دعا مشاركون في مؤتمر تفكيك خطاب التطرف الذي نظمته الرابطة المحمدية للعلماء، رجال الدين إلى إنشاء حسابات على مواقع التواصل الاجتماعي قصد محاربة التجنيد الإلكتروني الذي بات الوسيلة الأنجع لغسل أدمغة الشباب. وهي الدعوة التي أطلقتها الشيخ سعد بن علي الشهراني، الأمين العام للهيئة العالمية للعلماء المسلمين، المنبثقة عن رابطة العالم الإسلامي، وكللت بتوقيع اتفاقية مع رابطة العبادي بهدف إنتاج خُطط تخدم الجيل الجديد من الشباب الذين وقعوا في فخ داعش عبر منصات التواصل الاجتماعي. وكشف العلماء المشاركون في مؤتمر الرابطة المحمدية، أن التجنيد الإلكتروني أصبح يقوم على أساس أجندات عالمية لا ترتبط فقط بأشخاص أو تنظيمات إرهابية، بل ترتبط بدول تعمد إلى غسل أدمغة الشباب. مؤكدين أن تراجع عدد من الدول عن تدريس التعليم الديني أدى إلى انتشار فهم خاطئ عن الدين، مشيرين إلى أن دراسة حديثة ناتجة عن مسح ميداني، أظهرت أن "30 في المائة من عناصر داعش لديهم مستويات جامعية، منهم 5 في المائة فقط من يتوفرون على تعليم ديني أو شرعي، وهو ما يدل على أن التعليم الديني صمام أمان للمجتمعات وأكبر علاج لهذا الداء العضال". ودعا المشاركون لمواجهة خطر التطرف المنتشر في الفضاء الأزرق، إلى إنشاء برامج موجهة إلى الشباب انطلاقاً من وسائل التواصل الاجتماعي وعدم الاقتصار على الوعظ والإرشاد الذي تقوم به المساجد، وهي البرامج التي تعدها الهيئة العالمية للعلماء المسلمين. كما حث الباحثون في مؤتمر رابطة العلماء علماء الدين، بإنشاء حسابات على موقعي التواصل الاجتماعي "تويتر" و"فايسبوك" لمحاصرة الإرهاب الإلكتروني، مشددين على ضرورة القيام بدورات تدريبية لهؤلاء العلماء لشرح كيفية استخدام هذه الوسائط كوسائل للبناء وليس كوسائل للهدم والدمار. واستعرض المؤتمرون أرقاما تؤكد إغلاق إدارة "تويتر" حسابات أزيد من 120 ألف مقاتل، مؤكدين على وجود خطر حقيقي يتهدد الجيل الجديد من الشباب عبر التجنيد الإلكتروني. أحمد العبادي، الأمين العام للرابطة المحمدية للعلماء، أكد أن تفكيك هذه الظاهرة المعقدة يجب أن يُركز على مستويات مختلفة قصد حماية الشباب بمختلف أعمارهم، وقال إن ذلك "لا يُمكن أن يتأتى إذا لم نقف على الخطاب الذي يستعمله هؤلاء المتطرفون ومصادر خطاب جاذبيتهم". وأشار العبادي إلى أن خطاب التطرف يستمد قوته من خمسة أبعاد، الأول يتصل بحلم وحدة الأمة الإسلامية والتضحية بالحياة والأسرة والثروة، والثاني يتعلق بضمان كرامة الأمة الإسلامية، والثالث يرتبط بالصفاء في مناهج التدين، والرابع يمت بصلة لقضية الخلاص ونهاية الزمان التي تتطلب النجاة مع الطائفة والفرقة الناجية، أما الخامس، وهو أخطر هذه الأبعاد، فيتجلى في التحكم في مجريات الأحداث، مما يؤدي إلى نوع من الضياع لدى الشباب الذين لا تستطيع عقولهم التحكم فيها. يُشار إلى أن المؤتمر الدولي المنظم من قبل الرابطة المحمدية، بشراكة مع رابطة العالم الإسلامي، انصب اهتمامه حول "تفكيك شبهات المتطرفين وتفنيدها، وبيان دور العلماء في مواجهة التطرف وتفكيكه، وبيان استراتيجية التحصين والوقاية من التطرف، وتقويم وسائل مقاومة التطرف العقلية والعلمية والإعلامية". كما دعا الباحثون ورجال الدين إلى ما وصفوه بنقد الفكر الديني المتطرف الذي بات يتخذ أشكالا مختلفة في وسائط التواصل الاجتماعي، وذلك عبر البحث عن المرجعيات ومصادر الخلل التي تسهم في ارتماء عدد من الشباب العربي في براثن التنظيمات الإرهابية، وخصوصا "داعش"، وبيان استراتيجية التحصين والوقاية من التطرف، وتقويم وسائل مقاومة التطرف العقلية والعلمية والإعلامية. وقال عبد الرحمن بن عبد الله بن محمد الزايد، الأمين العام المساعد لرابطة العالم الإسلامي، إن جهات عديدة تستغل أحداث الإرهاب والتطرف لمهاجمة الإسلام ورموزه، موردا أن "ديننا الحنيف يحث على نشر قيم التسامح والاعتدال"، داعيا إلى تكثيف المراكز البحثية قصد تفكيك خطاب التطرف بطرق علمية.