تعرف الساحة السياسية التركية خلال الفترة الأخيرة توترا وصف بالحاد بين أردوغان و حكومته من جهة و بين جماعة الخدمة، إحدى أكبر الجماعات الإسلامية الداعمة للحكومة، من جهة أخرى. والتي يصنفها البعض بمثابة الحليف الرئيسي لحزب العدالة والتنمية، والكتلة الناخبة المهمة الداعمة له منذ تسلمه مقاليد الحكم قبل عقد من الزمن. المتتبعون للشأن التركي يرجعون أسباب هذا التوتر إلى اختلافات بين الطرفين حول قضايا الشأن العام، آخرها قرار تتدارسه الحكومة هذه الأيام يرمي إلى إغلاق المراكز التعليمية الخاصة (مراكز تعطي دروس إضافية للتلاميذ وتعرف انتشار واسع في معظم أرجاء تركيا)، بحجة عدم تكافؤ فرص الإستفادة من هذه المراكز، و أنها لا تتماشى مع مشروع إصلاح المنظومة التعليمية بتركيا الذي أطلقته الحكومة منذ سنوات. غير أن باحثين وفاعلين مدنيين يؤكدون على أهمية هذه المراكز التعليمية في دعم التلاميذ في تحصيلهم الدراسي و التحضير الجيد لامتحانات دخول الجامعات التركية، وأنها تشكل حلقة أساسية في المنظومة التعليمية بالبلاد. وأن تبريرات الحكومة من أجل إغلاقها لا أساس لها من الصحة. و من جهة أخرى، أشارت بعض الصحف التركية إلى أن الهدف من هذا القرار هو التضييق على نشاطات الجماعة نظرا لأن نسبة مهمة من هذه المراكز تابعة للجماعة. قبل أيام قلائل، تفاجأ الرأي العام التركي بوثائق سرية لأحد اجتماعات مجلس الأمن القومي التركي لسنة 2004، سربتها جريدة طرف التركية. تشيرالوثائق إلى أن المجلس اتخذ قرارا، بحضور رئيس الوزراء رجب طيب أردغان وبعض وزرائه بالحكومة، لتصفية مختلف الجماعات الإسلامية العاملة في البلاد. هذه الوثائق السرية اعتبرها البعض أنها توضح الأسباب الحقيقية وراء قرار إغلاق المراكز التعليمية الخاصة الذي تتدارسه الحكومة. غير أن وجهة نظر أخرى تشير إلى أن موقف وزراء العدالة والتنمية ما هو إلا تنازل تكتيكي في مرحلة معينة، و الدليل على ذلك أن القرار الذي تم اتخاذه لم يعرف طريقه للتنفيذ. بل عرفت معظم هيئات المجتمع المدني بالبلاد، من ضمنها الجماعات الإسلامية، حرية كبيرة في أنشطتها ولم تتعرض لأي تضييق يذكر. هذه الحالة المتأزمة التي تعرفها العلاقة بين الحكومة و جماعة الخدمة، والتي تظهر جليا في الحرب الإعلامية الشرسة، ربما تؤثر في نتائج الإنتخابات البلدية والرئاسية التي ستعقد بعد شهور، خصوصا إذا قررت الجماعة دعم حزب آخر غير حزب العدالة والتنمية الحاكم. * طالب مغربي مقيم بتركيا