تسلم مستشار الملك محمد السادس أندري أزولاي أخيرًا في لشبونة جائزة شمال – جنوب 2014 التي يمنحها مجلس أوروبا، من رئيس جمهورية البرتغال أنيبال كافاكو سيلفا. ومنحت الجائزة لأزولاي تقديرًا له على إسهامه في مسلسل السلام بالشرق الأوسط، خصوصًا تعزيز المصالحة بين اليهود والمسلمين، وكذا اعترافًا بدوره في خدمة النهوض بالحوار الثقافي في منطقة حوض المتوسط. وخلال حفل نظم في مقر البرلمان البرتغالي، حضره الأمين العام لمجلس أوروبا، ثوربجورن جاغلاند، ورئيسة البرلمان البرتغالي أسونسياو إيستيف، ورئيس اللجنة التنفيذية لمركز شمال جنوب، جان – ماري هيدت، ووزير الخارجية البرتغالي، روي ماشيت، وثلة من الشخصيات السياسية والأكاديمية والثقافية والدبلوماسية والإعلامية، جرى منح الجائزة أيضا للطبيبة الجراحة الآيرلندية مورا لانتش، اعترافًا بجهودها وتفانيها في النهوض بحقوق الإنسان. ويجري منح هذه الجائزة، التي يرصدها مركز «شمال – جنوب»، ومقره في البرتغال، سنويًا، منذ إطلاقها في عام 1995، لشخصيتين تميزتا بانخراطهما الاستثنائي في النهوض بالتضامن بين الشمال والجنوب، خصوصًا في مجال حماية حقوق الإنسان، والدفاع عن الديمقراطية التعددية، وتحسيس الرأي العام بقضايا التضامن العالمي. ويجري اختيار الفائزين، كل سنة، بعد مداولات لجنة مكونة من أعضاء مكتب مركز «شمال – جنوب» والمجلس العام. وقال أزولاي، في كلمة بالمناسبة، عن سعادته العميقة واعتزازه وتأثره لكون «الحملة» التي سار فيها منذ أكثر من نصف قرن اختارت «معسكر المقاومة، حتى لا يجري استغلال أدياننا وتاريخنا وهوياتنا، أو يجري اتخاذها رهينة من قبل أي كان». وأضاف: «لقد كان لي، من خلال ما منحني إياه بلدي المغرب، شرف تجسيد فن كل شيء ممكن. فالمواطن المغربي الذي أجسده هو على حد سواء يهودي وأمازيغي وعربي، فأنا موجود وأقاوم هذا التقهقر الذي يقوض ويضعف المجتمع الدولي». وذكر أزولاي، أنه «من الضروري، القيام بالقياس الدقيق لهذا الانقسام وهذا التراجع الذي يغذيه نفي الآخر»، مضيفا أن «العدو الحقيقي والوحيد للإنسان هو الجهل»، كما جاء على لسان الفيلسوف العربي والمتوسطي الكبير ابن عربي. وبعد أن ذكر بالأحداث المأساوية التي وقعت في أقل من أسبوع في تونس والكويت وفرنسا والصومال ومصر، أكد أزولاي أنه «لا يمكننا اليوم الاحتفال بالحوار والتسامح والسلام، والبقاء في موقع المتفرج السلبي على هذا التقهقر». وأضاف: «يتعين على مجتمع الأمم أن يعيد بناء نفسه، لاسترجاع الحداثة الاجتماعية التي ميزت العلاقات الدولية، منذ أمد غير طويل». وأكد أن المغرب «كان لديه الشجاعة والقدرة المتبصرة بقيادة الملك محمد السادس، لتقديم دستور لشعبه، تمت المصادقة عليه في يوليو (تموز) 2011، وهو يشير إلى أن المغرب المعاصر، تشكل تاريخيًا من الحضارة الأمازيغية واليهودية والحضارة العربية الإسلامية ومن هويته الحسانية. وخلص أزولاي إلى القول بأن «هذه الحقيقة شهدتها أرض الإسلام، إسلام التنوير والحداثة». من جهته، تحدث الرئيس البرتغالي عن أهمية الدور الذي يضطلع به أزولاي في تعزيز الحوار بين الثقافات والتقارب بين ضفتي البحر الأبيض المتوسط، وهي المنطقة التي قال إنها «ما زالت تواجه تحديات كبرى». يذكر أن أزولاي كرس حياته لتعزيز الحوار بين الثقافات والشعوب وبين النساء والرجال بحوض المتوسط. وسبق له أن تولى منصب رئيس مؤسسة آنا ليند الأورو – متوسطية للحوار بين الثقافات 2008 – 2014. ومنذ عام 2005، أصبح أزولاي عضوًا في المجموعة الرفيعة المستوى لتحالف الحضارات التابع للأمم المتحدة. كما يرأس اللجنة التنفيذية لمؤسسة الثقافات الثلاث والديانات الثلاث، التي يوجد مقرها في إشبيلية بإسبانيا، وهو واحد من الأعضاء المؤسسين لمجموعة علاء الدين لتعزيز التفاهم المتبادل والعلاقات الثقافية بين المجتمع الإسلامي وبقية دول العالم.