يرى الدكتور محمد شقير، الباحث في الشؤون السياسية، أن حكومة العثماني ستبقى حكومة تكنوقراطية بغض النظر عن تلويناتها الحزبية ما الذي ميز التعديل الحكومي الأخير؟ الملاحظة الأولى، التي تميز التعديل الحكومي، هي أنه تأخر لأكثر من ثلاثة أشهر، حيث كان النقاش سائدا طيلة هذه الفترة حول إمكانية انضمام حزب الاستقلال إلى الفريق الحكومي، وحصول حزب التجمع الوطني للأحرار على مناصب وزارية أخرى؟ وهي الأمور التي لم تحدث. وفي آخر المطاف حافظ هذا التعديل الحكومي على التوازنات داخل الحكومة، وحصل كل من حزبي الحركة الشعبية والتقدم والاشتراكية، على نفس المقاعد الحكومية التي فقدوها. لكن أهم ما ميز التعيينات الملكية الأخيرة، المفاجأة التي حملها التعديل بتعيين محسن الجزولي، القادم من القطاع الخاص في وزارة التعاون الإفريقي، وهذا يفرض علينا أن نتساءل هل منح هذا المنصب لشخصية تكنوقراطية، هو تكريس للتوازن حتى لا يؤول إلى مكونات الائتلاف الحكومي، على اعتبار أنه يجسد الاستراتيجية الملكية في إفريقيا. ووفقا لهذا المعنى تحولت هذه الوزارة إلى منصب سيادي على غرار وزارات السيادة الأخرى، وهو الأمر الذي فرض منحها إلى شخصية محايدة وتكنوقراطية. ما هي التوجهات الكبرى التي حسمت في التعديل الحكومي، خصوصا وأن هناك من يقول إنه مجرد تعديل تقني لم يستحضر ما هو سياسي؟ أعتقد بأن الذي حسم في التعيينات الحكومية هو القصر الملكي، وبالتالي ينبغي التأكيد هنا على أن التوجه الملكي الذي حسم في التعديل يقوم على ركيزتين أساسيتين، هو تقديم بروفيلات جديدة تكنوقراطية تتوفر على الكفاءة، فكل الشخصيات التي تم تعيينها، تتولى مناصب وزارية لأول مرة في مسارها السياسي. وهنا ينبغي استحضار الاعتراض على تعيين الوجوه القديمة، كما حصل مع الحركة الشعبية، ما اضطرها إلى اقتراح أسماء من خارج الحزب، ومن هنا فالهاجس الذي حكم التعديل هو التشبيب والجدة وفي نفس الوقت الكفاءة والقدرة على تدبير الوزارات الجديدة بنفس تقني وليس سياسيا. هل تعتقد أن التعديل سيساعد حكومة العثماني على الخروج من أزمتها وضعف أدائها؟ حكومة العثماني ستبقى حكومة تكنوقراطية، بغض النظر عن التلوينات الحزبية، وستقوم بتنفيذ التوجهات الإصلاحية للحكومة السابقة، والذي يفقد الحكومة الكاريزما السياسية هو طبيعة الشخصية التي تم تعويضها بعبدالإله بنكيران. تعيين العثماني على رأس الحكومة منح الحكومة طابعا تكنوقراطيا بعيدا عن الضجيج السياسي والإثارة، وهذا ما دفع الرأي العام إلى عدم الاهتمام كثيرا بأداء الحكومة، لأنه يحس بأنها لن تضيف قيمة سياسية جديدة. التعديل الحكومي كرس هذا التوجه وجعل الرأي العام ينظر إليها على أنها حكومة ضعيفة، تدار برأسين، هناك عزيز أخنوش، وهناك سعد الدين العثماني، وهي نظرة تختلف جذريا عما كانت عليه الحكومة التي ترأسها عبدالإله بنكيران، فرغم كل الانتقادات التي كانت توجه للحكومة، كان بنكيران يمنحها زخما، تفتقده حاليا مع العثماني. في اعتقادك، هل إدارة الحكومة برأسين الذي تتحدث عنه سيمكنها من الاستمرار في عملها بعد التعديل الحكومي؟ آفاق العمل الحكومي مرتبط بالطريقة التي ستعالج بها التحديات الاجتماعية، فالحكومة ستواصل مهامها بشكل تنفيذي تكنوقراطي، وسط تحديات اجتماعية واحتجاجات في العديد من المدن، وإذا تصاعدت الاحتقانات، فإنها من المؤكد أن تؤثر على الوتيرة التي تشتغل بها الحكومة، وسيضطر صانع القرار السياسي أن يعيد النظر في هذه الحكومة، لأن الجانب الاجتماعي سيكون محددا أساسيا في مدى استمرارية الحكومة من عدمه، وهنا هل سيحالفها الحظ لكي تكمل ولايتها أم لا؟ كما أن عدم انسجام الأغلبية الحكومية يدل على تنافر مكوناتها الحزبية، فهناك ازدواجية على مستوى رئاستها، كما أشرت إلى ذلك سابقا، وهذا سيؤثر على العثماني مع مرور الوقت، بالنظر إلى التحديات التي من الممكن أن تعترض الحكومة في المقبل من الأيام.