أفضى ارتفاع أسعار المواد الغذائية إلى تأجيج التوترات التضخمية خلال السبعة أشهر الأولى من السنة الجارية، بينما اتسعت بين المدن هوة الغلاء الذي ارتفع في جميع المدن، خاصة الكبرى منها. في نهاية يوليوز الماضي سجل مؤشر تكلفة المعيشة في المغرب، الذي يقيس مبيعات التقسيط، ارتفاعا بنسبة 5.1 في بالمقارنة مع الشهر نفسه من السنة الماضية. وهو معدل يتجاوز بحوالي الضعف المستوى الذي تراهن عليه السلطات العمومية في السنة الجارية، والذي يفترض أن يتراوح ما بين 2.7 و2.9 في المائة، بعد أن كانت قد تطلعت في بداية السنة إلى معدل 2 في المائة. ويرد هذا الارتفاع الذي لاحظته المندوبية السامية للتخطيط، في آخر نشرة لها حول تكلفة المعيشة لشهر يوليوز، إلى الزيادة التي ميزت المواد الغذائية والتي وصلت إلى 9.1 في المائة، بينما عرفت أسعار المواد غيرالغذائية نموا بنسبة 1.8 في المائة. ويأتي هذا الارتفاع الملاحظ من قبل المندوبية على بعد أسبوعين تقريبا من حلول شهر رمضان الذي يرتقب أن تسجل فيه الأسعار ارتفاعات كبيرة، بفعل تنامي الطلب على المواد الغذائية واشتداد المضاربة التي لا تفلح المراقبة الموسمية في التخفيف منها في الشهر الفضيل. ويعرف المغرب تزايد التوترات التضخمية، رغم لجوء السلطات العمومية إلى دعم أسعار بعض المواد الاستهلاكية الأساسية، من قبيل الدقيق والمحروقات والسكر، الشيء سيرفع الميزانية المخصصة للدعم من 20 مليار درهم في السنة الفارطة إلى حوالي 36 مليار درهم في السنة الجارية. ومن شأن التضخم أن يرتفع في حال إعادة النظر في نظام الدعم الحالي، ولا يرتقب أن تخفف التطمينات، التي تطلقها السلطات العمومية المغربية التي تؤكد أن جميع الإجراءات قد اتخذت من أجل تأمين تموين السوق بشكل عادي، من التخوفات التي يثيرها ارتفاع الأسعار في رمضان، والذي تميز في السنة الفارطة بتنامي احتجاجات الجمعيات المناهضة لارتفاع الأسعار، وهي الاحتجاجات التي أفضت إلى أحداث صفرو قبل سنة تقريبا. وفي تفاصيل المذكرة، التي أصدرتها المندوبية أول أمس الإثنين، يتجلى أن مؤشر المواد الغذائية ارتفع في يوليوز الماضي بنسبة 9.1 في المائة، بينما ارتفعت أسعار النقل والمواصلات ب3.2 في المائة والتجهيز المنزلي ب2.8 في المائة والترفيه والثقافة ب 1.8 في المائة واللباس ب1.6 في المائة والسكنى ب0.7 في المائة والعلاجات الطبية ب0.7 في المائة. ويخفي مؤشر تكلفة المعيشة تباينات كبيرة بين المدن المغربية، فمدينة الرباط أتت في مقدمة المدن الأكثر غلاء ب5.2 في المائة خلال السبعة أشهر الأولى من السنة الجارية، متبوعة بطنجة ب4.2 في المائة، والدار البيضاء ب3.8 في المائة وتطوان ب3.7 في المائة ومكناس ب3.4 في المائة، وأكادير والقنيطرة ومراكش ب3.1 في المائة، و فاس ب2.6 في المائة، ووجدة ب2.5 في المائة، أما العيون فتأتي في مؤخرة المدن الإحدى عشرة المعتمدة لقياس تكلفة المعيشة بالمغرب ب2.1 في المائة، و هو ما قد يجد تفسيره في كون العديد من المواد تحظى بالدعم في الأقاليم الجنوبية. ويتجلى أن التضخم يضغط على الاقتصاد المغربي، فبعد أن وصل ارتفاع الأسعار إلى 5.4 في المائة في ماي الماضي، تراجع في يونيو إلى 4.7 في المائة، ليرتفع في يوليوز الماضي إلى 5.1 في المائة، وهو ما يتماشى مع توقعات بنك المغرب، الذي اعتبر أن خطر التضخم في المغرب قائم، حيث يفسره بغلاء أسعار المواد الغذائية الأساسية. ويتخوف رجال الأعمال من أن يدفع ارتفاع التضخم البنك المركزي إلى رفع أسعار الفائدة، وهو ما من شأنه أن يكبح النمو الذي تسعى الحكومة جاهدة إلى تعزيزه لتوفير وظائف وخفض الفقر المتفشي. وتتوقع الحكومة نمو الاقتصاد بنسبة 6.8 في المائة هذا العام من 2.7 بالمائة في العام الماضي وبمعدل 6.3 في المائة سنويا خلال السنوات الأربع القادمة.