اشترط عليها الحفاظ على سرية الاعتقال مقابل الحوار..