بعدما أثارت مناقشته بمجلس النواب، جدلا ونقاشا كبيرين، واستغرقت المسطرة التشريعية المتعلقة به سنة ونصف، صادقت لجنة العدل والتشريع بمجلس المستشارين مساء اليوم، على القانون المتعلق بالمجلس الوطني لحقوق الإنسان، دون مناقشة تفصيلية ولا تقديم للتعديلات ومناقشتها، وتم الاكتفاء فقط بالمناقشة العامة التي وصفة بالشكلية فقط. وتم اعتماد النص القانوني المثير للجدل، في أول لقاء لجنة العدل والتشريع بالمستشارين، في مدة زمنية لم تتجاوز ساعة و45 دقيقة فقط!، وكان من المفترض أن يقتصر اللقاء فقط على تقديم المشروع من طرف الحكومة. وعلم "اليوم 24″، من مصدر مطلع، أن فرق المعارضة أساسا، وبعض فرق الأغلبية، تلقت اتصالات سواء من المجلس الوطني لحقوق الإنسان أو رئاسة مجلس المستشارين، قصد تسريع مسطرة المصادقة على مشروع القانون المذكور، وإحالته بسرعة على آخر جلسة عمومية غدا الثلاثاء، للمصادقة عليه قبل اختتام الدورة الحالية، دون أن تكون الحكومة على علم بتلك التحركات، التي تسبق موعد انعقاد اللجنة. وتحدث المصدر عن تواطؤ بين مكونات الأغلبية والمعارضة، وهو ما اعتبره سابقة في تاريخ العمل التشريعي بالمجلس، حيث وبينما كان يفترض تقديم المشروع فقط، طلب الفريق الاشتراكي رفع الجلسة قصد التشاور، وذلك بعد تقديم المشروع من طرف الحكومة، وتعبير رئيس اللجنة المنتمي ل "البام"، عن الرغبة في تسريع مسطرة التصويت. وعقب تشاور فرق الأغلبية، ظهر أن الاتجاه العام يتجه نحو القبول بتسريع مسطرة التصويت على النص القانوني، بينما تحفظ الفريق الاشتراكي وفريق العدالة والتنمية، وقال المصدر، إن نبيل الشيخي، رئيس فريق "المصباح"، قدم "تحفظا محتشما"، وطلب تحديد موعد لاحق لاجتماع اللجنة قصد إتاحة الفرصة للمناقشة التفصيلية وتقديم التعديلات، واقترح أن تنظم دورة استثنائية للمجلس قصد المصادقة على المشروع. وتدخل بعد العودة من التشاور، مستشار برلماني عن الفريق الحركي، وقال إن الأغلبيية تقترح المصادقة على النص القانون خلال نفس اللقاء، ولم تعترض على ذلك المعارضة، كما التزم فريق العدالة والتنمية الصمت، يضيف المصدر، "في النهاية استسلم رئيس فريق البيجيدي، وغادر الاجتماع، بينما لو تشبت ببنود النظام الداخلي ولو لوحده، لم يكن من الممكن خرق المقتضيات القانونية، ولما وقعت الفضيحة". وقال مصدر برلماني آخر، إن فريق العدالة والتنمية وجد نفسه محرجا، ولم يكن من الممكن التعبير عن موقف أكثر من التحفظ على المنهجية والانسحاب، وعدم المشاركة في المهزلة، على حد تعبير المصدر، وفضل رئيس فريق "المصباح" نبيل الشيخي، الانسحاب في هدوء دون الإعلان عن ذلك، والاكتفاء فقط بالتعبير عن التحفظ على المنهجية. مصدر آخر، قال إنه بعد المصادقة النهائية على مشروع القانون بمجلس النواب الأربعاء الماضي، تمت برمجة مناقشته بلجنة العدل والتشريع بالمستشارين يوم الجمعة الماضية، وأمام كثرة الغيابات تم تأجيل ذلك إلى اليوم، مضيفا، "هذه السرعة جيدة بالنسبة لنا، لكن نتسائل لما استغرق قانون العنف سنوات بالغرفة الثانية قبل برمجته!".