عزت اللجنة الوطنية للأطباء الداخليين والمقيمين بالمغرب (فرع مراكش) إصابة 8 عاملين بمستشفى تابع للمركز الاستشفائي الجامعي بمراكش بداء السل الوبائي إلى أسباب لها علاقة بغياب شروط السلامة ببنايات المستشفى، وأخرى إدارية مرتبطة بسوء تنظيم العمل واستقبال المرضى. وأوضحت اللجنة، في بلاغ أصدرته مؤخرا، بأن هندسة قسم المستعجلات بمستشفى “الرازي” تشكل بنية ملائمة لانتقال الأمراض المعدية، لافتة إلى انعدام التهوية، باعتباره السبب الرئيس في انتشار العدوى، خاصة وأن وسائل التهوية غير كافية لتنظيف الهواء في قاعة الانتظار وقاعات الفحص، ناهيك عن كون الممرات المتوفرة بالمستعجلات ضيقة ولا توفر التهوية الكافية للمرضى وعائلاتهم وللعاملين بالمستشفى، علما بأن داء السل ينتشر، عادة، في الأماكن المغلقة التي تنتفي فيها شروط النظافة، ولا تصلها أشعة الشمس. “الاختلالات التنظيمية” أرجعتها اللجنة إلى الاكتظاظ وسوء تنظيم قسم المستعجلات، الذي يستقبل جميع الحالات، بما فيها الأمراض التعفنية والمعدية والمنقولة عبر الهواء. وحذرت اللجنة من أعداد المصابين مرشحة للارتفاع، خاصة مع نهاية العطلة الصيفية وانطلاق الدخول الجامعي، مستنكرة ما اعتبرته “تأخرا غير مبرّر من طرف إدارة المستشفى الجامعي في التفاعل مع هذه النازلة الخطيرة، وعدم إصدارها بيانا توضيحيا لملابسات هذه الظرفية وأسبابها، وتماطلها في اتخاذ التدابير اللازمة للكشف الاستباقي للعاملين والعاملات”. اللجنة طالبت بفتح تحقيق عاجل من طرف جهة محايدة في مدى مطابقة بناية المستعجلات وظروف العمل لدفاتر التحملات، منددة بتأخر وزارة الصحة في تفعيل مسطرة المحاسبة في حق المسؤولين والجهات المتورطة في الموضوع. وحمّلت مسؤولية ما آلت إليه الأوضاع بمستعجلات “الرازي” إلى إدارة المستشفى نفسه، وللإدارة المركزية للمستشفى الجامعي، داعية إيّاها إلى إصدار بلاغ توضيحي، والاعتذار رسميا للمرضى والعاملين ضحايا الوباء وتحمّل تكاليف علاجهم، والتسريع بمسطرة الكشف الاستباقي للداء في صفوف باقي العاملين. البلاغ أهاب باللجنة الجهوية للأطباء للتحرك والخروج بموقف واضح إزاء هذه النازلة، داعية المكونات الجمعوية والنقابية الممثلة للأساتذة والأطباء والطلبة والممرضين وباقي العاملين بالمستشفى، إلى تشكيل جبهة موحدة، وتنظيم شكل نضالي احتجاجي أمام مستعجلات مستشفى الرازي، بداية الأسبوع الجاري. في المقابل، اعتبر مصدر مسؤول بالمستشفى الجامعي بأن الإصابة بالأمراض المعدية تعد من الأخطار المهنية المحدقة بالعاملين بالقطاع الصحي، الذين أضاف بأنه لا يمكن الجزم بالأسباب المباشرة لانتقال هذه الأمراض إليهم، والتي يمكن تجنبها إذا التزموا باتخاذ بعض الاحتياطات البسيطة، مشيرا إلى أن الحالة الأولى التي تم تسجيلها بمستشفى “الرازي” هي لموظفة تعمل في شركة خاصة مكلفة بإنجاز أشغال في إطار نظام المناولة، والتي قال بأنه لا يمكن تأكيد أو نفي انتقال المرض إليها من المستشفى أو من خارجه، أم إنها كانت مصابة به قبل ذلك. وتابع المصدر نفسه بأن الحالات المسجلة تمت متابعتها طبيا وخضعت للعلاج، الذي قال بأنه يستغرق حوالي ستة أشهر، ويصبح المريض غير معدي بعد أسبوع من تلقيه للعلاج، لافتا إلى أن التصريح بحالات الإصابة بالسل يعتبر إلزاميا في المغرب، الذي قال بأنه تسجل به حوالي 37 ألف حالة سنويا. وأكد المصدر بأن إدارة المستشفى الجامعي تفاعلت مع الموضوع، منذ تسجيل أول حالة، مشيرا إلى أن صفقة عمومية لإصلاح بعض مرافق مستشفى “الرازي” كانت أطلقت، قبل إغلاق جزء من قسم المستعجلات به، وهي الأشغال التي قال بأنها ستنطلق خلال الأسبوع المقبل. ونفى المسؤول نفسه عدم توفر مراكش، حاليا، على أية مصلحة عمومية للإنعاش الجراحي، موضحا بأن المدينة تتوفر على 4 مصالح في هذا المجال، واحدة في “ابن طفيل” واثنتان ب”الرازي”، ورابعة بمستشفى “الأم والطفل”، مضيفا بأن المركز الاستشفائي يعمل به حاليا 13 طبيبا أستاذا (بروفيسور) متخصصين في الإنعاش، بالإضافة إلى أطباء متخصصين، وآخرين مقيمين قيد التكوين .