«جاكلين موراود».. هذا هو الاسم الذي أطلق شرارة احتجاجات السترات الصفراء في فرنسا. سيدة تبلغ من العمر 51 عاما، أخصائية في العلاج بالتنويم المغناطيسي، تعمل لحسابها الخاص في منطقة توجد بأقصى شمال غرب فرنسا. نشرت جاكلين مقطع فيديو على حسابها الشخصي في «فايسبوك»، تتحدث فيه بغضب عن ارتفاع ضريبة البنزين، ونتائج ذلك على دخل المواطنين، داعية الفرنسيين إلى الاحتجاج. وبالفعل، كانت المفاجأة قوية حين انتشر مقطع الفيديو بسرعة كبيرة، حيث تقاسمه 6 ملايين فرنسي، ولاقت الدعوة استجابة واسعة النطاق من قبل آلاف الفرنسيين الذين قرروا نقل الاحتجاج من «الفايسبوك» إلى الشارع يوم 17 نونبر الماضي وارتداء السترات الصفراء. في باريس، وغيرها من مدن فرنسا، احتشد الآلاف في سلسلة احتجاجات عارمة، أربكت حركة المرور، وأدت إلى مواجهات مفتوحة مع قوات الأمن تسببت، منذ اليوم الأول، في مقتل شخصين وإصابة 600 آخرين. وهكذا بدأت الاحتجاجات تتطور يوما بعد آخر، من التعبير عن رفض الضرائب على الوقود، إلى نقد السياسات الاقتصادية، خصوصا عدم المساواة في توزيع الثروة، واتسع نطاق الاحتجاجات إلى خارج المدن الكبرى، وشمل فئات جديدة من الطبقة المتوسطة والفقراء والمهمشين في البوادي، وظهر أن هناك حالة سخط عامة على الوضع الاقتصادي والاجتماعي، عبّرت عنها بشكل واضح حالات العنف وإتلاف ممتلكات عامة وخاصة، وتقدمت إلى أن وصلت إلى شارع «الشانزلزيه» الشهير في باريس، وقصر الإليزيه الفرنسي، وجرى تلوين الشوارع الكبرى باللون الأصفر، الذي هو لون السترات التي ارتداها المحتجون منذ أول يوم، قبل أن يطالبوا باستقالة رئيس الجمهورية ورئيس الحكومة وحل البرلمان. في الوقت الذي اتسع مدى الاحتجاجات ليشمل دولا أوروبية أخرى مثل بلجيكا وهولندا، وظهر أن هناك مقومات مشابهة تسمح لها بالانتشار في بلدان الاتحاد الأوروبي، الذي لم يتخلص من نتائج الأزمة المالية العالمية لسنة 2008، والذي تعرض لرجة قوية تشكك في قدرته على الاستمرار، تتعلق بانسحاب بريطانيا منه ابتداء من مارس المقبل. أجبرت هذه التطورات الحكومة الفرنسية، بعد نحو ثلاثة أسابيع من الاحتجاجات، على التراجع، وأعلن الوزير الأول، فيليب إدوارد، ثلاثة إجراءات استجابة لتلك الضغوط؛ تعليق الإجراءات الضريبية لمدة 6 أشهر، وتعليق تقوية إجراءات الرقابة الفنية، وتعليق الزيادة في تعريفة الغاز والكهرباء، والرفع في الحد الأدنى للأجور بنسبة 3 في المائة. وقال إدوارد للفرنسيين: «لا ضرائب تستحق أن تعرض وحدة الأمة للخطر»، في محاولة لاستمالة المحتجين للكف عن مواصلة الاحتجاجات، لكن الرد من هؤلاء كان سلبيا، وقرروا مواصلة الاحتجاج بالدعوة إلى مظاهرات جديدة اليوم السبت. فكيف نقرأ احتجاجات «السترات الصفراء» هذه؟ وما علاقتها بصعود اليمين المتطرف، وانسحاب بريطانيا من الاتحاد، والركود الاقتصادي؟ وهل نحن بصدد خريف أوروبي بعد ربيع دام عدة عقود؟ سخط اجتماعي تلخص ظاهرة «السترات الصفراء» في فرنسا الوضع السياسي والاجتماعي والاقتصادي ككل. فالاحتجاجات التي أشعلت شرارتها «جاكلين» بكلمة غاضبة في مقطع «فيديو» نشرته على حسابها في «فايسبوك»، خارج أي إطار تنظيمي حتى الآن، أي بعيدا عن الأحزاب والنقابات التي ظلت تلعب دور الوسيط في بلد «الأنوار والديمقراطية» قرونا متتالية. وهكذا بدت الاحتجاجات للمتتبعين خالية من أي غطاء إيديولوجي أو حزبي أو نقابي، رغم الادعاءات التي تشير إلى محاولة «ركوب» اليمين المتطرف عليها. أما الميزة الثانية لهذه الاحتجاجات فهي أنها استطاعت أن تستقطب فئات عمرية واقتصادية وسياسية متعددة ومتنوعة، حيث شارك فيها اليمين واليسار، الشباب والشيوخ، العاطلون عن العمل والعاملون في القطاعين العام والخاص، سكان المدن والأرياف. لكن، قد يكون المشترك الرئيس بينهم أن أغلبهم من المتضررين من قرار الحكومة فرض الضريبة على الوقود، خصوصا أصحاب السيارات الذين يتنقلون يوميا إلى العمل ويصطحبون أبناءهم إلى المدارس. كل هؤلاء ارتدوا السترات الصفراء، ليس تبركا بالحزب الأصفر في لبنان كما زعم بعضهم في المشرق العربي، وإنما لأنها السترات التي يُجبر كل سائق سيارة في فرنسا على حملها معه ضمن معدات السلامة لارتدائها عند توقف السيارة بسبب عطل تقني أو حادثة سير، وهي السترة التي فرضها قانون السير سنة 2008، مع غرامة للمخالفين قدرها نحو 153 دولارا. أما القضية الجامعة لكل هؤلاء فقد تمثلت في قرار الحكومة رفع الضريبة على الوقود، وهي قضية اقتصادية بالنسبة إلى الحكومة، لكنها مسّت بالقدرة الشرائية للفرنسيين، الذين انتخبوا الرئيس ماكرون من أجل العمل على حل المشكل الاقتصادي والاجتماعي المتفاقم. ذلك أن الوضع الاقتصادي الفرنسي لم يخرج بعد من آثار الأزمة المالية العالمية لسنة 2008، حيث لا يحقق سوى 1.3% في معدل النمو السنوي، في حين وصل معدل البطالة إلى 9,3%، وباتت مديونية فرنسا تساوي ناتجها الإجمالي بنسبة 100%، فيما وصل عدد الفقراء إلى 10 ملايين نسمة، ولا يتجاوز الدخل الفردي السنوي 23 ألف دولار أمريكي، وهو دخل ضعيف نوعا ما مقارنة بدول أوروبية أخرى. هكذا يبدو أن الوضع الاجتماعي الفرنسي متدهور، وتسبب في احتقان ظل يتراكم منذ سنوات، وهي الورقة التي استخدمها الرئيس الحالي، إيمانويل ماكرون، جيدا للوصول إلى الرئاسة في الانتخابات الأخيرة سنة 2017، مقدما وعودا بإصلاح اقتصادي يؤدي إلى حل الاحتقان الاجتماعي. لكن يبدو أنه فشل في تحقيق وعوده تلك، ما جعل شعبيته تتهاوى بشكل غير مسبوق منذ سنة تقريبا، قبل أن تندلع الاحتجاجات الأخيرة مرتدية اللون الأصفر، وقد رفعت في وجهه الورقة الحمراء، مطالبة برحيله، بل تهديد باقتحام القصر الذي يسكنه إن لم يفعل. «غي موليار» باحث فرنسي كتب، في مقال نشره موقع «معهد غيت ستون للدراسات»، قائلا إن ماكرون أعلن، عقب انتخابه، خططه لإعادة هيكلة الاقتصاد وتحريره، لكن هذه الوعود ظلت حبرا على ورق، ما أثار سخط الفرنسيين الذين ارتأوا التظاهر والاحتجاج على تردي الأوضاع الاجتماعية والاقتصادية. لم يف ماكرون بوعوده للناخبين بعد سنة ونصف من وصوله إلى كرسي الرئاسة، بل لجأ إلى قرارات وُصفت ب«غير الشعبية»، ووُصف ماكرون بسببها بأنه «نصير الأثرياء»؛ منها قرارات تخفيض الإنفاق الحكومي على نظام الرعاية الصحية العامة، ومزايا الإسكان والنقل، وتجميد مشاريع البنية التحتية الرئيسة، والتخلص مما يقرب من 1600 وظيفة في الخدمة المدنية، وتخفيض المعاشات التي تمولها الدولة. وقد انعكس ذلك على شعبيته لدى الفرنسيين، ففي غشت 2017 عبّر 64% من الفرنسيين عن عدم رضاهم عن سياساته (استطلاع معهد «إيفوب» لفائدة «لوفيغارو»)، أما خلال شهر نونبر الماضي، فقد أظهر استطلاع أجرته مجموعة «إيفوب» لصالح مجلة «باري ماتش» أن نسبة الرضا عن أداء ماكرون هبطت إلى 23%. في المقابل، تحظى احتجاجات «السترات الصفراء» بتأييد 84% من الفرنسيين الذين يطالبون باستقالة ماكرون، وإجراء تغيير فوري للحكومة، وفق ما جاء في مقالة «غي موليار». ربيع اليمين المتطرف مع استمرار احتجاجات السترات الصفراء في فرنسا، يحدث تطور آخر ذو أهمية، ذلك أن الظاهرة لم تقف عند حدود فرنسا، بل تجاوزتها إلى دول أوروبية مجاورة، ويبدو أن اليمين المتطرف وجد فيها ضالته. ففي بلجيكا، مثلا، خرج المئات من الأشخاص للتظاهر أمام المقرات الأوروبية في بروكسيل يرتدون السترات الصفراء، وطالبوا بوضع حد ل«المذبحة الاجتماعية»، كما طالبوا باستقالة رئيس الوزراء. وعلى هامش تلك المسيرة، وقعت مواجهات مع قوات الأمن، وأحرقت سيارتان للشرطة التي اضطرت إلى استخدام خراطيم المياه لتفريق المحتجين، واعتقلت حوالي 60 شخصا بسبب حملهم مواد محظورة. وفي هولندا، خرجت مسيرات مماثلة أيضا. ففي «لاهاي»، تظاهر العشرات أمام البرلمان، وخرج آخرون في مسيرة ثانية في «ماستريخت»، حيث أغلقوا الطريق السريع، رافعين شعارات اجتماعية. أما في ألمانيا، فقد وجد اليمين المتطرف في السترات الصفراء «زيا جديدا»، ودعت ثلاث من أبرز منظماته المدنية إلى مسيرات بالسترات الصفراء احتجاجا على ورقة ميثاق الأممالمتحدة من أجل «الهجرة الآمنة والمنظمة والمنتظمة»، التي وافق عليها «البرلمان الألماني»، ويتوقع أن يصادق عليها في مؤتمر عالمي للهجرة نهاية هذا الأسبوع بمدينة مراكش. لقد وجد اليمين المتطرف الألماني ضالته في موجة السترات الصفراء، وهو يحاول ركوبها لتحقيق بعض مآربه، والإقناع بأفكاره التي باتت تغزو المجتمعات الأوروبية خلال السنوات الأخيرة. سعيد السالمي، أستاذ الجيوسياسة في جامعة «بيزانسون» بفرنسا، علّق، في حديث مع «أخبار اليوم»، على الظاهرة بقوله إن «احتجاجات السترات الصفراء تنضاف إلى أزمات أخرى يمر منها الاتحاد الأوروبي، تعزز اليمين المتطرف والتيار للهوياتي والانغلاق على الذات»، لكن السالمي أكد أيضا أن «بنية الاتحاد نفسها تتحمل نصيبا مهما من المسؤولية في الاحتقان الاجتماعي، لأن القرارات الاقتصادية المصيرية تتخذ في بروكسيل، من لدن تقنوقراط، بعيدا عن صناديق الاقتراع». أولى الثمار التي جناها اليمين المتطرف من وراء موجة السترات الصفراء كانت في إسبانيا، حيث تمكن حزب «فوكس» اليميني المتطرف من تحقيق فوز تاريخي كبير في انتخابات برلمان إقليم الأندلس، حيث فاز ب12 مقعدا نيابيا، ليُصبح بذلك أول حزب يميني متطرف يدخل برلمانا إقليميا في إسبانيا، وهو العدد الذي منح الأحزاب اليمينية الأغلبية المطلوبة، فأنهت بذلك 36 عاما من حكم اليسار، ممثلا في الحزب الاشتراكي، الذي يتزعم رئيسه، حاليا، الحكومة الإسبانية المركزية في مدريد. وليس حزب «فوكس» الأول الذي يحقق نتائج متقدمة في الانتخابات في أوروبا، إذ هناك أحزاب يمينية أخرى نجحت في تحقيق مكاسب انتخابية مهمة في دول مثل السويدوبريطانياوفرنسا والنمسا وهولندا وسويسرا، فيما أصبح حزب يميني شريكا في الائتلاف الحاكم في الدانمارك. ريناس بنافي، باحث في المركز الديمقراطي العربي بألمانيا، حلّل، في دراسة له، موارد تغذية الخطاب اليميني المتطرف، الذي يركز على «إشكالية الهوية الثقافية وتهديدات العولمة أو الهجرة أو الاختلاط المتعسف لخصوصيتها الحضارية واللغوية، بل الوطنية»، ويرى أن حماية الهوية الوطنية تتطلب طرد المهاجرين، بل تصل درجة العداء إلى بلدان الجوار الأوروبي كذلك، ويرى في الجميع منافسين في الثروة وفرص الشغل المتوفرة، وعنصر تهديد للهوية الوطنية. لكن، لا يعني أن تركيز اليمين المتطرف على قضايا الهجرة والإسلام هو السبب وراء تصاعده، ذلك أن الدراسات التي اشتغلت على التطور السياسي في أوروبا أشارت باستمرار إلى أن «صعود اليمين يبرز عنوانا سياسيا لمراحل الأزمات الاقتصاديّة». وهو تفسير يبدو صائبا على الأقل في المرحلة التاريخية الراهنة التي تمر منها أوروبا، والتي دخلت ركودا اقتصاديا يُتوقع أن يستمر فترة من الزمن. الركود الاقتصادي لم تتعاف أوروبا بعد من آثار الأزمة المالية لسنة 2008، وتعيش دولها الرئيسة على الديون، التي تعادل بالنسبة إلى فرنسا 100% مع الناتج الداخلي الخام، فيما تصل في إيطاليا إلى 130% في المائة، ناهيك عن الأوضاع الصعبة في البرتغال واليونان وإسبانيا، ما يجعل نسبة النمو لا تتجاوز في أوروبا 1,6% إجمالا. تؤشر البيانات المبدئية للمديرية العامة للمفوضية الأوروبية (Eurostat) إلى أن أسعار المستهلك في منطقة اليورو قد ارتفعت بنسبة 1.2% في الشهر الماضي فقط، وفقا للمعدل السنوي، وبلغ معدل التضخم 1.3% في مارس، ويقدر معدل التضخم المستهدف بمستوى «أقل بقليل من 2%». لقد كانت أزمة الكساد الكبير في الولايات المتحدة عام 1929 مثالا كلاسيكيا لما يسمى في لغة أهل الاقتصاد ب«الانكماش الاقتصادي»، ثم تعرض العالم عام 2008 لأزمة مماثلة. ويرى محللون اقتصاديون، أمثال الروسي «ألكسندر نازاروف»، في مقالة بعنوان «أوروبا تحاول إقناع الأزمة بألا تعود»، أن البنوك المركزية الأوروبية تمكنت من التغلب على أزمة 2008 نسبيا، من خلال ضخ تريليونات الدولارات واليورو في الأسواق والبنوك والمؤسسات، على هيئة ائتمانات غير محدودة ذات نسبة فائدة تقترب من الصفر، من أجل تحفيز الطلب. لكن، رغم ذلك، فإن الانكماش أو الركود الاقتصادي، الذي حاربته البنوك المركزية الأوروبية طيلة عشر سنوات منذ عام 2008، سوف يعود بمجرد أن توقف البنوك ضخ تريليونات الدولارات واليورو في الاقتصاد، «فبمجرد أن خفّض البنك المركزي الأوروبي حجم ضخ الأموال إلى الأسواق، بدأ اقتصاد الاتحاد الأوروبي في التباطؤ على الفور، وبدأت البورصات العالمية في الهبوط، على الرغم من أن البنك المركزي الياباني مستمر في سياسته الضخمة «التسهيل الكمي»، شأنه في ذلك شأن الصين». ويؤكد أنه «إذا ما انكشفت أسطورة نهاية الأزمة، فإن مزاج المستهلك وحده يمكن أن يصبح حافزا لعودتها». لوسريزيا رايكلين، مديرة أبحاث سابقة في البنك المركزي الأوروبي وأستاذة الاقتصاد في جامعة لندن لإدارة الأعمال، تتوقع المآل نفسه للاقتصاد الأوروبي، ففي مقالة لها بعنوان: «الركود الاقتصادي المقبل في أوروبا.. محاذير واحتمالات»، نشرت أول أمس، تقول إن الطرح الذي كان سائدا في أوروبا، حتى قبل بضعة أشهر، هو أن الأزمة الاقتصادية لسنة 2008 قد انتهت، حتى بالنسبة إلى البلدان التي تأثرت بها بشكل كبير في أطراف الاتحاد الأوروبي، مثل اليونان وإسبانيا، ونتيجة لذلك «حول الأوروبيون انتباههم إلى قضايا أخرى، مثل اللاجئين والأمن، التي كانت تهدد الاستقرار السياسي، وتؤثر سلباً على التوافق بشأن المشروع الأوروبي، لكن الناتج المحلي الإجمالي في منطقة اليورو كان قد بدأ بالتباطؤ منذ وصل إلى الذروة في الربعين الثالث والرابع من سنة 2017. إن الضعف المستمر لاقتصاد منطقة اليور، حتى في ألمانيا، أدى إلى انكماش الناتج المحلي الإجمالي في الربع الثالث من سنة 2018، وذلك لا يبشر بالخير بالنسبة إلى الاتحاد الأوروبي الذي قد يواجه أزمات سياسية واقتصادية». وتساءلت رايكلين: «لماذا يضعف الانتعاش الاقتصادي في منطقة اليورو، حتى في خضم سياسات نقدية توسعية داعمة إلى حد كبير؟»، وتجيب: «في واقع الأمر، لو افترضنا أن النمو قد بلغ ذروته، فإن هذا يوحي بأن النمو المحتمل لمنطقة اليورو هو نحو 1%. إن هذه النسبة من النمو المحتمل للناتج الإجمالي، يصاحبها معدل بطالة إجمالي يصل إلى نحو 8%»، على صعيد أوروبا. تفسر الوضعية الاقتصادية، إذن، قلق الأوروبيين، وفي الوقت الذي كان الفرنسيون والإيطاليون وغيرهم يأملون تحسن الوضع الاجتماعي وتحسين قدرتهم الشرائية، يبدو أن هذا الأمل بصدد التبخر، مع تزايد التوقعات التي تشير إلى أن أوروبا مقبلة على أزمة اقتصادية جديدة قبل 2020، وهي التخوفات التي تغذي الاحتقان الاجتماعي، كما تغذي اليمين المتطرف، لذلك، لا غرابة إن حقّق هذا الأخير مزيدا من التقدم في الانتخابات المقبلة في كل الدول الأوروبية، وهو سيناريو غير مستبعد، وإن حصل، ستكون السترات الصفراء قد مهدت الطريق أمام خريف أوروبي طويل.