في الوقت الذي عرفت فيه المملكة تساقطات مطرية وثلجية غير مسبوقة هذه السنة، لم تكن البنيات التحتية في مستوى استقبال مخزون المياه، رغم وعود الحكومة التي أكدت غير ما مرة أنها تذهب هي اتجاه الإسراع بإنجاز السدود لتوفير الماء الصالح للشرب، في عدد من المناطق التي يهددها شبح "العطش"، والتي خرجت في احتجاجات ضد العطش في أقاليم مختلفة، إذ أن نسبة كبيرة من هذه التساقطات تجد لنفسها طريقا للبحر. وبالرغم من أن كتابة الدولة المكلفة بالماء كشفت عن أن حقينة السدود الرئيسية بالمغرب، تجاوزت 7,6 مليار متر مكعب بتاريخ 7 مارس 2018، مسجلة بذلك نسبة ملء بلغت 49,9 في المائة، إلا أن هذا المستوى يقل عن المستوى المسجل في نفس الفترة من سنة 2017، التي بلغت فيها المخزونات حوالي 8,9 مليار متر مكعب، أي بنسبة ملء بلغت 58,3 في المائة. ويفسر زين الدين العابدين، الأستاذ الجامعي والخبير في السدود، سبب ضعف مستوى ملء السدود مقارنة مع السنة الماضية، بكون التساقطات غير منتظمة وضعيفة، والسدود لا تمتلئ إلا عند وجود عدد من الشروط، منها الإشباع وأخذ الأرض احتياجاتها المستعجلة، وأضاف في حديثه ل"اليوم24″، أن عددا من مناطق المغرب تعرف خصاصا كبيرا في الماء، إذ أن هذه التساقطات التي عرفتها المملكة خلال الأسابيع الأخيرة لم تغير الشيء الكبير. وحسب العابدين، فإن سبب عدم استفادة أقاليم المملكة من التساقطات، مرتبط بتعثر إنجاز عدد من السدود وتوحل أخرى، حيث قال إن "المغرب ضيع فرصة ملء السدود بمليارات الأمتار المكعبة من الماء بسبب تأخر إنجاز السدود المبرمجة، وهو ما يجعل تلك المياه تذهب للبحر دون أن يتم استغلالها"، مشيرا إلى أن هناك عددا من السدود في المغرب بفعل التوحل حقينتها تسد شهرا واحدا من الخصاص، في حين يحتاج تخليصها من التوحل ميزانية تتجاوز ميزانية بناء سد جديد، بفعل البنية المهترئة والإصلاح، بالإضافة إلى إفراغه من التربة وإعادة ملئه. ورغم التساقطات غير المسبوقة التي عرفها المغرب هذه السنة، إلا أن المصدر يتوقع أن تعاني السدود هذه السنة أيضا من ضعف الحقينة خلال فصل الصيف الذي ترتفع فيه درجة الحرارة، مشيرا إلى أنه خلال شهر غشت القادم، من المتوقع أن تعيش ساكنة المناطق المهددة ب"شبح العطش" نفس مشاكل الصيف الماضي. مدينة تطوان نموذجا من المدن التي لم تستغل التساقطات المطرية رغم أنها حسب الأرقام الرسمية، سجلت أعلى نسبة تساقطات، وذلك بعد تعثر أشغال إنجاز سد مارتيل الذي يدخل ضمن مشاريع البرنامج المندمج للتنمية الاقتصادية والحضرية للمدينة (2014- 2018) لمدينة تطوان، الذي كان أشرف على إطلاقه الملك محمد السادس في أبريل 2014 بغلاف مالي تناهز قيمته 5ر5 مليار درهم. وحسب كتابة الدولة المكلفة بالماء شرفات أفيلال في تصريح سابق ل"اليوم24″، فأشغال إنجاز السد عرف بعض المعيقات التقنية، خاصة منها تلك المرتبطة بالسياق الجيولوجي الصعب والمعقد لموقع تواجد السد، بالإضافة إلى أن المشروع ومنذ البداية الأولى لإنجازه، كان عرضة لتعرضات من طرف بعض الساكنة المجاورة للسد، التي كان لها أثر على وتيرة الأشغال. ويرى العابدين أنه لو كانت الأشغال انتهت في "سد مارتيل"، لكان بالإمكان ملؤه حتى 70 مليون متر مكعب من أصل سعته التي تجاوزت 120 مليون متر مكعب، "لكن للأسف هذه فرصة ضاعت على المدينة والجهة بسبب تعثر الأشغال"، يقول المتحدث. وفي سياق متصل، قالت كتابة الدولة المكلفة بالماء في بلاغ لها، إنه تم تسجيل انخفاض في العديد من السدود، مثل سد غارد سبو (القنيطرة)، إذ انتقل من 100 في المائة إلى 32,8 في المائة، وسد يعقوب المنصور (الحوز)، الذي انتقل من 94,1 في المائة إلى 68,4 في المائة، وسد أولوز (سوس ماسة)، إذ انتقل من 92,5 في المائة إلى 53,5 في المائة، وسد للا تكركوست (الحوز)، الذي انتقل من 82,6 في المائة إلى 19,1 في المائة.