لقد شكل ظهور حركة 20 فبراير كامتداد لما سمي بالربيع العربي و الذي أصبح فيما بعد خريفا, حدثا مفصليا في تاريخ المغرب الحديث, حيث انكسر لأول مرة حاجز الخوف الذي كان يسكن الغالبية العظمى من الشعب المغربي و عادت مصطلحات "الشعب","الطبقات الشعبية" و "الجماهير الشعبية" و ما إلى ذلك من مصطلحات ثورية بقوة إلى الساحة السياسية و لكن لسوء الحظ تم الركوب على مطالب الحركة من طرف عدة جهات سياسية للوصول لسدة الحكم و لو أنه "حكم صوري" دون الوفاء بتعهداتها أمام هذه الجماهير,هذه الأطراف السياسية سرقت حتى شعار الحركة "الشعب يريد إسقاط الاستبداد و الفساد" و استعملته في حملاتها الانتخابية. يمكن القول بأن حركة 20 فبراير أعادت الشباب المغربي إلى الساحة السياسية و لو ظرفيا بعد غياب طويل, لقد تشكلت نخبة سياسية شابة تطمح إلى الحرية و الديمقراطية و المساواة و التوزيع العادل للثروات الوطنية و لكن سرعان ما اختفت لعدة أسباب ذاتية و موضوعية. تمكنت حركة 20 فبراير من كبح جماح حزب سياسي كان يخطط للسيطرة على جميع دواليب الدولة , و كان يسعى ربما إلى تكرار سيناريو حزب التجمع التونسي و لكن بلمسة مغربية, و ساهمت الحركة كذلك في اختباء أو اختفاء ما اصطلح عليه بالتماسيح و العفاريت مؤقتا و التي عادت بقوة بعد مرور 3 سنوات على ميلاد الحركة. يجمع الكل على أن المغرب لم يعد كما كان قبل 20 فبراير 2011 و هناك مجموعة من التغييرات على جميع المستويات, دستور جديد قديم لم يتم بعد تنزيل مضامينه على ارض الواقع و بقيت حبرا على ورق و مِؤسسات جديدة لم يتم بعد تفعيلها و مازالت العديد من القوانين التنظيمية غير جاهزة أو ظلت حبيسة الرفوف. نعم لقد ساهمت حركة 20 فبراير في تكوين وعي سياسي لدى شريحة واسعة من المغاربة و التي كانت تخاف من كلمة "سياسة" و التي ارتبطت في ادهانهم بالمقابر الجماعية و المعتقلات السرية و الفساد. أصبح جل المغاربة يناقشون قضاياهم السياسية و الاجتماعية و الاقتصادية بنوع من الحرية لم تكن متوفرة من قبل, في المقاهي و سيارات الأجرة كلام يقال لأول مرة,في الماضي كان يؤدي بصاحبه إلى غياهب السجون. و لكن المشكل يبقى هو وجود أشخاص و مسؤولين يحنون إلى الماضي و يريدون أن يحكموا بعقليات أكل الدهر عليها و شرب. لقد بعثت حركة 20 فبراير برسائل واضحة إلى من يهمهم الأمر مفادها أن ضمير الشعب المغربي ما زال حيا رغم كل المحاولات للإجهاز عليه و إرساله إلى مثواه الأخير, مازال هنالك مواطنين شرفاء و مناضلين حقيقيين يحملون هم هذا الوطن. "شكرا 20 فبراير"