بعد أن جرى اعتمادها في توقيف مجموعة من الطلبة في أحداث تعود لحراك 2011، تجرّ المحاضر الاستنادية، مرّة أخرى، طالبا جديدا للتحقيق، هذه المرّة، في المواجهات العنيفة مع الأمن، التي كان شهدها محيط الحي الجامعي بمراكش، بتاريخ الخميس 19 ماي من سنة 2016، والتي أسفرت عن إصابة أكثر من خمسين شرطيا وطالبا بجروح متفاوتة الخطورة، وهي الأحداث التي توبع فيها 13 طالبا، في حالة اعتقال، وغادروا السجن بعد صدور الأحكام عن غرفة الجنايات الابتدائية، بتاريخ 20 دجنبر من السنة نفسها. مسطرة التقديم وجلسة التحقيق الأولي للطالب الجديد، محمد بنّاصر، لم تستغرقا أكثر من نصف ساعة، فقد جرى تقديمه، في حالة اعتقال، يوم الأربعاء المنصرم، أمام أحد نواب الوكيل العام للملك، الذي أحاله، صباح اليوم نفسه، على قاضي التحقيق، متابعا إيّاه بالتهم الست الثقيلة نفسها التي لوحق بها المتهمون السابقون، والمتعلقة ب"تخريب مبانٍ عمدا، ومحاولة إضرام النار في ناقلة، ووضع أشياء في الطريق العام لعرقلة المرور به ومضايقته"، وبجنح ثلاث تتعلق ب"التجمهر المسلح، والإهانة في حق موظفين عموميين أثناء تأدية مهامهم وتعريضهم للضرب والجرح الناتج عنه إراقة الدماء، وتعييب منشآت مخصصة للمنفعة العامة". من جهته، قرّر قاضي التحقيق، إدريس بلكحل، في ختام جلسة الاستنطاق الابتدائي، إخلاء سبيل الطالب المذكور ومتابعته في حالة سراح مؤقت إلى غاية الانتهاء من الاستنطاق التفصيلي، الذي حدد 13 مارس المقبل تاريخا لجلسته. وكانت المصالح الأمنية بالدائرة الرابعة أوقفت بنّاصر، الطالب بسلك الماستر والناشط بالجمعية المغربية لحقوق الإنسان، يومين قبل ذلك، قبل أن تحيله على المصلحة الولائية للشرطة القضائية بمقر ولاية الأمن، ويوضع هناك تحت الحراسة النظرية، ليتم الاستماع إليه في شأن الأفعال المنسوبة إليه، بمقتضى محاضر استنادية تعود إلى أكثر من سنة ونصف. فرع المنارة للجمعية المغربية لحقوق الإنسان بمراكش، اعتبر توقيف الطالب، المنتمي إلى شبيبة حزب النهج الديمقراطي، "اعتقالا تعسفيا وإجهازا على حرية التعبير والحق في التظاهر، خاصة وأن احتجاجات الطلبة كانت سلمية ومطالبها كانت عادلة ومشروعة"، وطالبت الجمعية، في بيان أصدرته أول أمس، النيابة العامة بإعادة النظر في الاعتماد على المحاضر الاستنادية كأساس للتوقيف والمتابعة، خاصة وأن المصرّحين فيها، الذين لم يكونوا سوى الطلبة ال 13 الذين توبعوا قضائيا، نفوا، خلال تقديمهم أمام النيابة العامة واستنطاقهم ابتدائيا وتفصيليا أمام قاضي التحقيق، وأثناء المحاكمة، أقوالهم في محاضر الضابطة القضائية. وأكد مصدر حقوقي بأن حوالي 10 طلبة آخرين سبق أن تم توقيفهم بمقتضى مساطر مرجعية على خلفية الأحداث نفسها، بعضهم قُضي ببراءتهم وحالة واحدة تم حفظ المتابعة في حقها، مضيفا بأن بنّاصر سبق أن أوقف، بتاريخ 26 دجنبر من سنة 2016، وأحيل على الدائرة الأمنية بجامع الفنا برفقة طالبين آخرين أخلي سبيلهما لاحقا، فيما ظل هو بالدائرة لأكثر من ساعتين، قبل أن يُطلق سراحه بدوره مساء اليوم نفسه. وكانت المواجهات العنيفة المذكورة اندلعت بسبب تفريق الأمن لمسيرة نظمتها مجموعة من الطلبة، لم يتجاوز عددهم المائة، انطلاقا من الحي الجامعي بحي "الداوديات" باتجاه مقر رئاسة جامعة القاضي عيّاض بشارع عبد الكريم الخطابي، احتجاجا على التأخير في صرف المنح، وهو ما أثار رد فعل المحتجين، الذين تحصّنوا بالحي الجامعي، ودخلوا في مواجهات عنيفة مع القوات الأمنية.