مثل التماس دفاع ضحايا التفجير الإرهابي لمقهى أركانة بعدم الحكم بالإعدام على المتابعين التسعة في الملف، إشارة لافتة ومثيرة للاهتمام وللتفكير، خصوصا كونها تصادف هذه الأيام تخليد اليوم العالمي لمناهضة عقوبة الإعدام في كل بقاع الدنيا، بما في ذلك في المغرب حيث ينظم الائتلاف المغربي من أجل إلغاء عقوبة الإعدام اليوم الاثنين ندوة صحفية حول الموضوع، ووقفة رمزية أمام البرلمان تحت شعار: «الإعدام، عقوبة لا إنسانية». دفاع المطالبين بالحق المدني، من أقارب وعائلات ضحايا التفجير الإرهابي من الفرنسيين والمغاربة، برر ملتمسه بكون إنزال عقوبة الإعدام في حق المتابعين «لاجدوى منه»، وبأن هذه العقوبة «لن تكون هي الرادع ضد الجريمة». وفضلا عن كون الملتمس المشار إليه ينطلق من وعي حقوقي وقانوني مترسخ في القناعات، فإنه أيضا يكشف عن ترفع كبير عن الصدمة الذاتية والرغبة الشخصية في رد العقوبة بمثلها، وهذه الإشارة هي التي تستحق عندنا الانتباه والتمعن، والانطلاق من ذلك لإنماء الوعي العام بضرورة السير في اتجاه إلغاء عقوبة الإعدام. إن هذه العقوبة القاسية ليست في الواقع عقوبة بقدر ما أنها في حد ذاتها جريمة، لكونها تقضي على الحق في الحياة، كما أنه ليس مؤكدا أنها تساهم في الحد من الجريمة، بالإضافة إلى وجود احتمال الخطأ في إصدار الأحكام، وبتوقيع هذه العقوبة، تنتفي أية إمكانية لإصلاح الخطأ أو التراجع عن الحكم. الإعدام إذن عقوبة لاإنسانية، ومن الضروري والمفيد اليوم جعل النقاش حول إلغائها يتربع في القانون وفي القيم الحقوقية الإنسانية وفي الجدوى العملية وفي إصلاح القضاء وتطوير ترسانة القوانين والتشريعات والمنظومة العقابية، حتى تكون العقول مفتوحة على التفكير والاجتهاد. اليوم هناك حركية متنامية في العالم للمطالبة بإلغاء عقوبة الإعدام، سواء من لدن الدول والحكومات والبرلمانات والأحزاب، أو من طرف المنظمات الحقوقية ونشطاء المجتمع المدني والفاعلين القانونيين، واندراج المغرب ضمن البلدان المتطلعة لترسيخ البناء الديمقراطي وتحديث هياكل وسياسات الدولة، والانصهار في منظومات الديمقراطية وحقوق الإنسان كما هو متعارف عليها كونيا، يحتم الرفع من إيقاع سيرنا نحو إلغاء عقوبة الإعدام نحن أيضا. عقوبة الإعدام، عقوبة وحشية، وهي من ضروب المعاملة القاسية واللاإنسانية والمهينة للحياة، كما أنها قاسية ووحشية في كل أطوارها من صدور الحكم إلى تنفيذه مرورا بفترة انتظار التنفيذ التي تشهد مآسي في حياة المحكومين بالإعدام، وقد يدوم ذلك لسنوات... المغرب مؤهل اليوم للإقدام على هذه الخطوة المنسجمة مع تطلعه الديمقراطي والتحديثي، وفي ذلك نحتاج إلى شجاعة وجرأة وترفع، وإلى دفع العقول إلى الاجتهاد وإلى الانفتاح. هذا البريد الالكتروني محمى من المتطفلين , يجب عليك تفعيل الجافا سكر يبت لرؤيته