تعتلي مدينة الدارالبيضاء منصة المدن الأكثر غلاء في المعيشة بالمملكة، تليها كل من الحسيمةومكناس، فيما تسجل آسفي أقل نسبة من التضخم مع انطلاق الموسم الدراسي الجديد والاستعداد له باقتناء الكتب ومستلزمات الدراسة والتسجيل بالمدارس، فضلا عن ما يشهده هذا الموسم من غلاء في الأسعار وتكاليف تتقل كاهل الأسر، ومع قرار رئيس الحكومة الأخير بخصوص تطبيق نظام المقايسة على أسعار المحروقات بعد تعثر محاولات الحكومة لإصلاح صندوق المقاصة، والذي من المنتظر أن يزيد من وطئة غلاء المعيشة على المنستهلك المغربي، تأتي دراسة قامت بها المندوبية السامية للتخطيط لتعدد المدن الأكثر تضررا من ارتفاع الأسعار وغلاء المعيشة بها، وعلى رأسها الدارالبيضاء، فيما تسجل آسفي أقل نسبة من التضخم. وحسب الدراسة نفسها، ونقلا عن أسبوعية «لافي إيكو»، تعرف العاصمة الاقتصادية تضخما كبيرا في الأسعار وتحتل الرتبة الأولى بنسبة 10.15 ما بين 2007 و2012، ما يعادل معدلا سنويا بنسبة 2% في السنة وتليها كل من الحسيمةومكناس. يفسر هذا الارتفاع بكون مدينة الدارالبيضاء مقر الأنشطة الاقتصادية بالمغرب والتي تحتوي على أكبر عدد من الساكنة إذ لا تكاد الحركة فيها على مدار اليوم. ويقدر هذا الارتفاع في مجموعة من المجالات التي لا يستغني عنها المواطن البيضاوي مثل التعليم والمنتوجات الغذائية ووسائل النقل. إذا كان هذا هو مبرر التضخم في الدارالبيضاء فبماذا يفسر احتلال الحسيمة، المدينة السياحية التي تتمركز شمال-شرف البلاد، المرتبة الثانية والتي ليست قطبا صناعيا ولا اقتصاديا ولا فلاحيا؟ ومع ذلك تعرف زيادة مهولة في الأثمنة بنسبة 9.4% ما بين 2007 و2012؛ أي ما يقارب 2 بالمائة 1.9% كمعدل سنوي. حسب شهادات في عين المكان، لا يقل ثمن كراء شقة متوسطة الحجم 6000 درهم في الشهر حيث تجدها بالرباط ما بين 3000 و 4000 درهم وذلك ما أكدته أيضا المندوبية السامية للتخطيط، مضيفة أن أثمنة الفنادق والمطاعم تعرف ارتفاعا كبيرا بالمدينة؛ أي أكثر من 26% في خمس سنوات وهو ما يعادل 5.2% في السنة، معدل تتعداه مدينة مراكش وحدها لكن بنسبة قليلة؛ أي 26.2% في خمس سنوات. ويرجع سبب الغلاء في الحسيمة، حسب رجل اقتصاد، إلى كون أغلب سكانها ميسورين لتمركز بعضهم في ألمانيا وهو بلد لم تمسسه الأزمة الاقتصادية وظل مزدهرا نسبيا، بالإضافة إلى مصادر جلب المال غير المشروعة. وتعرف تكلفة التعليم أيضا ارتفاعا ملحوظا بأكثر من 18.4% في خمس سنوات أو 3.7 % في السنة، لكن هذه النسبة تظل بعيدة عن ما وصلت إليه الدارالبيضاء خلال نفس المدة؛ 33.9% في خمس سنوات أو 6.8% في السنة، تليها كلميم (30%-6%) ومراكش ( 29.34%-5.5%) ثم أكادير ( 27.4 %-5.5%). كما تعتبر مدينة تطوان من المدن الخمسة التي تشهد تضخما نسبيا بمعدل سنوي يبلغ 2% منذ 2007، وذلك ما يعطيها خصوصية مثل الحسيمة؛ إذ تشهد ارتقاعا سريعا في قطاع الفندقة بمعدل يزيد عن 4.7% في السنة. وحسب التقرير ذاته، تعرف مدينة مكناس أيضا ارتفاعا نسبيا مما يزيد عن 1.48% في السنة منذ 2007 أي ما يعادل 9.22% في خمس سنوات، كما يضيف التقرير أن المنتوجات التي عرفت أثمنها ارتفاعا سريعا هي الفندقة والمطاعم بمعدل يفوق 4.6% في السنة والتعليم بنسبة تفوق 4.4% في السنة، بالإضافة إلى التغدية التي عرفت ارتفاعا في تكلفتها بنسبة 3% في السنة. وبهذا تصنف مكناس ضمن المدن الخمسة الأولى من حيث غلاء المواد الغذائية والمشروبات الخالية من الكحول بمعدل سنوي يتراوح ما بين 3% و3.3% منذ 2007. أما العاصمة الإدارية بالمملكة، فتصنف ضمن المدن الثلاثة الأقل زيادة في الأسعار في 2007، بعد كل من آسفيووجدة، لكن تظل أسعارها تتزايد بوتيرة بطيئة بمعدل 1.2% في السنة. ويشمل ذلك جميع المجالات، بل وحتى ثمن التعليم الذي يزيد بمعدل 4.5% في السنة، لم يزد سوى عن 2.8% في الرباط، أي أقل من وجدة مثلا، حيث وصلت النسبة إلى 3.7%.