في خضم الصدمة التي سبّبتها جريمة ذبح سائحتين اسكندينافيتين بنواحي مراكش الأسبوع الماضي، عاد إلى الواجهة النقاش حول عقوبة الإعدام، وارتفعت الأصوات المطالبة بالعودة إلى تنفيذها، مطالبة بإعدام الجناة في الساحات العمومية. لاشك أن هول الصدمة ومفعول الوحشية المنبعث من هذا الفعل الإرهابي الشنيع، يثيران في المجتمع ردود فعل تلقائية مفادها رفض هذه الأفعال واستنكارها؛ لكن ذلك لا يعني تسويغ الانسياق مع أي انتكاس حقوقي أو ديمقراطي. فالأمم التي تتقدم هي تلك التي تنجح في تحويل مآسيها إلى لحظات للارتقاء الجماعي، وتجاوز الفخاخ التي تهددها بالاندحار. لا أحد يمكنه أن يجادل في حق المجتمع في المطالبة بمواجهة صارمة للإرهاب بجميع تجلياته، وعبر الطرق الأمنية والقضائية الأكثر فعالية، كما من واجب الدولة والنخب القيام بمكاشفة شاملة حول الجذور الفكرية والاقتصادية والاجتماعية للظاهرة الإرهابية. لكن كفّ المغرب عن تنفيذ عقوبة الإعدام منذ ربع قرن مكسب حقوقي وحضاري كبير، المفروض تكريسه وتعزيزه وليس التراجع عنه. الحق في الحياة أساس باقي الحقوق، وقطع الرؤوس لم يثبت، في أي من بقاع العالم، فعاليته في الحؤول دون وقوع الجرائم والعمليات الإرهابية. مواجهة الإرهاب، كما باقي التهديدات، لن تكون إلا بمزيد من الحقوق والحريات، وإعلاء شأن القانون والمؤسسات