مجلس الحكومة يتدارس مدونة السير    سعر الذهب يسجل مستوى قياسيا جديدا    بورصة البيضاء تفتتح التداول بالأخضر    المكتب الوطني للفضاء المغربي للمهنيين يناقش تحديات التجارة والاستثمار ويدعو لإصلاحات عاجلة    ما هي ظاهرة النينيا التي تؤثر على طقس المغرب؟    سدود حوض سبو استقبلت حوالي 600 مليون متر مكعب بفضل التساقطات المطرية الأخيرة    دعوات للاحتجاج أمام البرلمان تنديدًا باستئناف إسرائيل عدوانها على غزة    حماس تعلن مقتل أربعة من قادتها في هجوم الاحتلال المباغت على القطاع    الرئاسة المغربية لمجلس السلم والأمن: المملكة تدعو إلى العمل على استعادة الاستقرار والسلم والازدهار بجنوب السودان    ضبط 300 كيلو من اللحوم والأغذية الفاسدة في خنيفرة    مشروع قانون لاستغلال المقاهي والمطاعم يشعل فتيل الخلاف بين المهنيين    خبير ينتقد تقرير المجلس الأعلى للتربية والتكوين حول مدارس الرّيادة لأنه يفتقد إلى الموضوعية والعلمية    وفاة الصحافي محمد رشيد ناصر.. فقدان صوت إذاعي مميز    أربع ميداليات للمغرب في الألعاب العالمية الشتوية - تورينو 2025    مدرب رينجرز يشيد بإيغامان: "موهبة كبيرة ويمكنه الوصول إلى مستويات عالية في عالم كرة القدم"    الركراكي يصر على قدوم لاعبه الطالبي إلى التدرايب رغم الإصابة والصحراوي يلتحق مصابا    أولمبيك خريبكة يعين شبيل مدربا في خطوة أخيرة لتجنب الهبوط إلى قسم الهواة    ميلاد رسمي لنشاز سياسي    الكونغرس البيروفي يحث الحكومة على دعم مغربية الصحراء    التغيير في المغرب ممكن لكن بشروط..!    طقس الثلاثاء: أمطار وثلوج بعدد من المناطق    كيوسك الثلاثاء | المغرب يتربع على عرش مصنعي السيارات بالشرق الأوسط وإفريقيا    تعديلات في مسطرة تحصيل غرامات مخالفات السير على طاولة مجلس الحكومة الخميس المقبل    أكثر من 350 قتيل بعد استئناف اسرائيل عدوانها على قطاع غزة    حماس: نتنياهو قرّر "التضحية" بالرهائن    روبنسون الظهير الأيسر لفولهام الإنجليزي: "حكيمي أفضل ظهير أيمن في العالم"    دراسة: نقص الوزن عند الولادة يؤثر على استعداد الأطفال لدخول المدرسة    الانتقال الرقمي.. دينامية جديدة للتعاون بين الرباط وواشنطن    الصين تطلق أول سفينة ركاب سياحية بحرية كهربائية بالكامل    الجزائر ترفض قائمة بجزائريين تريد باريس ترحيلهم وتندد بهذه الخطوة    مختصون يناقشون راهن الشعر الأمازيغي بالريف في طاولة مستديرة بالناظور وهذا موعدها    المغربية أميمة سملالي تفوز بجائزة أفضل حكمة في بطولة العالم للملاكمة النسوية    شراكة جديدة بين مؤسسة التمويل الدولية والمركز الجهوي للاستثمار بجهة طنجة-تطوان-الحسيمة لتعزيز التنافسية المستدامة للجهة    "التراث الإسلامي في طنجة: بين ندرة المعطيات وضرورة حفظ الذاكرة"    إسرائيل تشنّ هجوما واسعا على غزة    "إفطار رمضاني" في العاصمة الرباط يُنوه بتوازن النموذج الحضاري المغربي    مارين لوبان تدعو الحكومة الفرنسية إلى التصعيد ضد الجزائر    الشباب وصناعة القرار: لقاء رمضاني لحزب التجمع الوطني للأحرار بأكادير    شراكة استراتيجية تحول جهة طنجة تطوان الحسيمة إلى مركز استثماري أخضر عالمي    الشيخ أبو إسحاق الحويني يرحل إلى دار البقاء    الترجمة و''عُقْدة'' الفرنسية    مطارات المملكة تلغي التفتيش المزدوج وتكتفي ببوابات مراقبة أتوماتيكية    الألكسو تكرم الشاعر محمد بنيس في اليوم العربي للشعر    "دخلنا التاريخ معًا".. يسار يشكر جمهوره بعد نجاح "لمهيب"    "طنجة تتألق في ليلة روحانية: ملحمة الأذكار والأسرار في مديح المختار"    الاتحاد السعودي يستهدف عبد الصمد الزلزولي    التوتر الأسري في رمضان: بين الضغوط المادية والإجهاد النفسي…أخصائية تقترح عبر "رسالة 24 "حلولا للتخفيف منه    الرياضة في كورنيش مرقالة خلال رمضان: بين النشاط البدني واللقاءات الاجتماعية    الدبلوماسية الناعمة للفنون والحرف التقليدية المغربية.. بقلم // عبده حقي    البطولة الاحترافية "إنوي" للقسم الأول (الدورة ال 25).. شباب المحمدية ينهزم أمام ضيفه حسنية أكادير (4-0)    دراسة جديدة تربط بين الطقس الحار وأمراض القلب في أستراليا    شهر رمضان في أجواء البادية المغربية.. على إيقاع شروق الشمس وغروبها    حادثة سير خطيرة قرب طنجة تسفر عن وفاة وإصابات خطيرة    لا أيمان لمن لا أمانة له ...    الأدوية الأكثر طلبا خلال رمضان المضادة للحموضة و قرحة المعدة!    ارتباك النوم في رمضان يطلق تحذيرات أطباء مغاربة من "مخاطر جمّة"    أبرز المعارك الإسلامية.. غزوة "بني قينقاع" حين انتصر النبي لشرف سيدة مسلمة    ظاهرة فلكية نادرة مرتقبة فجر يوم غدٍ الجمعة    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



إلى السيد (عيوش) و (بودهان) و آخرين
نشر في الرأي المغربية يوم 20 - 11 - 2013

في ذروة الأزمة الإقتصادية التي ترمي بظلالها على الوضع الراهن للبلاد, و التي تستدعي تركيزا مطلقا من كل الفاعليين داخل الوطن, و تتطلب تظافرا و تناغما دقيقا من جميع الأطراف , يخرج علينا السيد "عيوش" بآخر شطحاته المعهودة, و التي لا تمت بصلة لا لإنشغالات المواطن المغربي و لا لحساسية الظرفية الإقتصادية و الإجتماعية التي يمر بها الوطن. فبينما تجتهد العقول في محاولة حثيثة و مستميتة لإيجاد مخرج من المأزق الإقتصادي العالمي, و الذي حط رحاله مؤخرا على أعتاب أهم الشركاء الإقتصادين للمغرب {فرنسا التي فقدت علامة أأأ}, و الظاهر أن المأزق المذكور يأخد نفسه هذه الأيام للضرب بقوة و عنف لا يقلان ضراوة من ما حدث أثناء أزمة 2008 التي عصفت بإسبانيا {شريك آخر لإقتصاد المغرب}, يبعث السيد "عيوش" مذكرة تحمل عصارة نزواته الشاذة إلى الديوان الملكي, مطالبا إياه تبني العامية المغربية في منظومة التعليم الوطنية
فإن كنا نتفق مع مبادرة السيد "عيوش" في جانبها الشكلي, بحكم أن منظومة التعليم العليلة هي أحوج من كل وقت مضى إلى أفكار و دماء جديدة, فإنها من حيث المضمون جاء مخيبة لكل الآمال و أنتجت داخل الأوساط المهتمة حالة من التذمر و الخيبة. فمنظومة التعليم في المغرب بحاجة ماسة إلى تأهيل رجال التعليم {مراكز التكوين, ...}, و إعادة تشكيل البرامج { التخصصات, المقررات, ...}, و توفير الإمكانيات {المدارس, المختبرات, ...}, و مراجعة المناهج {طرق و وسائل التلقين,...}. هذه بإختصار الجوانب الرئيسية التي يجب التركيز عليها و بذل الجهود للرقي بها. فأيا كانت اللغة أو اللغات المعتمدة في تلقين العلوم و المعارف الختلفة, فإن نجاح منظومة التعليم رهين, أولا و قبل كل شيء, بمدى نجاعة المحاور الأربع المذكورة أعلاه. أما ما أقدم عليه السيد "عيوش", و سانده فيه آخرون, فلن يقدم أي إضافة لمنظومة التعليم الوطنية, بل و نظنه سيخرج عن السيطرة ما هو قائم من إجراءات و تدابير. فالسيد "عيوش" بتركيزه على أمور هامشية كتبنى الدارجة المغربية عوض الخوض في الأولويات لإصلاح التعليم في المغرب, يحاول إقتياد العجل من ذيله عوض الشد على رأسه
كما هو معلوم فإن اللغة جسم متحرك, ينشأ و يتغير ويتطور بفعل عوامل مختلفة, و هي بمتابة كائن حي أيضا, فاللغة تعيش و تتلاقح و تتوالد و تموت. و لا تخرج اللغة العربية عن هذا السياق, كما أنها لا تعتبر حالة إستثنائية بمعزل عن هذه الخصائص المذكورة. و هكذا فإذا كان السيد "عيوش" و قبله السيد "بودهان" في مقاله: لم الخوف من الدارجة المغربية؟ يتوهمان أن اللغة العربية تسير في تضاد مع الخصائص المذكورة أعلاه , فنقول لهما أن هذه الخصائص بالضبط هي سبب صمود اللغة العربية و شيوعها على هذا النطاق الواسع. فالتاريخ أثبت أن مرونة اللغة هي الضامن الحقيقي لوجودها و إستمرارها, و أن التشدد في الحفاظ على اللغة بمقوماتها الأصلية القديمة لن يجلب لها إلا النفور, و النسيان, و الإنقراض. كما أن كل اللغات الحية بما فيها العربية عرفت منحى التغيير و التطور المتواصل و المستمر. فإذا كان السيد "بودهان" يعتقد أن إبتعاد أسلوب العربية الحديث عن أسلوبها القرآني دليل عجزها و عوزها, فنقول له أن علماء اللسانيات يرون في ذلك دليلا على مرونتها و ثرائها, و بالتالي صمودها و مواكبتها لمتطلبات العصر. أود أن أعرف رأي السيد "بودهان" في اللغات الأعجمية الأخرى. فهل شأنها عنده كشأن العربية, نصف ميتة أو نصف حية؟ فالكل يعلم أن فرنسية "موليير" لم تعد تمت بصلة إلى الفرنسية الحديثة. و إنجليزية "شكسبير" باتت بعيدة عن اللغة الإنجليزية المستعملة حاليا. كما أن أسلوب "غوت" في نصوصه الألمانية أضحى يتعذر على الشباب الألماني فهمها و إستيعابها. فاللغة بشكل عامة, شأنها شأن الكائنات الحية. تنطبق عليها أدبيات نظرية التطور الدروينية. فصمودها رهين بمدى تأقلمها و إنسجامها مع محيطها و متغيراته, و إنذثارها راجع بالأساس لإخفاقها في إستيعاب حركية الزمن و أولويات الأجيال. لدا, نقول للسيد "بودهان" أننا سنعمل في الحاضر و المستقبل على تطوير اللغة العربية و إثراءها, دون المساس بنحوها و صرفها و شكلها
أما في ما يخص اللغة الأمازيغية, فنراها في خندق واحد بجوار العربية. كلاهما مستهدفتان بتوصية السيد "عيوش", بإعتبارهما لغتين رسميتين للوطن و معتمدتين في المدارس و المؤسسات التعليمية
سأغتنم هذه الفرصة للرد كذلك عن مقال السيد "بودهان" الأخير و مقالات سابقة في نفس الموضوع. إني و بكل إحترام, لم أفقه كثيرا ما كتبه في شأن الدارجة المغربية, لكن ما لمسته هو قناعة زائدة عن اللزوم في ما يراه في العامية المغربية خلاصا من كل الويلات التي تتخبط فيها البلاد. كما استعصى علي الخروج بخلاصة حول رأيه في أصل الدارجة المغربية. فمرة ينسبه إلى العربية و مرة أخرى إلى الأمازيغية. كما أنه يرى في إعتماد الدارجة إنقاذا للعربية تارة, و ردا لإعتبار الامازيغية تارة أخرى. لحبذا لو وضح السيد "بودهان" رأيه مرة أخرى و كشف لنا, بالملموس, وصفته السحرية التي لم تخطر على بال أحد و القائلة أن الدارجة المغربية من شأنها أن تخفض من نسبة الأمية في بلادنا و تنهض بالعلوم و المعارف و تيسر إستيعابها و الإستفادة منها. فما وجدنا في مقاله الأخير سوى طول في السطور و غموض في الأفكار و تضارب في الآراء. فحبذا لو وضح لنا كذلك ما جاء بمقال سابق له و الذي أكد فيه بأن تعلم العربية وحدها لا ينتج إلا التخلف و الجهل المدرسي. فكلامه هذا برأينا فيه نكران مطلق لما أسدته لغة الضاد من جميل إستفادت منه عدة حضارات سابقة في الأندلس و بغداد و الغرب المسيحي. فلو كان تخلف أو تقدم الشعوب راجع إلى اللغة المعتمدة كما يظن السيد "بودهان", لكانت الشعوب الإفريقية, بشقيها الفرنكفوني و الانجلوسكسوني أحسن حالا من ما هي عليه اليوم. لكن يبدو أن كره السيد "بودهان" الدفين للغة الضاد السامية أخرجه عن الصواب و أفقده الجدية و الموضوعية في تحليله للأشياء
لن أخوض في قدرات الدارجة المغربية و تركيبتها لأنه لم يسبق لي أن رأيتها كتابة, أو قرأتها نصا, أو كتبتها جملا, و إن كنت أتكلمها دوما. فحبذا لو أن السيد "عيوش" أو السيد "بودهان" قام بإفادتنا بمقال محرر بالعامية المغربية حتى يتسنى للقارئ أن يقول كلمته بشأن فصاحة الدارجة و تركيبة قواعدها إن هي وجدت أصلا
لا يسعني إلا أن أقول في النهاية للسيدين "عيوش" و بودهان" أن إصداركما مقالا بالعامية المغربية هو الكفيل بالبرهنة على جدية توصياتكما و قناعاتكما الزائدة, و لكي لا يقال عنكما كذلك أنكما في كل واد تهيمون و تقولون ما لا تفعلون. و اعلما أن مصداقيتكما ستكون في الميزان إن عجزتما عن إفادتنا في هذا المضمار


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.