شبح الجهاديين المغاربة الذين التحقوا بمختلف التنظيمات الإرهابية في سوريا والعراق منذ انفجار الربيع العربي، يعود إلى الواجهة بعد نهج المخابرات والأمن الإسبانيين استراتيجية جديدة لمساعدتهم على الهروب من مناطق التوتر، ما يطرح إمكانية تسللهم إلى المغرب في حالة العودة إلى مدريد أو برشلونة، أو سبتة أو مليلية المحتلتين. هذه المخاوف تزداد في ظل تحرك الأجهزة الأمنية الإسبانية لوحدها لمساعدة عشرات المغاربة والمغربيات للعودة إلى الجزيرة الإيبيرية دون التنسيق مع نظيرتها المغربية، كما تكشف ذلك بعض تسريبات الاستراتيجية الجديدة التي نشرت صحيفة "إلباييس" تفاصيلها. المعطيات الجديدة كشفت أن الأمن الإسباني يساعد أقارب الجهاديين الذين سافروا من إسبانيا إلى سوريا للالتحاق بصفوف داعش، أغلبهم مغاربة، على العودة إلى أوروبا. ومن أجل إنجاح عملية إجلائهم، تدفع الأجهزة الأمنية الإسبانية مبلغا ماليا يفوق 30 ألف درهم ل"الزطاطة" الذي يؤمنون رحلة عودة هاته الأسر المغربية إلى الحدود التركية. بعدها تتكلف الأجهزة ذاتها بدفع أسعار تذاكر الرحلات الجوية التي تقيلهم إلى أوروبا من مطارات تركيا. مع ذلك، تكشف بعض هذه التفاصيل، أن المساعدة تقتصر على المغاربة، لاسيما النساء والأطفال، الذين لم يتورطوا في جرائم خطيرة، لأن أغلب الجهاديين المغاربة الذين كانوا يقاتلون في جبهات القتال قتلوا، وتركوا أسرا لا تقوى على تسديد تكاليف العودة. وفي ظل المخاوف التي تثيرها هذه الاستراتيجية الجديدة، ومن أجل طمأنة الأجهزة الأمنية المغربية والأوروبية، يؤكد الأمن الإسباني أنها خطوة مساعدة أسر وأقارب الجهاديين المغاربة والإسبان من سوريا تمليها دوافع إنسانية. "نحن بهذا نُخرج العديد من الأسر من الجحيم. ليست لديها موارد، بعض الأفراد لا يعرفون حتى الكتابة، لكن عائلاتهم هنا تطلب منا المساعدة. كل ما نقوم به تحكمه دوافع إنسانية لا غير"، يقول مسؤول أمني إسباني. عملية دفع عودة أقارب الجهاديين المغاربة إلى إسبانيا تتم إلى حدود الساعة في سرية تامة بمشاركة النيابة العامة الإسبانية، لمعرفة ما إذا كان من بين العائدين أفراد تورطوا في أعمال إرهابية. محمد بن عيسى، الكاتب العام للمركز المغربي لدراسة التطرف والإرهاب، ورئيس مرصد الشمال لحقوق الإنسان، كشف ل"أخبار اليوم"، أن بدء إسبانيا في إعادة الأشخاص الحاملين لجنسيتها وأغلبهم من أصول مغربية خصوصا النساء والأطفال، وذلك من مخيمات اللاجئين التابعة لقوات سوريا الديمقراطية، مبادرة نطالب الحكومة المغربية أن تقتفيها. لكن، في نظره، "هذا لا يعني عدم وجود مخاطر في ظل الافتقار إلى برامج التأهيل النفسي والإدماج الاجتماعي للعائدات والعائدين من بؤر التوتر، ما يتطلب المزيد من التنسيق الأمني بين المغرب وإسبانيا لإحباط أي محاولة لتجنيد العائدين في عمليات إرهابية باستغلال ظروف عودتهم." وتوضح التسريبات أن 240 جهاديا انتقلوا من إسبانيا إلى مناطق النزاع في سوريا والعراق، كاشفة أن 90 في المائة منهم من أصول مغربية. وأضافت أنه من بينهم 14 أسرة، أغلبها مغربية. وأشارت، كذلك، إلى أن الأجهزة الأمنية تأكدت إلى حدود الساعة من مصرع 48 جهاديا، فيما البقية لم يتأكد مقتلها أو بقاؤها في سوريا أو الفرار إلى وجهة أخرى بعد سقوط التنظيم الإرهابي داعش في الصيف الماضي. وأضافت، كذلك، أن داعش كان يدفع أكثر من 20 مليون سنتيم للأسرة المغربية المكونة على الأقل من أربعة أفراد، علاوة على السكن المجاني، وراتب شهري. بعدها تتكلف النساء بالأعمال المنزلية وتعلم اللغة العربية وحفظ القرآن، فيما ينضم الرجال إلى الكتائب الحربية، ويمنح لهم سلاح الكلاشينكوف. كما أن الفتيات المغربيات اللواتي يتزوجن بأحد المقاتلين يحصلن على مهر تتراوح قيمته ما بين 12 ألفا و14 ألف درهم.