“دواعٍ أمنية” كانت وراء منع المسيرة الاحتجاجية التي دعت إلى تنظيمها النقابة الوطنية للصحة العمومية، يوم الاثنين المنصرم، انطلاقا من أمام مستشفى “الرازي” بمراكش في اتجاه مقر ولاية الجهة، تنديدا بإصابة 8 عاملين بالمستشفى نفسه بداء السل الوبائي. واستنادا إلى مصدر نقابي، فقد توصل المكتب الجهوي للمركزية النقابية “الفيدرالية الديمقراطية للشغل” بمراكش، بقرار منع مكتوب صادر عن القائد رئيس الملحقة الإدارية “أمرشيش”، وهو القرار الإداري الذي علّل المنع بالعبارة المأثورة في القاموس الإداري لوزارة الداخلية، ومفادها بأن التظاهرة “ستساهم في الإخلال بالأمن العام حسب المعطيات المتوفرة لدى الإدارة”، ومستندا إلى المادة 13 من ظهير 15 نونبر من سنة 1958، المنظم للتجمعات العمومية. القرار الإداري، الذي اعتبره مصدرنا “تعسفيا وخرقا للحق في التعبير والتظاهر السلمي المنصوص عليهما في المواثيق الدولية لحقوق الإنسان والدستور، خاصة في بابه المتعلق بالحقوق والحريات”، تلاه إنزال أمني كثيف بمحيط وأمام المستشفى، ابتداءً من الساعات الأولى من صباح اليوم نفسه، خاصة وأن المكتب النقابي للمركز الاستشفائي الجامعي “محمد السادس”، التابع للمركزية نفسها، قرّر الاستعاضة عن المسيرة بتنظيم وقفة احتجاجية أمام المستشفى المذكور ومقر إدارة المركز الاستشفائي، رفع خلالها المتظاهرون شعارات مستنكرة لتردي ظروف العمل وغياب شروط السلامة بمستشفيات المركز الاستشفائي الجامعي، وتعرّض حقوق ومكتسبات الشغيلة الصحية به للاستهداف بشكل ممنهج وغير مسبوق، محمّلين مسؤولية ما آلت إليه الأوضاع لوزارة الصحة ولإدارة المستشفى الجامعي. وعلمت “أخبار اليوم” بأن والي جهة مراكشآسفي الجديد، كريم قسي لحلو، عقد لقاءً، عصر اليوم نفسه، مع المكتب النقابي، الذي عزا انتشار داء السل في صفوف العاملين بالمستشفى إلى أسباب متعلقة بهندسة بنايته، خاصة قسم المستعجلات، موضحا بأن انعدام التهوية يعتبر السبب الرئيس في انتشار العدوى، خاصة وأن وسائل التهوية غير كافية لتنظيف الهواء في قاعة الانتظار وقاعات الفحص، ناهيك عن ضيق الممرات وعدم توفرها على التهوية الكافية للمرضى وعائلاتهم وللعاملين بالمستشفى. كما أشار المكتب النقابي إلى الاكتظاظ وسوء التنظيم بقسم المستعجلات بمستشفى “الرازي”، الذي يستقبل جميع الحالات، بما فيها الأمراض التعفنية والمعدية والمنقولة عبر الهواء، مطالبا بالإسراع بإعادة هيكلة هذه المصلحة الطبية وملاءمتها للشروط المعمول بها دوليا، لتفادي تعريض حياة المرضى والموظفين للخطر. ودعا المكتب إلى التكفل بالمرضى والعاملين ضحايا الوباء وتحمّل تكاليف علاجهم، والتسريع بمسطرة الكشف الاستباقي للداء في صفوف باقي العاملين. وطالب بتوفير وحدة دائمة للشرطة بمستشفى “ابن النفيس” للأمراض النفسية والعقلية، الذي تتواجد به مصلحة خاصة بالمرضى المتابعين قضائيا بدون أية حراسة أمنية، كما طالب بتوفير عناصر الأمن الوطني بمستشفيات المركز، من أجل التدخل في الوقت المناسب لحماية الموظفين من الاعتداءات التي يتعرضون لها أثناء مزاولة عملهم، وبتحرير محيط المستشفيات من المراكن العشوائية للسيارات، وتخصيص مواقف للموظفين. المكتب طالب، أيضا، بتعيين آمر بالصرف للمركز الاستشفائي، مشددا على ضرورة التنفيذ الفوري لمضامين المحاضر الموقعة مع إدارة المستشفى الجامعي، التي دعاها إلى تحمّل مسؤوليتها في حماية الموظفين إزاء أي متابعة قانونية، كما ينص على ذلك الدستور وقانون الوظيفة العمومية.