رفعت برامج حكومة بنكيران وسياساتها تكاليف المعيشة في غالبية المدن المغربية بقرار الرفع من أسعار المحروقات في مارس 2012، وبقرار الزيادات الجديدة المرتقبة في الأسابيع القليلة المقبلة. وحولت هذه الأسعار المدن المغربية إلى مدن أوروبية من حيث الغلاء وارتفاع تكاليف الحياة، لكن مع وجود فارق كبير في القدرة الشرائية المرتبطة بانخفاض الأجور بالمغرب. وتم تصنيف الدارالبيضاء والحسيمة أغلى مدينتين بالمملكة من حيث تكاليف المعيشة، ليس على صعيد ارتفاع الأسعار للمواد الغذائية عند الاستهلاك وإنما على صعيد الاستهلاك المتعل بالخدمات والممتلكات المرتبطة بالعقار والأثاث والتجهيز والسيارات. وفي الوقت الذي قال مصدر موثوق إن أسعار المواد عند الاستهلاك في الدارالبيضاء ارتفعت بنسبة 10.15 في المائة خلال السنوات الخمس الأخيرة، وهو ما يعني ارتفاع تكاليف المعيشة في العاصمة الاقتصادية ما بين 2007 و2012 بواقع 2.3 في المائة عند نهاية كل سنة، ويعني كذلك تصنيف هذه المدينة على رأس قائمة المدن الأغلى تكاليف للحياة اليومية مقارنة بالمدن السبعة عشر التي تؤثث الجهات الستة عشر للمملكة، صنفت دراسة ميدانية اعتمادا على مؤشرات اقتصادية وإحصائيات رسمية الدارالبيضاء مدينة مرتفعة تكاليف الحياة، حيث ارتفعت فيها المواد الاستهلاكية بمنحى تصاعدي في السنوات الخمس الأخيرة وبمعدل يتجاوز 2 في المائة في كل سنة، وذلك انطلاقا من فاتح يناير 2007 ونهاية عند متم دجنبر 2012. وربطت الدراسة المذكورة غلاء المعيشة في الدارالبيضاء لكونها - منطقيا- العاصمة الاقتصادية للمملكة التي تتمركز فيها كل الأنشطة الاقتصادية بمختلف أنواعها وقيَمها، كما تتمركز فيها حركية المداخيل المالية الموزعة، الشيء الذي يفسره ارتفاع معدلات التضخم بهذه المدينة. غير أن مفاجأة تصنيف المدن الأكثر غلاء لتكاليف الحياة تأتي من مدينة الحسيمة التي ما هي بالقطب الصناعي ولا القطب التجاري أو الفلاحي ومع ذلك تأتي بعد الدارالبيضاء في المرتبة الثانية من حيث تكاليف الحياة مسجلة ارتفاعا في الأسعار بلغت نسبته إلى 9.4 في المائة في السنوات الخمس الأخيرة (من 2007 إلى 2012)، وبواقع قرابة 2 في المائة كل سنة (1.9%) وهو معدل يقارب معدل ارتفاع تكاليف الحياة في الدارالبيضاء أكبر المدن مساحة وأكثرها كثافة سكانية ونشاطا اقتصاديا وتمركزا للمداخيل والعائدات الموزعة وبالتالي أكثرها تضخما اقتصاديا. وإذا كانت الهوية الاقتصادية لمدينة الدارالبيضاء تختلف عن هوية الحسيمة، فإن الواقع المعيش الذي ينبض به شارع هذه المدينة الساحلية على الشمال الشرقي للمملكة يؤكد ارتفاع تكاليف الحياة بها. واستنادا إلى إطار بإحدى الإدارات بالمدينة تم التأكيد على أن كل المواد الاستهلاكية في هذه المدينة تعيش على إيقاع الارتفاع سنة بعد أخرى مقارنة بباقي المدن، إذ لم يشمل الارتفاع المواد الاستهلاكية الضرورية المتمثلة في اللحوم والأسماك والخضر والفواكه وحسب، بل تعداه إلى أسعار الخدمات والسكنى حيث يرتفع ثمن كراء شقة عادية إلى 6 آلاف درهم في الوقت الذي لا يتعدى ثمن كراء شقة مماثلة في الرباط 3 آلاف درهم شهريا في الأقصى. وما يؤكده نبض الشارع في هذه المدينة تؤكده أرقام المندوبية السامية للتخطيط في إحصائياتها حيث تشدد هذه الإحصائيات على أن قطاع الفنادق والمطاعم بمدينة الحسيمة يبقى الأكثر ارتفاعا مقارنة بباقي المدن في السنوات الخمس الأخيرة، حيث سجل هذا القطاع ارتفاعا بلغت نسبته 28.2 في المائة وبواقع 5.2 في المائة سنويا. وما يقال عن هذا القطاع يقال عن قطاع الخدمات والممتلكات التي ارتفعت ب26% يقال عن التعليم الذي ارتفع في هذه المدينة بواقع 18.4% بينما ارتفع في الدارالبيضاء بواقع 33%. وتعاني مدن مكناسوالرباط وفاس من نفس الارتفاع في أثمان غالبية المواد عند الاستهلاك فيما تعاني العاصمة الاقتصادية ومدينة أكادير وبني ملال من كون المواد الغذائية بها هي الأكثر ارتفاعا في أسعارها، وذلك في الوقت الذي تعتبر فيه آسفي ووجدة مدينتين ارتفعت فيهما أسعار المواد عند الاستهلاك بمعدلات أقل منذ 2007 مقارنة مع باقي المدن. وتتوقع بعض المصادر أن يزيد قرار الحكومة الرفع في أسعار المحروقات من لهيب أسعار المواد الأساسية عند الاستهلاك؛ وفي مقدمتها النقل الذي يبقى له ارتباط وثيق بتوزيع باقي المواد الغذائية وغيرها من المواد الخدماتية عبر المدن.