تزامنا مع تخليد اليوم العالمي لحقوق الإنسان، اليوم الإثنين، رسم حقوقيون صورة قاتمة عن وضعية الحقوق والحريات في المغرب، بعد سنة من الاحتجاجات الاجتماعية التي اشتعلت في عدد من المدن المغربية، عرف خلالها سيلا من المحاكمات التي جرت عليه انتقادات حقوقية وطنية ودولية، لتجعل من سنة 2018 سنة النقد الشديد لواقع الحقوق والحريات في المغرب، في مجالات حرية التعبير والتضاهر، وضمانات المحاكمة العادلة، وحماية حقوق النساء والأطفال وذوي الاحتياجات الخاصة والمهاجرين. حصيلة حقوقية مقلقة واستمرار الاعتقالات أكبر عنوان وفي السياق ذاته، قال محمد الهايج، رئيس الجمعية المغربية لحقوق الإنسان في تصريح ل”اليوم 24″، اليوم الإثنين، إن الذكرى السبعين للإعلان العالمي لحقوق الإنسان، التي يخلدها العالم والمغرب اليوم الإثنين، تصادف وضعية حقوقية مثيرة للقلق لمختلف الحقوقيين في المغرب “وهذا يعود للأوضاع التي تعرفها بلادنا والتي تمثل عودة إلى الوراء، خصوصا في ما يتعلق باحترام الحريات العامة”. ويوضح الهايج أن السنة الأخيرة طبعها استمرار الاعتقالات والمتابعات للنشطاء، سواء في الريف أو جرادة أو غيرها من الحركات الاجتماعية في العديد من المناطق المغربية، وأيضا سجلت التضييق على الحق في التظاهر السلمي وعلى حرية الصحافة، من خلال الأحكام الصادرة في حق بعض الصحافيين على خلفية ممارستهم للمهنة. الانتهاكات تطال النساء وذوي الاحتياجات الخاصة والمهاجرين ويوضح الهايج أن السنة الحقوقية الأخيرة عرفت عدم تقيد المغرب بمعايير المحاكمة العادلة، وسط تفاقم الوضعية الاقتصادية والاجتماعية في البلاد، والاستمرار في انتهاك عدد من الحقوق، منها الحق في التعبير والصحة والسكن اللائق، خصوصا أن هذه السنة، حسب الهايج، شهدت عددا من الإخلاءات القسرية لسكان عدد من المناطق، ومست حقهم في الأمان. كما شدد الحقوقي على أن الانتهاكات هذه السنة لم تتوقف عند هذا الحد، بل طالت حقوق النساء والأشخاص ذوي الإعاقة، الذين ما زالوا محرومين من حقهم في العمل، وحقوق المهاجرين الذين تم ترحيلهم من الشمال نحو الجنوب في أوضاع غير لائقة. الخطة الوطنية لحقوق الإنسان.. خطوة مشروطة وفي ما يحل اليوم العالمي لحقوق الإنسان أياما بعد نقاش الخطة الوطنية لحقوق الإنسان، يقول الهايج إن إقرار الدولة لخطة العمل الوطنية لحقوق الإنسان وإعادة تنظيم المجلس الوطني لحقوق الإنسان “مؤشرات إيجابية نتمنى أن تنعكس بشكل أفضل على أوضاع حقوق الإنسان في البلاد”، لكنه في الوقت ذاته يتشبث بمخاوفه من استمرار الانتهاكات التي تمس، حسب قوله، المواطنين وحتى المدافعين عن حقوق الإنسان “والكل يتابع المنع الذي تتعرض له الجمعيات الحقوقية من ولوج الفضاءات العمومية وولوج المؤسسات العمومية ومنع فروعها من وصولات الإيداع”. تثمين الخطوات الأخيرة للحكومة المغربية في مجال حقوق الإنسان، عبر عنه كذلك عبد الصمد الإدريسي، القيادي في منتدى الكرامة لحقوق الإنسان، حيث قال في تصريح ل”اليوم 24″، اليوم الإثنين، إن المصادقة على الخطة الوطنية لحقوق الإنسان تعطي الأمل في تعزيز الحقوق والحريات بالمغرب. ملفات تسيء إلى صورة المغرب ويد تدفع للعودة إلى الوراء رغم الخطوات المتتالية للحكومة المغربية في مجال تعزيز حقوق الإنسان، إلا أن عبد الصمد الإدريسي، المحامي والحقوقي في منتدى الكرامة لحقوق الإنسان، يقول في حديثه ل”اليوم 24″، إن عددا من الملفات المفتوحة اليوم تسيء إلى هذه الصورة، وتشيع الإحساس بأن “هناك من يدفع للعودة إلى الوراء”. في التصريح ذاته، يؤكد الإدريسي أن خطوة الحكومة باعتماد الخطة الوطنية لحقوق الإنسان تعطي أملا في أنه يمكن أن تكون دفعة جديدة، ولكنها مشروطة بانخراط كل المتدخلين لأجرأة مقتضيات الخطة، غير أن هناك من يدفع نحو العودة إلى الوراء بدليل تلكؤ الخطة لولا التدخل الملكي، وبالتالي يبقى التخوف من الجهات التي تدفع نحو الوراء قائما.