شرعت السلطات الإسبانية في ترحيل الأئمة المغاربة، المشتبه في ارتباطاهم بالجماعات الجهادية، أو بعض الجمعيات، التي يعتقد أن لديها خلفيات وهابية متشددة، توجد مقراتها في كل من السعودية، والكويت، كرد فعل على الاعتداء الإرهابي الأخير، الذي نفذه 11 جهاديا مغربيا بقيادة الإمام المغربي، عبد الباقي عيساتي، وسط برشلونة، يوم 17 غشت الماضي. كما بدأت المخابرات، ووزارة المالية الإسبانيتان في تعقب الأموال الخليجية، التي تضخ في حسابات سلفيين مغاربة في إسبانيا من أجل تشجيع الفكر الوهابي المتشدد، حسب ما كشفته تسريبات حصلت عليها صحيفة "إلباييس" الإسبانية، علاوة على تقارير إسبانية أخرى اطلعت عليها "أخبار اليوم". مصادر الصحيفة ذاتها لم تستبعد، كذلك، أن تكون التحقيقات، التي باشرتها الأجهزة الأمنية المغربية، والإسبانية بعد اعتداء برشلونة، خلصت إلى وجود علاقة بين بعض الأئمة المغاربة في إسبانيا، وأموال جمعيات متشددة غنية في الخليج، ما تطلب التدخل لحماية حوالي مليون مغربي من انتشار الفكر الوهابي، خصوصا بعد محاولة هذه الجمعيات تشييد مساجد في مناطق تعرف حضورا كبيرا للجالية المغربية. معلومات سرية حصلت عليها صحيفة "إلباييس"، تفيد أن الأمن الإسباني طرد في 6 مارس الماضي، وفي سرية تامة، إماما مغربيا يدعى ياسين الفراقي، والبالغ من العمر 33 سنة، لأنه "واعظ للإيديولوجية السلفية الوهابية". وأضاف المصدر نفسه أن الإمام المغربي لديه ارتباطات مع "جمعية إحياء التراث الإسلامي" بالخليج، التي تقدم نفسها على أنها جمعية خيرية تحت مظلة وزارة الشؤون الاجتماعية والعمل الكويتية، أنشئت عام 1982، ونظرا إلى أن هذه الأخيرة صنفتها الأممالمتحدة، وأمريكا ضمن الجمعيات المرتبطة بالتنظيمين الإرهابي "داعش"، و"القاعدة"، فقد تم ترحيله. ووفق الأمن الإسباني، فالإمام المغربي "حصل على الأموال لتشييد مركز إسلامي في مدينة كورّيا بجهة نافارا" شمال إسبانيا، فيما كشفت صحيفة "نافارا" أن قرار طرده اتخذ بعد توصله بمبلغ 700 مليون سنتيم من "جمعية إحياء التراث الإسلامي" لتمويل بناء المسجد المذكور، وتقرر توقيف أشغال بناء المسجد، لأنه كان موجها إلى نشر الفكر الوهابي المتطرف. وتُظهر تقارير الشرطة أن الفراقي حصل على المبلغ المذكور بهدف واضح، هو تحويل المركز الإسلامي، الذي يرغب في تشييده إلى منبر لتوسيع نفوذ السلفية في شمال إسبانيا، وأضافت أن المغربي حاول نشر الفكر الوهابي المتشدد بين الشباب في إسبانيا، وخارجها، وقد طور نشاطات متعددة لتوسيع هذه الإيديولوجية، خصوصا بين الشباب على المستوى الوطني والدولي، كما كان مسؤولا عن تطرف العديد من الأفراد. صحيفة "نافارا" كشفت أن قرار ترحيل المغربي لا يخص إسبانيا وحدها، بل يتخذ بعد إقليميا، إذ يعكس صراعا خفيا بين المغرب وبعض دول الخليج، مثلا السعودية والكويت، لمراقبة الحقل الديني في إسبانيا. إذ وصفت الإسلام المغربي بالمعتدل والوسطي القائم على المذهب المالكي، مقابل الإسلام الوهابي المتشدد. وأوضحت صحيفة "إلباييس" أن اعتقال المغربي، في 5 فبراير الماضي، وتسليمه إلى المغرب في 6 من الشهر الجاري، عبر معبر بني أنصار الحدودي لمدينة مليلية المحتلة، جاء بناء على تقرير للمخابرات الإسبانية، أكد تطرفه، ولهذا طرد على أساس أنه "يشكل تهديدا على الأمن القومي الإسباني".