فجر الصحافي حميد المهداوي، المعتقل على خلفية اتهامه بعدم التبليغ عن إدخال دبابات وأسلحة إلى المغرب، مفاجأة كبرى داخل القاعة 7 بمحكمة الجنايات الاستئنافية بالدار البيضاء، في أولى جلسات مناقشة الملف أول أمس الثلاثاء، بعدما أصر على تعرضه لضغوطات داخل السجن، ومحاولة إرغامه على الاعتذار للملك قصد الاستفادة من العفو الملكي بمناسبة عيد العرش المقبل. وشهدت المحاكمة المتابع فيها معتقلو حراك الريف الذين رفضوا الحضور للمحاكمة، وأمروا دفاعهم بالتزام الصمت، مناوشات طيلة الجلسة بين الصحافي حميد المهداوي، وبين القاضي لحسن الطلفي رئيس هيئة الحكم، الذي أصر على تلقيه جوابا من المهداوي حول تأكيد تلقيه مكالمة هاتفية من البوعزاتي، وهو الأمر الذي واجهه المهداوي بضرورة منحه فرصة لتوضيح أمر قبل الإجابة، مما جعل التوتر يسود القاعة، بحضور مراقبين دوليين من كل من إسبانيا والولايات المتحدةالأمريكية. وقال القاضي الطلفي موجها تهديدات للمهداوي بتسجيل رفضه الجواب، إنه لن يتنازل عن سؤاله ولن يمر إلى أي سؤال آخر ما لم يتلقى جوابا عن سؤاله، مؤكدا أن المحكمة لن تخضع لرغبة أي شخص ليفرض عليها خطة تسيير الجلسة، رغم تدخل الدفاع للتوضيح أن المهداوي وضع خطة للدفاع عن نفسه، وأن على المحكمة أن تنصاع لرغبته في اعتماد الطريقة التي يريد، غير أن المهداوي في النهاية قرر الإجابة، بعد أن فجر قضية تعرضه لمضايقات داخل السجن. وأصر المهداوي على القول إن مسؤولين كبار تحدثوا إليه داخل المركب السجني عكاشة، وقالوا له حرفيا “والله وما اعتذرتي للملك، لا خرجتي”، مضيفا “قالوا لي اكتب طلب العفو الملكي وستخرج بمناسبة عيد العرش”، مؤكدا أمام هيئة الحكم بأنه في موقف قوة وبشهادة الشعب المغربي وشهادة التاريخ، موضحا أنه يقف أمام المحكمة بسبب قاضي التحقيق، وأن جوابه حول تلقي المكالمات اعتبره قاضي التحقيق والضابطة القضائية والمحكمة الابتدائية بمثابة اعتراف، وبنت عليه حكمها، في حين أنه واه من الناحية القانونية. مشيرا إلى أنه كان في إمكانه نفي نسبة الصوت الوارد في المكالمة له، وإدخال قاضي التحقيق في متاهات مختلفة، غير أنه أجاب بعفوية وتلقائية، إلا أنه استغرب كيف لم يتم الاستماع إلى مكالماته مع ربيع الأبلق، والأخذ بعين الاعتبار تصريح الأبلق في النازلة بعين الاعتبار، مشيرا إلى أنه خلص لكون محدثه كان من جهاز المخابرات، وهناك قرائن وأدلة على ذلك، مشددا على أن الرقم الهاتفي المدرج في المحاضر ليس هو الرقم الحقيقي، وأن الشخص المتصل به هو من التقط صورا لناصر الزفزافي في حادثة المسجد الشهيرة. وأوضح الصحافي المهداوي أثناء الاستماع إليه من طرف القاضي، أن محدثه عبر المكالمات كان هدفه توريطه في تهمة المشاركة في التآمر على الدولة، وبالتالي جعله وسيلة قوية لتوريط ناصر الزفزافي ورفاقه في التهم المنسوبة إليهم، والتي يتابعون فيها بفصول تصل عقوبتها إلى الإعدام، غير أنه انتبه للأمر، ولم يقع في ما كانت ترغب فيه النيابة العامة، وحاول تفادي الفخاخ المنصوبة له، موضحا أن الدائرة التي وضع فيها عن طريق المكالمات كانت لا محالة ستقوده إلى السجن مهما اتخذ من تصرفات، سواء عن طريق التبليغ، والتي آنذاك سيتابع بتهمة التبليغ عن جريمة يعلم بعدم وقوعها، أو الصمت الذي قاده لعدم التبليغ عن المس بأمن الدولة، وهذا بالطبع حين انتبه للأمر ولم يجاري البوعزاتي الذي كان يريد توريطه في نشر أخبار إدخال الدبابات والأسلحة في موقعه الإلكتروني، وهو ما كان من شأنه تورطه في جناية المشاركة في جناية المس بأمن الدولة، على غرار تهم الزفزافي ورفاقه ومتابعته بها. وخلص المهداوي في مرافعته بخصوص التهم الموجهة إليه، إلى أنه لم يترتب أي شيء عن تلك المكالمات التي تعتمدها النيابة العامة في متابعته، مطالبا المحكمة بالإتيان بأي دليل على جدية وصدقية المكالمات، كالتأكد من كون الدبابات والأسلحة دخلت المغرب، أو حصوله على أموال من الخارج، أو حتى علاقة المتصل بباقي نشطاء حراك الريف، وهي كلها أدلة كان من شأنها أن تثبت صحة ادعاءات النيابة العامة في مواجهته. وعقب انتهاء القاضي من طرح أسئلته الموجهة للصحافي المهداوي، قررت هيئة الحكم تأخير الملف إلى الأسبوع المقبل لانطلاق الاستماع إليه بخصوص أسئلة حكيم الوردي ممثل النيابة العامة.