يستأثر موضوع تشغيل شباب العالم القروي باهتمام مختلف القطاعات الحكومية والمؤسسات العمومية والمنظمات المهنية، في ظل وضع مقلق، أضحى يتطلب تظافرجهود الجميع. في افتتاح الملك محمد السادس لدورة أكتوبر التشريعية الماضية، قال “إن القطاع الفلاحي يمكن أن يشكل خزانا أكثر دينامية للتشغيل، ولتحسين ظروف العيش والاستقرار بالعالم القروي”، ودعا الملك إلى “تعزيز المكاسب المحققة في الميدان الفلاحي، وخلق المزيد من فرص الشغل والدخل، وخاصة لفائدة الشباب القروي”. وقبل أيام، التأم العشرات من المسؤولين والخبراء في منتدى احتضنته مدينة فاس، يناقش موضوع تشغيل الشباب بالعالم القروي، بينما تحتضن مكناس، منتصف الشهر المقبل، المعرض الدولي للفلاحة، في دورته الرابعة عشر، اختارت له شعار “الفلاحة رافعة للتشغيل ومستقبل العالم القروي”. فهل حان الوقت لتقييم البرامج الحكومية المعنية بموضوع التشغيل بالعالم القروي؟ وما هي الفرص المتاحة وهل توجد إكراهات؟ وماذا عن التجارب الناجحة في هذا المجال؟ الأرقام تتحدث يزخر العالم القروي بإمكانات بشرية مهمة، كما ينطوي على مخزون من الثروات، يرى البعض أن تعبئتها لا تتم بالطرق الناجعة من أجل خدمة التنمية المستدامة وخلق فرص الشغل بالعالم القروي. ويضم العالم القروي 43 بالمائة من ثروات البلاد، حسب تقرير للمجلس الاقتصادي والاجتماعي والبيئي، صدر قبل سنتين، كما يغطي 65 بالمائة من حاجيات الحبوب، و96 بالمائة من حاجيات الحليب، و98 بالمائة من حاجيات اللحوم الحمراء، و100 بالمائة من حاجيات الدواجن، و48 بالمائة من حاجيات السكر و9 بالمائة من حاجيات الزيت. وتغطي البوادي 90 بالمائة من المساحة الإجمالية للمغرب، ويقطنها حوالي 13.5 مليون نسمة بما يمثل 40 بالمائة من ساكنة المغرب، وتضم 85 بالمائة من الجماعات. وتبلغ المساحة الإجمالية للمغرب حوالي 71 مليون هكتار، منها 8.7 ملايين هكتار من الأراضي الصالحة للزراعة، وتنقسم هذه المساحة إلى أراض مسقية (1.5 مليون هكتار)، وأراض بورية (7.2 ملايين هكتار). وتشتمل المناطق الجبلية على 70 بالمائة من الموارد المائية وتغطي 62 بالمائة من الغابات المغربية ومناطق ذات تنوع بيولوجي لحوالي 80 بالمائة من الأنواع البيولوجية المحلية. بالمقابل، وبحسب معطيات المندوبية السامية للتخطيط، عرف الاقتصاد الوطني ما بين سنتي 2017 و2018، إحداثا صافيا ل112 ألف منصب شغل، نصيب العالم الوسط القروي منها لم يتجاوز 21 ألف منصب. الجهود الحكومية وإذا كانت دينامية الاقتصاد القروي، تستدعي خلق فرص اقتصادية ضمن قطاعات واعدة في مقدمتها القطاع الفلاحي، لضمان توفير دخل كاف يعزز القدرة الشرائية للساكنة القروية، فإن التحولات الاحتماعية والاقتصادية التي يشهدها العالم القروي، تستدعي تعزيز تطوير التنسيق مع قطاعات أخرى منتجة للثروة ولفرص الشغل، وهو ما ذهب إليه الدكتور عبد السلام الخنشوفي، المدير السابق للمعهد الوطني للنباتات الطبية والعطرية بتاونات، والأستاذ الجامعي بجامعة سيدي محمد بن عبد الله. ويرى الخنشوفي في تصريح ل”اليوم 24″، أنه من خلال تتبعه لمدة ثلاث سنوات، لبرنامج يستهدف تشغيل شباب العالم القروي، أشرفت عليه الوكالة الوطنية لإنعاش التشغيل والكفاءات، لاحظ “أهمية اختيار طريقة العمل المناسبة، من خلال توحيد التنسيق بين مختلف المتدخلين، منهم قطاعات الفلاحة والصناعة التقليدية والسياحة القروية، وكل ما له علاقة بتسويق المنتوجات المحلية وتثمين الأعشاب الطبية”. ومن خلال رصد المخططات والاستراتيجيات التي تم إطلاقها بهدف تنمية العالم القروي، يتضح أنها ساهمت “في تحقيق تحسن كبير في البنيات التحتية الأساسية”، وهو ما خلص إليه تشخيص للمجلس الاقتصادي والاجتماعي والبيئي، حول “تنمية العالم القروي، التحديات والآفاق”، دعا إلى “بذل مزيد من الجهود للاهتمام أكثر بالمناطق الأكثر خصاصا، مع التركيز على العنصر البشري”. وفي نفس السياق، يرى المدير السابق للمعهد الوطني للنباتات الطبية والعطرية بتاونات، أن “المطلوب ضبط عملية التدخل ومراعاة خصوصية كل منطقة”، مشددا على أهمية “التفكير الجماعي الذي يعطي نتيجة جيدة بالمقارنة مع التفكير الأحادي”. وتحدث الخنشوفي عن “تعدد البرامج، منها مخطط المغرب الأخضر والمبادرة الوطنية للتنمية البشرية، وأيضا برامج ومشاريع الجهات”، وأضاف، “المفروض تحقيق التقائية لكل هذه البرامج لتحسين الأداء”. وتتعدد مخططات تنمية العالم القروي، أبرزها استراتيجية 2020 للتنمية القروية والتي اعتمدت في أواخر التسعينات، واستراتيجية التنمية القروية لسنة 2011، إضافة إلى استراتيجيات ذات صلة وطيدة بالعالم القروي، ولاسيما مخطط المغرب الأخضر الذي انطلق سنة 2008، ثم استراتيجية تنمية المجال القروي والمناطق الجبلية التي صودق عليها في يوليوز 2015. وأخيرا، تم قبل سنتين إطلاق برنامج للقضاء على الفوارق المجالية، والذي يستهدف 29 ألف دوار يعاني من نقص الخدمات الاجتماعية على صعيد 1253 جماعة قروية، تنتمي إلى 73 عمالة وإقليم، وسينفذ 20 ألفا و800 مشروع لفائدة 12 مليون مستفيد، بمبلغ إجمالي للاستثمار يبلغ 50 مليار درهم. التعاون الدولي واعتمد المغرب مشروعا لتشغيل الشباب بالوسط القروي، تموله الوزارة الفدرالية الألمانية للتعاون الاقتصادي والتنمية، بشراكة مع وزارة التشغيل والادماج المهني، والوكالة الوطنية لانعاش التشغيل والكفاءات. ويهدف المشروع إلى “تحسين وضعية التشغيل في صفوف الشباب بالعالم القروي المتراوحة أعمارهم ما بين 15 و 35 سنة”. واعتبر محمد يتيم، وزير الشغل والإدماج المهني، أن مشروع “إنعاش تشغيل الشباب بالوسط القروي”، الذي انطلق تنفيذ مرحلته الأولى سنة 2015، وتم تمديده زمنيا وترابيا حتى سنة 2020، “يقوم على نهج مقاربة محلية، تعتمد على الشراكة وتحديد الممارسات الجيدة والتجارب، التي تدعم تنفيذ المخطط الوطني للنهوض بالتشغيل”. وأضاف يتيم في تصريح ل”اليوم 24″، “نسعى إلى التعاون بين مختلف الفاعلين من أجل إيجاد حلولملائمة لتشغيل الشباب بالعالم القروي”. وشدد الوزير على أن “المشروع يقترح في الأقاليم النموذجية المستهدفة، منهجية وآليات للتشخيص، كما يسهر عل مواكبة وتأطير الفاعلين الترابيين، من أجل تمكينهم من إنجاز تشخيصات للقطاعات الاقتصادية الواعدة في الإقليم، وبالتالي توفير فرص عمل للشباب القروي”. العودة للفلاحة وذهب عبد السلام الخنشوفي، المدير السابق للمعهد الوطني للنباتات الطبية والعطرية بتاونات، إلى أنه “لا يمكن تحقيق نسبة نجاح البرامج التي تستهدف العالم القروي بنسبة 100 بالمائة، لأن الشباب وصلوا إلى حالة إحباط، ولا يؤمنون بالبرامج وطرق العمل، وبالتالي المطلوب تكثيف عملية التوعية والتحسيس”. وأضاف، “برنامج تشغيل شباب العالم القروي الذي أشرفت عليه، الوكالة الوطنية لإنعاش التشغيل والكفاءات، مكن خلال ثلاث سنوات من المواكبة بعد التكوين، ل3500 شابا من ثلاثة أقاليم، وفي النهاية تم تحقيق نسبة 47 بالمائة من الشباب المستهدف، الذين تمكنوا من تحسين دخلهم، عبر خلق مشاريع ذاتية أو تحسين ظروف العمل أو الحصول على شغل”. وبينما يتساءل الكثيرون عن مدى استعداد الشباب للعمل في العالم القروي، قال الخنشوفي، “نعم الشباب مستعد للاشتغال في القطاع الفلاحي، بالنظر لعودة المردودية لهذا المجال، لدينا اليوم مردودية اقتصادية عالية، خاصة في المنتوجات المجالية، وما يطمح له الشباب هو تملك مشروع له إنتاجية ومردودية، وبكل تأكيد،الالتفاتة للعالم القروي سترفع الضغط عن العالم الحضري”. وشدد الخبير الفلاحي على أن “الفلاحة لم تعد كما كانت تعتمد على الطريقة التقليدية التي تتطلب مجهودا عضليا شاقا أحيانا، اليوم الفلاحة تعتمد على تقنيات جديدة، ونجد تجهيزات فلاحية غير مكلفة، تحسن الأداء وترفع من مردودية الإنتاج أيضا”. تكوين الفلاح وإذا كان الرهان على تكوين الفلاح أصبح قويا، من أجل خلق فرص شغل في العالم القروي، فإن غرف الفلاحة باعتبارها مؤسسات عمومية ذات صبغة مهنية، معنية بالموضوع. وفي هذا الصدد، يقول محمد عبو رئيس الغرفة الفلاحية لجهة فاسمكناس، في تصريح ل”اليوم 24″، إن “الغرفة الفلاحية تمكنت من خلال قربها من الفلاحين، من تحديد مواطن النقص، حيث تقوم باستمرار بانجاز مجموعة من الأنشطة التحسيسية والتأطيرية والتكوينية والرحلات الدراسية لفائدة الفلاحين وأبنائهم وكذا المرأة القروية، في مجالات مختلفة”. وتهدف تدخلات الغرفة الفلاحية الجهوية، بحسب رئيسها، إلى “تنمية سلاسل الإنتاج النباتية والحيوانية، وكذا دعم وتحفيز التنظيم المهني في القطاع الفلاحي، خصوصا الجوانب التقنية المتعلقة بالإنتاج والتثمين والتسويق والتسيير المقاولاتي”. وشدد عبو، على أن الشباب القروي يحظى باهتمام بارز، من خلال “الحرص كل سنة على التكوين بالتدرج لفائدة مجموعات من أبناء الفلاحين في مهن فلاحية مختلفة بتعاون مع المعاهد الفلاحية التقنية المتواجدة بجهة فاسمكناس، في إطار برنامج التكوين بالتدرج، بهدف تمكين بنات وأبناء الفلاحين الشباب من الاستفادة من التكوين التقني والعلمي في مهن الفلاحة، إضافة إلى التكوين التطبيقي بالمقاولات والضيعات الفلاحية، واكتساب معارف جديدة تسهل اندماجهم في سوق الشغل”. رئيس غرفة الفلاحة بجهة فاسمكناس، أشار إلى أن “الغرفة تساهم بتسجيل الراغبين من الاستفادة من التكوينات، وتتكلف بمصاريف النقل والإطعام واقتناء المستلزمات البيداغوجية الخاصة بكل مهنة”، مشيرا إلى أن عدد المستفيدين في الفترة الممتدة بين 2016 و2018، فاق 300 مستفيد من تكوينات متعددة بمهن تربية النحل والأشجار المثمرة واللحوم الحمراء، وإنتاج الخضروات والسقي”. وعلاقة بنفس الموضوع، يؤكد عبد السلام الخنشوفي، المدير السابق للمعهد الوطني للنباتات الطبية والعطرية بتاونات، أن “الميدان الفلاحي يعرف خصاصا كبيرا في الكفاءات”، مشيرا إلى أن “الضيعات الكبيرة والمتوسطة في العالم القروي تعاني من ندرة الكفاءات، واليد العاملة المؤهلة”. وأوضح الخنشوفي أن “الضيعات الكبرى تم تجهيزها في إطار مخطط المغرب الأخضر بتجهيزات عصرية، وإذا لم تتم الاستعانة بكفاءات عالية وتقنيين متخصصين من أجل تسييرها، فلن يكون للاستثمار في هذا المجال مردودية في المستقبل، وبالتالي لن تتطور الفلاحة ولن نخلق فرص الشغل”. وأكد عبو، رئيس الغرفة الفلاحية بجهة فاسمكناس، على وجود وعي ب”الرهانات السوسيو اقتصادية التي يمثلها العالم القروي والصعوبات التي يواجهها”، مشيرا إلى أن الغرفة آثرت أن تتناول، في إطار جميع برامجها التنموية، وتفعيلا لدورها الاستشاري والإقتراحي، “دراسة ومناقشة مجمل التحديات التي يتعين رفعها من أجل تحسين تنمية العالم القروي، والوقوف على آفاق تطويره من خلال المساهمة في إنجاز أهداف مخطط المغرب الأخضر والإقلاع بالقطاع الفلاحي”. تجارب رائدة بإحدى قبائل جبالة المتواجدة بنواحي منطقة غفساي، تأسست تجربة نوعية على مستوى العمل التعاوني، تقودها مهندسة مغربية في المواد الغذائية، تترأس تعاونية فلاحية، أطلقت عليها اسم “أرياف كيسان”. سهاد أزنود، المختصة في الفلاحة البيئية والسياحة القروية وتنمية المنتجات المجالية في المنطقة، تفتخر بأنها فلاحة، واليوم أصبح هاجسها الأكبر، هو ثني شباب المنطقة عن الهجرة نحو المدينة، وتعمل على تكوينهم بالتدريب في مجالات متعددة، تعتبرها الأقدر على توفير فرص الشغل، منها السياحة الجبلية وتنمية المنتجات المحلية. غادرت سهاد منصبها كإطار بإحدى الشركات العالمية للمواد الغذائية، لتختار الاهتمام بضيعة والدها، ووضع خبرتها وما تعلمته في المدرسة الوطنية العليا للمنتجات الغذائية بفرنسا، في خدمة أرض أجدادها. عندما كانت سهاد طالبة تدرس الصناعات الغذائية بجامعة نانسي الفرنسية، لم يكن ليخطر ببالها أن حنينها إلى أرض أجدادها، سيسيطر عليها ليقودها في النهاية إلى العودة لجذورها للعمل مع سكان الدوار، وهدفها واحد، هو تحويل أرض العائلة لمشتل للزراعات العضوية والأنشطة الموازية، على أمل أن توفر فرص العمل لشباب العالم القروي. تحكي سهاد ل”اليوم 24″، “أسست أول تعاونية سنة 2006، لكن الانطلاقة الحقيقية للعمل التعاوني بالمنطقة كانت سنة 2011، كنا نشغل أقل من 10 أفراد في إطار العمل الموسمي، لكن اليوم تأسست تعاونيات أخرى، لا نقول نجحنا، لكننا في بداية الطريق، والمطلوب توفير شروط النجاح”. السياحة القروية وتقول سهاد في حديثها مع “اليوم 24″، “في القرى النائية من الصعب إقناع الشباب بالاهتمام بالفلاحة، وخاصة في المناطق الجبلية”، لكنها تعتقد أن “تطوير السياحة القروية، سيكون حافزا مهما لشباب العالم القروي للاهتمام بالفلاحة، وبالتالي الاستفادة من فرص الشغل التي توفرها، ليصبح القطاع الفلاحي جزءا من الحل،ويعالج إشكالية التشغيل لدى الشباب”. تفتخر سهاد بأن “بعض شباب المنطقة تغيرت نظرتهم للفلاحة، بعدما ظهرت لهم مجالات أخرى للعمل تساعد وتحفز على الجد والعمل في الميدان الفلاحي”، وتقول، “نؤمن بأن السياحة القروية رافعة أساسية للنهوض بالفلاحة وتنمية الصناعة التقليدية، وبالتالي خلق فرص الشغل”. وتجزم المتحدثة بأن شباب العالم القروي، حين يجد من يدعم السياحة الجبلية، من خلال تطوير البنيات التحتية أساسا، ووضع ترسانة قانونية مرنة، تؤطر الإرشاد السياحي بالمناطق الجبلية، فإنه لن يفكر في أن يهاجر إلى المدينة، وسيعود ليزرع أرض أجداده، ويشتغل في تربية النحل وتسويق العسل والمنتجات المحلية. المغرب الأخضر بعدما أصبح موضوع النهوض بتشغيل الشباب في قلب معادلة التنمية لبلادنا، تشير المعطيات إلى أن مخطط المغرب الأخضر، أعطى دفعة للفلاحة الوطنية، مكنت من جعله مساهما رئيسيا في التشغيل بالمغرب بنسبة 40 في المائة على الصعيد الوطني و80 في المائة بالوسط القروي وخلق ما يعادل 250 ألف وظيفة إضافية. ووضع مخطط المغرب الأخضر مجموعة من الإجراءات، التي من شأنها أن تساهم في إنعاش التشغيل الذاتي، من بينها تفعيل استراتيجية جديدة للتعليم والتكوين في الميدان الفلاحي، وتحدث عبد السلام الخنشوفي، عن أن “مخطط المغرب الأخضر له ركيزتين، الأولى تهم الضيعات الكبرى، والركيزة الثانية هي الفلاحة التضامنية، التي لها علاقة بالفلاحة المعيشية”. وأضاف، ” لا يمكن أن ننكر التحسن المهم، على مستوى الفلاحة التضامنية، إلا أن الملاحظ أن هذا التحسن شمل أساسا التعاونيات، بينما الفلاحون الصغار في العالم القروي لهم ضيعات صغيرة ولا يشملهم المخطط إلا إذا تكتلوا في التعاونيات”. وتابع، “رغم وجود انتقادات، أعتقد أننا اجتزنا فترة بيداغوجية مهمة جدا، لأن الناس لم تتعود على الاشتغال الجماعي، واليوم نجدهم يخلقون تعاونيات ويشتغلون بشكل جماعي، ولابد من تقييم العملية لتجاوز المشاكل”. وختم قائلا، ” العالم القروي يعرف حاليا التفاتة من جميع المستويات في هرم الدولة، هذا شيء إيجابي جدا لإعادة القيمة للعالم القروي، وأغلب مشاكل العالم الحضري توجد في العالم القروي أيضا، الذي أهملناه لمدة طويلة، والمدن اليوم تؤدي الثمن باهظا، في العلاقة بحل المشاكل المترتبة عن الهجرة القروية”. خارطة الطريق بحسب الخبراء والمهتمين، أصبحت أمام المتدخلين المعنيين بموضوع تشغيل شباب العالم القروي رؤية واضحة، سواء من خلال تقييم البرامج الحالية، أو من خلال استحضار خارطة الطريق التي رسمها الملك في افتتاح دورة أكتوبر التشريعية للبرلمان. خارطة الطريق، تعطي أهمية للتكوين وتشدد على دوره في “التأهيل لسوق الشغل”، حيث “يمكن للقطاع الفلاحي أن يشكل خزانا أكثر دينامية للتشغيل”، بهدف “تحسين ظروف العيش والاستقرار بالعالم القروي”، كما ورد في الخطاب الملكي. ويظل الهدف المنشود، “انبثاق وتقوية طبقة وسطى فلاحية، وجعلها عامل توازن ورافعة للتنمية الاقتصادية والاجتماعية على غرار الدور الهام للطبقة الوسطى في المدن”، يضيف الخطاب الملكي، “وخلق المزيد من فرص الشغل والدخل، وخاصة لفائدة الشباب القروي”. كما ستكون الحكومة مطالبة ب”بلورة آليات مبتكرة لمواصلة تحفيز الفلاحين على المزيد من الانخراط في تجمعات وتعاونيات فلاحية منتجة ومتابعة تكوين في المجال الفلاحي”، كما حثها على ذلك الملك، بعدما أكد على أن “استقرار الشباب بأرضهم يبقى رهينا بتمكينهم من فرص الشغل”.