تحول المواطن اللبناني، جورج زريق، والذي ووري الثرى، أمس السبت، بعدما انتحر حرقا لعجزه عن سداد أقساط ابنته المتراكمة، من حالة معزولة في لبنان، إلى أيقونة، تعبر عن وضعية المواطنين في العالم العربي، بين ضيق ذات اليد، وجشع المؤسسات الخاصة وتزايد المصاريف التي تنهك جيوب المستهلكين. حادث زريق، الذي شغل لبنان منذ اندلاع قضيته يوم الخميس الماضي وإلى اليوم، انتقل ليصبح حديث مستخدمي شبكات التواصل الاجتماعي في كل الوطن العربي، حيث وصف جورج ب”الشهيد”، والحالة المعبرة عن واقع العالم العربي، والذي تتوحد همومه وقضاياه رغم اختلاف الأوطان. وفي تفاصيل الحادث، تنقل وسائل الإعلام أن جورج زريق، وهو أب لولدين في الأربعينيات من عمره، أقدم ظهر الخميس الماضي على إحراق نفسه في ساحة ثانوية بكفتين في منطقة الكورة، بسبب ضيق المعيشة وعدم قدرته على سداد الأقساط المدرسية. وأشار شهود عيان إلى أن جورج سكب مادة البنزين على جسده في ملعب المدرسة، صارخا بعبارات توضح عدم قدرته على تحمل الأوضاع الاقتصادية في البلد، ليشعل النار في جسده، ما أدى إلى إصابته بحروق من الدرجة الثالثة، نقل بعدها إلى مستشفى السلام في طرابلس قبل أن يفارق الحياة يوم الجمعة. وتنقل ذات المصادر، أن جورج زريق أخرج ابنه من مدرسة بكفتين الخاصة في الكورة بعد رسوبه، مبقيا ابنته فيها لتفوقها وتميزها في جميع المواد الدراسية، رغم تردي أوضاعه المادية حاله كحال معظم اللبنانيين الذين تتراجع قدرتهم الشرائية مع كل مطلع نهار، ويعانون من أوضاع مادية صعبة، بسبب الظروف السياسية العامة في البلاد.لكن بعد أن تراكم القسط المدرسي المتوجب عليه، أرسلت إليه إدارة المدرسة بلاغات عدة مع ابنته تطالبه بالدفع، فقرر سحب ابنته من المدرسة لينقلها إلى أخرى رسمية يستطيع تحمل تكاليفها، غير ان المدرسة لم تمكنه من وثائق تسمح له بنقل ابنته لمدرسة أحرى إلا بعد آداء الأقساط، رغم أنه حاول توقيع تعهد بالدفع، لكن طلبه قوبل بالرفض. قضية جورج زريق، لقيت متابعة كبيرة من طرف مسؤولين سياسيين من لبنان ودول أخرى من العالم العربي، وتعددت المبادرات ما بين التطوع لتسديد تكاليف تمدرس أبنائه، وتخصيص مبلغ مالي لإعلاة عائلته، غير أن عائلته أدلت بتصريحات بعد تشييعه أمس السبت، مفادها أن المبادرات كان يجب أن تتم وجورج في حياته، أما وقد مات “فالعائلة لن تتاجر بدمه” كما جاء على لسان أحد أشقائه.